فيفيان محمود لم يكتف الكاتب والروائى الكبير مصطفى نصر بدوره المعروف فى عالم الرواية ولكنه خاض مجال التاليف الدرامى للاذاعة مثل كل من الروائى سعيد سالم والروائى منير عتيبة وللحق فقد كان مصطفى نصر عاشقا للدراما الاذاعية وعلى معرفة تامة بتاريخ ممثليها، ومؤلفيها، المخرجين وأيضًا الملحنين واعلاميين أثروا فى بناء هذه الاذاعة وأخذ على عاتقه تعريف الناس بهم خارج حدود الاسكندرية فهو يرى أنهم يستحقوا ذلك لما يملكوه من موهبة وإبداع وتميز وأن من حقهم أن يخرجوا من هذا الحيز الضيق ويعرفهم الناس على نطاق واسع، وعلى هذا بدأ الكتابة عنهم وعن تاريخهم لتتذكرهم الأجيال القادمة، وتعرف عن دورهم الكبير فى بناء صرح إذاعة الاسكندرية. كتب مصطفى نصر عن المخرجين: حسين أبو المكارم، عبد الحى شحاته، خالد منيب. ومن الممثلين: جمال السنوسي، أمين هاشم، د. سامى منير، محاسن عبد اللطيف، نادية أمير، ونادية إبراهيم. ومن المؤلفين: محمود الكمشوشي، كامل حسني، ود. محمد بشير صفار. وعن الشخصيات المؤثرة فى الإذاعة كتب عن: حافظ عبد الوهاب، وجمال توكل، نبيل عاطف، وصابر مصطفى. وعن انضمامه للإذاعة حكى قائلا أن السبب فى ذلك يرجع إلى الفنان السكندرى محمد خليل رحمه الله الذى كان على معرفة وثيقه به حيث ذهب معا إلى الإعلامى صابر مصطفى مدير إذاعة الإسكندرية حينذاك والذى رحب به وكان ذلك مواكبًا لصدور روايته «جبل ناعسة» والتى تحمس لها صابر مصطفى وطلب منه تحويلها إلى مسلسل إذاعى ولكن للأسف لم يكتمل هذا المشروع. وانشغل بعدها مصطفى نصر بعالمه الروائى ليعاوده الحنين مجددًا للإذاعة، ويبدأ مشواره معها عبر سلسلة من الأعمال الدرامية التى جمعتنا معًا لنكون ثنائى إبداعى منذ عام 1992 حتى عام 2006 حيث جمعنا سلسلة من الاعمال الدرامية. كانت البداية مع تمثيلية «الاختيار» تلاها تمثيلية «الآخرون» ثم «القرية الجديدة» ونتشارك بعد ذلك فى برنامج درامى بعنوان «حكاية زواج» والذى استمر عدة دورات إذاعية وحقق نجاحًا كبيرًا، وكان يحكى عن أشهر الزيجات التاريخية محليا وعالميا، مثل زواج فاطمة رشدى والمخرج المسرحى عزيز عيد، شجره الدر وعز الدين ايبك، مارلين مونرو والكاتب المسرحى ارثر ميلر، الشاعر ديك الجن وورد، زواج الكاتب العالمى تولستوي. وهكذا تنوعت الحلقات بهذه المادة المشوقة وكان هذا النجاح السبب فى تحويل هذا البرنامج إلى كتاب صدر منه عده طبعات تحت عنوان «زواج العباقرة والمشاهير» وعلق عليه قائلا أدين بهذا الفضل فى هذا الكتاب إلى إذاعة الاسكندرية. ومن ذكرياته أيضًا عن هذا البرنامج الذى كتبه بالفصحى أنه تعلم الكثير من قواعد اللغة العربية أثناء حضوره للبروفات والتسجيل من كل من مبروك عبد العزيز وأحمد ابو العينين أحد أبطال البرنامج وذلك من خلال تصحيحهم اللغوى للنص ومناقشه كل صغيرة وكبيرة تخص اللغة مما أفاده فى كتاباته فيما بعد. وهو بشكل عام كان دائم الحضور أثناء بروفات وتسجيل أعماله وربطته علاقات صداقة بكثير من الفنانين الذين شاركوا فى أعماله. واشتركنا معا فى سهرات إذاعية مدتها ساعتين وكانت البداية مع السهرة الكوميدية «جواز عبد العظيم أفندي» وأتذكر أنه طلب أن يقوم بهذا الدور الفنان القدير جمال السنوسي، فقد كان يحب صوته وأدائه التمثيلى، بمشاركة كلا من الفنانة محاسن عبد اللطيف، خميس عبيد، وسوسن صالح، وغيرهم. والسهرة الثانية كانت بعنوان «حلم ولا علم» واختتم مصطفى نصر أعماله الإذاعية بالسباعية الكوميدية «لوكاندة المفاجات» ويحسب للكاتب والروائى الكبير مصطفى نصر كمؤلف إذاعى أنه تميز بأفكاره الجديدة، وانفرد بطريقة مميزة فى الكتابة اختلف بها عن غيره من المؤلفين، ربما لامتلاكه القدرة على الوصف ورسم الشخصيات بدقة وأعتقد أن ذلك يعود إلى كونه روائى فى المقام الأول فكان المستمع يشعر عند متابعة أعمال الإذاعية أنه أمام عمل سينمائى وليس إذاعي. وكان آخر تواصل بينى وبين الكاتب والمؤلف الكبير مصطفى نصر عام 2021 لتحويل روايته «ما لم يقله البحر» إلى مسلسل إذاعى بقلم السيناريست والمؤلف الإذاعى محمد أبو المعاطي، وبالفعل تم كتابة وإجازة الخمس حلقات الأولى منه، ثم أتم المؤلف باقى الحلقات، وكان مصطفى نصر سعيدا جدا بهذا العمل بل اشترك معنا فى ترشيح النجوم، ولكن لأسباب خارجة عن إرادتنا لم يرى العمل النور. وقد لقب الروائى مصطفى نصر بلقب نجيب محفوظ الثغر ويحكى أن أول من أطلق عليه هذا اللقب هو الإذاعى القدير ومدير إذاعة الإسكندرية الأسبق نبيل عاطف، وبعده كرر الآخرون اللقب. ومن الملفت للنظر أن مصطفى نصر لم يكتفى بتعريف الناس بشخصيات سكندرية فقط بل امتد ذلك إلى احياء المدينة: كرموز، غبريال، محطة الرمل، الإبراهيمية، الورديان. حاكيا أدق التفاصيل عن سبب هذه التسميات، وأيضا كتب عن شوارع المدينة، وحتى السينمات القديمة بها كسينما ليلى بباكوس، وسجل كل ذلك على صفحته على ال«فيس بوك» ليظل مرجعا لكل ما هو عتيق وبه رائحه عبق التاريخ لمدينة الاسكندرية. رحم الله مصطفى نصر عاشق مدينة الاسكندرية بقدر حبه لها. مخرجة فى إذاعة الإسكندرية