لا تحظي مشكلة اطفال الشوارع بالاهتمام الكافي من المجتمع المصري لا حكوميا ولا من قبل الجمعيات الاهلية ولا من الشعب في حد ذاته حتي استشرت وأصبحت إحدي القنابل الموقوتة التي تهدد المجتمع وتغتال الطفولة في مصر بعد ان باتت ظاهرة منتشرة في الازقة والحواري والميادين في المدن الكبري والصغري علي السواء. أسر تنام علي أرصفة الكباري وأطفال يقطعون عليك الطريق ويتسولون في كل إشارة مرور.. وكلنا نشاهد لكن لا أحد يحرك ساكنا مثلهم مثل السودانيين الذين يفترشون شارع جامعة الدول العربية ينامون ويأكلون ويشربون ويقضون كل حاجاتهم في هذا الشارع الرئيسي منذ عدة شهور دون أن يتحرك أحد حتي قيل ان كوفي أنان خلال زيارته لمصر الشهر الماضي ناقش هذه الظاهرة بوصفها تخص هيئة بحوث اللاجئين التابع للأمم المتحدة والحقيقة انني لم افهم أبدا ان نستضيف اخوتنا في السودان فتصبح اقامتهم بيننا مشكلة قد تؤدي الي دخولنا أو اقحامنا في قضية عويصة مثل قضية اللاجئين والمقيمين اقامة غير شرعية. والحق ان ظاهرة اطفال الشوارع والذين يقول الخبراء ان عددهم يتجاوز ال2 مليون طفل ليست الظاهرة السلبية الوحيدة في هذا المجال فهناك الطفلة الأم التي تنجب سفاحا في سن 12 عاما وبالطبع في كثير من الاحيان يموت الطفل والام ناهيك عن ظاهرة الاعتداء الجنسي علي الاطفال وغيرها من الانحرافات التي تهدد المجتمع بأسره وأشد ما يقلق ان المسئولين والناس يتكلمون عن هذه الظاهرة ببرود قاتل ولا مبالاة كما لو كان هؤلاء اطفال بلد آخر أو ان هؤلاء الاطفال لا يستحقون ان ينالوا اي حق من حقوق وثيقة حقوق الطفل الذي يتشدق بها كل المسئولين. والأعجب انني لم اقرأ لاي مرشح في الانتخابات انه تناول في برنامجه الانتخابي هذه الظاهرة أو ان هناك دراسات تقدمت بها وزارة الشئون الاجتماعية او الجمعيات الاهلية تأخذ علي عاتقها حل هذه المشكلة فقبل ظهور الجمعيات الاهلية كان هناك الوقف ودور العبادة والزكاة والصدقات ولم يكن في هذا الوقت اي مصري ينام في الشارع فما بالك بالاطفال؟! والملاحظ ان الحكومة قد تخلت او تراجع دورها في الانفاق علي الخدمات العامة والرعاية الاجتماعية في الوقت الذي يزيد فيه عدد السكان فيتجه نصيب الفرد من الدخل نحو الانخفاض الشديد. ان قضية اطفال الشوارع قضية من القضايا المهمة والحساسة وللأسف الشديد لم يعترف مجتمعنا بهذه الظاهرة حتي اصبحت تهدد المجتمع لان الجهود المبذولة لمساعدة هؤلاء الاطفال المشردين نادرة وذلك لضعف الوعي الجماهيري بحقيقة المشكلة وحجمها ومخاطرها السياسية والاقتصادية والاجتماعية بالاضافة الي ضعف الاهتمام الرسمي بل وانعدامه في كثير من الاحيان. ان اهمال قضايا الطفل والاسرة ادي الي افراز 30 ألف طفل مصري تم عقابهم جنائيا خلال عام واحد بعضهم في قضايا قتل. وهذا ليس بغريب فهناك اكثر من مليون طفل يعملون في اعمال مختلفة تعرضهم لمخاطر نفسية وصحية واكثر من مليوني طفل يفترشون الشارع.