يعمل خارج بر مصر ملايين المصريين ما بين مهاجر وعامل في معظم دول العالم.. ومع هذا لم نفكر في دعوة لتنشيط سياحة الجذور وربط المصريين في المهجر بالوطن الأم.. ولم نوجه دعوة إلي جميع المصريين المغتربين بالخارج لزيارة بلدهم الأم وقضاء أجازاتهم بها واكتشافها كمقصد سياحي دولي متميز ينافس المقاصد السياحية العالمية. ومن الأهمية بمكان كما لا يخفي علي من يضعون سياسات ويرسمون الاستراتيجيات وجود اتصال دائم بين المغتربين والوطن وايجاد حوار بينهم وبين المسئولين لتعريفهم بالأوضاع في بلدهم علي جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بهدف تعميق ولائهم وانتمائهم إليها وأيضاً تزويدهم بالمعلومات اللازمة ليكونوا حلقة وصل إيجابية بين مصر والدول التي يعيشون فيها سواء كانت أجنبية أو عربية أو إفريقية. إن زيارة مصر حلم يعيش في قلوب البشر من مختلف انحاء العالم أما بالنسبة لابنائها في المهجر فهي الحنين إلي الجذور والأصل والاشتياق للوطن الأم.. إن دور السياحة لا يقتصر علي دعم الاقتصاد الوطني فقط وإنما يمتد لتقديم صورة أكثر واقعية وأكثر إشراقاً لمصر من خلال نخبة من أنبغ أبنائها يعيشون في مختلف دول العالم ويمثلون الوجه الأكثر حضارة والأكثر عطاء.. ومصر تستطيع أن تفعل الكثير بالسياحة ومن خلال السياحة لأنها تملك ميزة تنافسية كبيرة في هذا القطاع الحيوي الذي سيزداد التنافس العالمي بشأنه خاصة مع بدء تنفيذ اتفاقية تحرير الخدمات هذا العام ومع سقوط القيود الحمائية فان قضية التصدير تصبح قضية حياة أو موت، ولاشك أن السياحة هي أهم صادراتنا الخدمية والسلعية علي الاطلاق، وبالتالي فان دعمها ومساندتها من كل أجهزة الدولة الرسمية ومن القطاع الخاص ومن المجتمع بأسره يصبح قضية مصيرية ترتبط بها قدرة الاقتصاد الوطني علي انجاز مهام التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا في سوق عالمي مفتوح سيتحقق النجاح فيه علي ضوء المزايا النسبية والقدرات التنافسية لمختلف دول العالم. إن قدرة المقصد السياحي المصري علي امتصاص جميع الأزمات الإقليمية والدولية واستعادة التدفقات في أزمنة قياسية يحتاج إلي سرعة التفكير لايجاد حلول في أسواق أخري وابتكار أنماط سياحية جديدة ومن أهمها الاهتمام بالمغترب المصري الأولي بالرعاية. ولاشك أن مصر قادرة علي استيعاب الأزمة الناجمة عن العمليات الإرهابية التي حدثت في عام 2005 إضافة إلي حوادث الطرق والتي باتت تهدد السياح أكثر من العمليات الإرهابية. إن التعافي الكامل للحركة بل وتحقيق الزيادة التي ننشدها لا يمكن أن تحدث سريعاً ونحن نائمون في العسل نزور الجرحي ونطيب خاطرهم دون أي مجهود يلفت النظر علي طريق حل أزمة قد تكلف مصر سياحياً الكثير وقد تهدد بفقدان ما حققته السياحة المصرية طوال السنوات الماضية. إن الاهتمام بأهلينا في المهجر ودعوتهم للتعرف علي بلادهم سوف تبشر بانتعاش لسياحة الجذور أحد الأنماط السياحية المستحدثة المهمة التي تعتمد أساساً علي المهاجرين المصريين وتعميق علاقة الجيل الثاني والثالث منهم بالوطن الأم كما أن التواصل معهم يتوافق مع توجهات الأحزاب المصرية والشعب المصري في منحهم حق الانتخاب. وإن كثيراً من المغتربين المصريين لا يستطيعون زيارة بلدهم لغلاء أسعار الطيران وعدم وجود برامج سياحية تمنحهم الأمل في زيارة مصر وتعيد إليهم وللسياحة المصرية الروح.