انتقد محللو ماليون ومسئولون بشركات السمسرة التركيز علي العرض المالي علي حساب العرض الفني في صفقات الاستحواذ علي البنوك، وقالوا إنه من الأفضل الاهتمام بالعرضين معاً حيث إن العرض الفني الجيد هو الذي يضمن استمرار النشاط والمحافظة علي حقوق العاملين وتطوير أداء البنك المستحوذ عليه. علي جانب آخر أشار المحللون إلي الدور الذي يلعبه البنك المركزي في هذا الإطار حيث من حقه سحب ترخيص البنك المستحوذ الذي لا يلتزم بما جاء في عرضه الفني المقدم للاستحواذ علي بنك ما. وكانت الفترة الماضية قد شهدت انتقاداً من قبل البعض للعرض المالي المتعلق بصفقة بيع البنك المصري الأمريكي والتركيز علي هذا الجانب، مع تجاهل الحديث عن العرض الفني رغم أهميته من وجهة نظر العاملين بالبنوك والسلطات النقدية. في البداية يقول محمد وجيه العضو المنتدب بشركة طيبة لتداول الأوراق المالية إنه في حالة الاستحواذ علي أية شركة مساهمة أو بنك فان المالك القديم يهمه في المقام الأول استمرارية النشاط ومن هنا فان العرض الفني يهتم بالتأكيد علي ذلك وأيضاً علي خطة المشتري لإدارة البنك المبيع كما يهتم بتوضيح الخبرات السابقة للمشتري، فمثلاً عند شراء بنك لابد أن يكون المشتري لديه خبرة بالإدارة المصرفية والاستثمار وكل الأنشطة التي يقوم بها البنك وذلك حتي يضمن المالك القديم استمرارية العمل بنجاح. مذكرة معلومات وأضاف وجيه أن الاستحواذ يختلف عن بيع سهم في البورصة والذي لا يؤثر كثيراً علي كيان البنك الذي يتم بيعه أو إدارته، أما في الاستحواذ فانه إذا حصل المشتري علي 60% من حجم أسهم البنك فهذا يعني أن مجلس إدارة البنك وقراراته أصبح في يد جهة أخري، ومن هنا تأتي أهمية المعرفة الدقيقة للمشترين وهذا لن يتأتي إلا من خلال الدراسة الجيدة للعرض الفني ومقارنته بغيره من العروض. وتقول إنجي سعيد باحثة اقتصادية بشركة الإيمان للوساطة إن أية شركة تطرح للبيع تكون تابعة لشركة قابضة أو للحكومة. وعند الطرح يقوم المسئولون عنها بإعداد مذكرة تحتوي علي كل المعلومات الخاصة بهذه الشركة وهذا ما يحدث عند بيع أحد البنوك حيث يتم إعداد مذكرة معلومات تتضمن عدد فروعه رأسماله عدد العملاء الخدمات التي يقدمها. وتقدم هذه المذكرة للمستثمر نظير مبلغ مالي يصل في بعض الأحوال لعشرة آلاف جنيه وذلك لإثبات الجدية. وبعد ذلك تقدم الجهة المسئولة عن البيع كراسة شروط تتضمن المتطلبات التي تريدها هذه الجهة في المستثمر الذي يتقدم للشراء وعلي أساس هذه الشروط يبدأ المستثمرون في تقديم عروضهم المالية والفنية. وتستطرد إنجي قائلة: العرض الفني يعني الخطة المستقبلية للعمل بحيث يحدد المشتري كيفية إدارة البنك والخدمات التي سيقدمها هل سيزيد أو يقلل العمالة؟ ولأي سبب؟ هل سيتم الدمج مع بنك آخر أم لا؟ وأي بنك يقترحه للدمج فروع البنك.. ولابد أن يراعي المشتري الشروط الواردة في كراسة الشروط بما يوفر له الربح ويساعد النشاط علي الاستمرار في تقديم خدماته هذا بجانب حماية المستفيدين من هذه الخدمات. الضوابط والشروط وحول وجود ضوابط وشروط للعرض الفني يقول محمد وجيه إن كل عرض وله شروطه علي حسب من يقدمه لأنه ما هو إلا رؤية للمشتري عن خطته المستقبلية إزاء المؤسسة التي قام بشرائها ولكن لابد أن يكون له ضوابط أهمها توافر الخبرة لدي المشتري بما يضمن استمرارية العمل بالإضافة إلي القدرة المالية للمشتري وحجم استثماراته وذلك لمعرفة هل يستطيع تحمل أعباء الشراء أم لا أما فيما عدا ذلك فان العرض الفني يتميز بالمرونة وكل مستثمر يكون حر فيها يقدمه من عروض. ويختلف مع الرأي السابق شريف نور الشريك المسئول عن قسم الاستشارات المالية بمكتب برايس ووترهاوس ويقول إنه لا توجد شروط أو ضوابط حتي يتم قبول العرض الفني وذلك لأن القائمين علي تقييمه ينظرون بالدرجة الأولي للعرض المالي. وأضاف أنه فيما يتعلق بالعرض الفني يوجد فرق كبير بين ما يحدث في الواقع الفعلي وبين ما يفترض أن يحدث فمن المفترض أن تتأكد الجهة المسئولة عند البيع من أن المشتري سيقوم بتطوير أداء البنك وسيحافظ علي العاملين... إلخ، أما ما يحدث في الواقع الفعلي فهو مختلف تماماً حيث يتم النظر بالدرجة الأولي للعرض المالي وذلك لأن ما يعرض للبيع غالباً ما تكون حصة مال عام لذلك يباع بالسعر الأعلي خوفاً من توجيه الاتهامات من أن البيع تم بسعر منخفض ومن هنا تعطي الأولوية للعرض المالي حتي ولو كان العرض الفني علي درجة عالية من الكفاءة. وأضاف أن هذا هو ما حدث عند بيع البنك المصري الأمريكي حيث كان السعر الذي بيع به البنك هو أعلي عرض مالي تم تقديمه.