اخطاء العظيم مثله عظيمة.. وجرائم جورج بوش الزعيم الاوحد لعالم آخر الزمان مثله عظمي! وقانون المخابرات الذي يعطي الشرعيةالمطلقة للتسجيل الصوتي للافراد خلسة دون علمهم ودون اذن قضائي مسبق عمل اجرامي من اعمال دولة بوليسية من دول العالم الثالث.. السناتور آرلن سبكتر رئيس اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ الامريكي يصف مشروع القانون الاجرامي بانه: "خطأ فادح.. لا يمكن الاعتذار عنه"! وعلي طريقته يكابر بوش بغباء ويتهم معارضي مشروع القانون المشبوه بانهم يساندون العدو ويمدون يد العون لتنظيم القاعدة في وقت الحرب.. هذه الحيلة الركيكة للتملص من الجرم لا تخيل علي احد.. وتتناقض لحد الارتطام مع موقف رموز الحزب الجمهوري الحاكم ضد مشروع القانون المجنون! انها سقطة مجرمة للرئيس الامريكي.. وصدمة مروعة للنظام السياسي الديمقراطي.. وهي تذكر الجميع بمواد القانون التي حوكم بمقتضاها ريتشارد نيكسون سنة 1974 كانت تجرم مراقبته غير القانونية للحزب الديمقراطي وبثه لاجهزة التسجيل غير المشروعة في مقر الحزب بووترجيت! وقد زرت المقر وعاينت مواقع التسجيل في قاعاته اثناء زيارة لي لامريكا بدعوة من ادارة ريجان الثانية في العام 1986! "رئيس الحرب" المولع ظاهريا بالقتال المتهرب منه وهو بعد في صدر الشباب تعهد بان تنفيذ قانون التسجيل بغير اذن قضائي سوف يستمر في كل الاحوال رغم انف قانون حقوق الانسان وقانون مراقبة المخابرات الخارجية.. وهو نوع من البلطجة السياسية لا يليق برئيس الدولة الديمقراطية الاعظم. رمي بوش القفاز في وجه الكونجرس وهو يقول بتطاول: "ان مناقشة مفتوحة لمشروع القانون سوف تكشف للعدو تصرفنا في الموقف" وهو بذلك يتجاهل عمدا ان الحوار هو جوهر الديمقراطية وعمادها وكما تقول فصلية "ذا نيش" الأمريكية: "بغير الشوري والحوار، لا يبقي من الديمقراطية شيء يمنع الانزلاق الي الفاشية authoritarianism"! الكارثة بعينها ان اوراقا رسمية لمكتب التحقيقات الفيدرالي تم تسريبها تفيد بان المكتب توسع في تعريف الارهاب داخل الوطن بحيث يشمل المواطنين المشاركين في احتجاج سلمي او عصيان مدني.. وبذلك يصبح حق الاضراب جريمة ارهاب! السياسيون من نقاد الرئاسة الامريكية يتساءلون: الي اين تمضي مفاجأة بوش؟ اذا كان يصور النقاد وناقلي الاخبار بانهم متعاونون مع العدو.. هل هو نوع من جنون العظمة والاضطهاد يمد قائمة التسجيل الخفي لتشمل الصحفيين ورجال الدولة؟! وإزاء هذا الغضب العام الذي يجتاح الجمهوريين قبل الديمقراطيين لاحتقار الرئيس بوش للحقوق الدستورية الاصيلة هل يمكن لاحد ان يتصور ان التسجيل غير المأذون سوف يؤذن في النهاية بتحطيم رئاسة جورج بوش نفسه؟! نار.. لهيبها مؤجل! يحدث هذا اللغط والتشوش الرئاسي عشية عام جديد يشهد انتخابات التجديد النصفي للكونجرس بمجلسيه ويبشر بعودة نفوذ الديمقراطيين المهيمن علي السلطة التشريعية.. وهو انقلاب يحدث للمرة الاولي منذ هيمن الجمهوريون علي اهم قلعتين في افينيو بنسلفانيا بواشنطن البيت الابيض والكونجرس علي تل الكابيتول! وفيما يخص تمديد قانون المواطن الجائر جاهد الجمهوريون عتوا علي الديمقراطيين وتخويفا حتي سمح الديمقراطيون بتمديد سريان القانون ل6 اشهر فقط.. وهو مجرد تأجيل لمعركة حاسمة تتأجج نارها في الكونجرس اوائل العام المقبل! رئيس مجلس