كشفت تقارير منظمات المجتمع المدني التي راقبت المرحلتين الأولي والثانية من الانتخابات البرلمانية اساليب البلطجة والرشاوي وألاعيب عديدة للتزوير في عدد كبير من الدوائر واثارت هذه التقارير علامات استفهام حول تنفيذ تلك الملاحظات التي وردت في التقارير من عدمه وهل ستتحول الي مجرد حبر علي ورق وكيف يمكن تفعيلها والاستفادة منها خصوصا في ظل غياب التشريعات القانونية التي تسمح لمنظمات حقوق الانسان بمقاضاة اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية او اكسابها شرعية قانونية تسمح بالتحقيق في هذه التقارير الخطيرة التي رصدت وقائع الرشوة والبطلجة وايضا التزوير. "الاسبوعي" ناقشت هذه القضية واستطلع آراء خبراء السياسة والحقوقيين حولها. في البداية يؤكد د. عبد الله الاشعل مساعد وزير الخارجية السابق وعضو التجمع الوطني لدعم التحول الديمقراطي ان تقارير المنظمات التي راقبت سير العملية الانتخابية رغم اهميتها كوثيقة ادانة للمزورين وفضحها أساليب العنف والبلطجة والتزوير في عدد من الدوائر الا ان هذه التقارير بلا انياب -علي حد تعبيره- ومازالت مجرد حبر علي ورق لعدم وجود نص قانوني يلزم وزارة العدل او اللجنة العليا المشرفة علي الانتخابات باعتماد هذه التقارير او التحقيق فيها للتأكد مما ورد فيها من مخالفات جسيمة ادت الي تزوير او التأثير في ارادة الناخبين. ويضيف د. عاطف البنا استاذ القانون الدستوري بكلية حقوق القاهرة ان الحكومة وافقت علي رقابة منظمات المجتمع المدني للانتخابات بعد صدور حكم قضائي بذلك ولم تستشكل في الحكم لتجعل من هذه المراقبة دليلا علي نزاهة وشفافية الانتخابات. إلا أنه يوضح ان تلك التقارير التي اصدرتها منظمات حقوق الانسان الميدانية اصبحت مجرد بيانات اعلامية كشفت الحقائق للرأي العام ولكن لا يمكن استخدامها كدليل قانوني في الدعاوي القضائية لاثبات تزوير نتائج الانتخابات لان هذه الدعاوي يجب ان يرفعها اصحاب الشأن وهم المرشحون فقط. شهادة حق ويرد محمد زارع المتحدث الرسمي باسم تجمع منظمات المجتمع المدني لرقابة الانتخابات ان التقارير الميدانية لمندوبي المنظمات الحقوقية مجرد شهادة حق تقدمها للمجتمع وسيتم ارسالها الي وزارة العدل واللجنة العليا للانتخابات ومجلس الشوري ورئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية والمجلس القومي لحقوق الانسان. ويعترف نجاد البرعي رئيس جماعة تنمية الديمقراطية بان تقارير المراقبة في اللجان الانتخابية بلا فاعلية قانونية لانها مجرد رصد للمخالفات ولكنه يرفض القول بانها مجرد حبر علي ورق لان اي مرشح تعرض للبلطجة والعنف والتزوير يمكنه الاستعانة بهذه التقارير التي كتبها مراقبون مدربون علي جمع الادلة والوثائق لاثبات المخالفات وذلك تمهيدا للجوء إلي القضاء. ويشير سعيد عبد الحافظ رئيس ملتقي الحوار للتنمية وحقوق الانسان الي ان تقارير منظمات المجتمع المدني فضحت اساليب التزوير واعلنتها للناس جميعا خصوصا وسائل الاعلام وهذا في حد ذاته انجاز يجب البناء عليه بمزيد من الضغوط علي الاطراف المعنية للتحقيق فيما ورد من انتهاكات ومخالفات ادت الي التزوير حرصا علي التجربة الديمقراطية. خطوة إلي الأمام ويري حافظ ابو سعد عضو المجلس القومي لحقوق الانسان ورئيس المنظمة المصرية ان منظمات المجتمع المدني رغم ان تقاريرها بلا انياب قانونية تدفع الحكومة الي التحقيق فيما ورد من بيانات الا ان معظم التوصيات التي كانت تأتي في هذه التقارير اضطرت الحكومة الي الالتزام بها وان كان متأخرا مثل المطالبة باشراف القضاء والصناديق الزجاجية ومراقبة المنظمات داخل وخارج اللجان مشيرا الي ان كل هذه المطالب كانت مرفوضة في انتخابات عام 2000 واستجابت لها الدولة في انتخابات عام 2005 وان كان بصورة غير كاملة ولكن المنظمات نجحت في الحد من تدخل اجهزة الامن لصالح مرشحي الحزب الوطني.