النواب دنيس هاستيرت -جمهوري- حاول باستماتة تمرير تمديد قانون المواطن تمديدا مطلقا.. ارسل الي نانسي بيلوسي زعيمة الاقلية الديمقراطية بالمجلس يناشدها ان تضع السياسة علي جنب وتقترع علي التمديد المطلق للقانون الجائر بالاجماع.. لكنها اصرت علي اخذ الاصوات "في وضح النهار".. لتجسم معارضة الديمقراطيين للتمديد المطلق علي رؤوس الاشهاد! وزاد من حروجة الصدام القاء البيت الابيض بثقله في كفة التمديد المطلق للقانون بتصريح قوي صدر قبل التصويت بساعات يؤكد ان الرئيس بوش لن يقبل بتمديد قصير الامد للقانون! والتوقع المخطط والاكيد ان يفجر الديمقراطيون خلال يناير المقبل مناقشات كبري في الكونجرس بمجلسيه حول الحريات الشخصية والحقوق المدنية للامريكيين! .. والثابت في النهاية ان تهويمات الديمقراطية التي تتبجح بها الولاياتالمتحدة وترفع عصاها في وجه دول العالم مجرد ادعاء ورداء.. وان فاقد الديمقراطية لا يمكن ابدا ان يعطيها ولا يجوز له مطلقا ان يدعي حراستها! منتصف يناير 2005 أعلن بوش ان انتخابات التجديد لفترة ثانية كانت بالنسبة له لحظة مسئولية.. فاتت اللحظة استغرق فواتها 12 شهرا تمتع خلالها بوش بميزة الشك.. هو في حرب.. بل انه "رئيس الحرب" خطر الموت يحلق كل يوم ويقصف ارواح العشرات من الامريكيين في العراق وبلاد الافغان.. كان لزاما علي الشعب ان يقدم لرئيسه فروض الثقة والولاء.. بينما يؤكد الرئيس ورجاله انهم يعرفون بالضبط خطوط خريطة ما يفعلون! حكامنا ليسوا أفضل منا! .. ثم أفاق الامريكيون.. سحبوا ثقتهم العمياء من تحت اقدام الرئاسة طالبوا بوش بمسئولية حقيقية.. افعال تضاهي الاقوال.. اجوبة عن كل الاسئلة.. خطة مرسومة ومعلنة لنصر اكيد! طأطأ بوش رأسه اخيرا واستجاب.. خطب فاسهب بمنتهي المكاشفة والصراحة.. اجاب عن اسئلة فورية اجابات غير سابقة التجهيز.. اعترف بنكسات حدثت.. وقتلي في العراق بالالوف لم تفصح عنهم الاكفان.. ومعلومات مخابرات قادت الي حروب ضروس رغم انها مستقاة من بائعي "الهوت دوجز" علي عربات اليد في شوارع واشنطن! آخر شهور السنة انتاب الامريكيين احساس عظيم بالارتياح.. انهم يقفون في وجه السلطة موقف السائل والمتسائل.. ويطالبون بوش بابتلاع اكاذيبه وضبط الرطانة الطنانة مع وعثاء الطريق! المعلم الروحي للجمهوريين في الكونجرس، السناتور توم ديلي حذر من ألاعيب الرئاسة وملاعيب الرئيس وانذر بانها قد تؤدي الي المحاكمة.. وكان بوش قد ادلي بتصريح ثقيل قال فيه: انه لا يعطي سلطة التعذيب لاحد.. لكنه قد يعارض اي قانون يمنع وقوعه!! العجب كله أن بوش لم يكن وحده الذي تعثر في لحظة مسئولية.. كثيرون غيره تم كشفهم.. الأممالمتحدة سلمت بان برنامج "النفط مقابل الغذاء" لعراق صدام اسفر عن عملية احتيال ضخمة "massive scam"! فرنسا سقطت في هاوية التمييز العنصري وآمنت بان الحل ليس في عزل عناصر الامة سكوتر ليبي صدمته اكاذيبه علي هيئة المحلفين العليا، ولم يشفع لنجاته انه الذراع اليمني لديك تشيني نائب الرئيس! البعض يميل الي القول بان الديمقراطيات تحيا فقط عندما ننتخب رئيسا أو نخلعه من منصبه.. لكن الروح الديمقراطية الحقة تكمن في ان حكامنا ليسوا افضل منا.. وانهم مسئولون دائما وليسوا فوق المساءلة.. ايا كان الجاه والهيلمان! ... وإن كان علينا من حين لآخر ان نذكرهم بهذه الحقيقية المنسية!!