صناعة الاسمنت صناعة قديمة في مصر ففي مصر تتوافر جميع خامات الاسمنت من الطفلة والحجر الجيري والوقود كما ان صناعة الاسمنت صناعة قديمة وآخر تغيير تكنولوجي مهم فيها وهو التحول من الطريقة الرطبة الي الطريقة الجافة ثم منذ عشرات السنين والمصانع المصرية تستخدم الطريقة الحديثة منذ ذلك الوقت. كما ان مصانع الاسمنت مع ضخامة صفات انتاجه فان هذه المصانع يمكن تصنيعها محليا تقريبا بالكامل. فليس هناك موضوع نقل تكنولوجيا. وحتي وقت قريب كانت مصر دولة مصدرة للاسمنت غير انه مع بداية سياسة الانفتاح وبعد حرب اكتوبر تزايد الطلب علي الاسمنت ورغم انه كانت هناك خطط للشركات المنتجة للاسمنت بزيادة الانتاج بعدة ملايين من الاطنان فقد اتبعت سياسة ايقاف الاستثمار في شركات القطاع العام واستعيض عنها بسياسة الاستيراد وهل يتم استيراد الاسمنت وتعبئته محليا ام يتم استيراد الكلنكر وطحنه؟ لا نتناول هنا الاستفادة التي حققها المستوردون. وحتي وقت قريب كان سعر الاسمنت في السوق المحلي يتراوح حول ال 100 جنيه للطن رغم شكوي شركات الاسمنت المصري من ارتفاع اسعار المدخلات خاصة الوقود.. ثم بدأت سياسة الخصخصة. الغريب ان الخصخصة تم فيها بيع شركات الاسمنت للاحتكارات الاجنبية حتي وصل ما استحوذت عليه الي 90% من الطاقة الانتاجية وقد كان من الممكن تماما بيعها لمستثمرين مصريين. الاحتكارات الاجنبية سيطرت علي السوق المحلي وارتفع سعر الاسمنت الي ثلاثة اضعاف تقريبا وهي في ذلك قادرة تماما فهي من ناحية قادرة علي تصدير اي كمية لأن الاسمنت المصري سلعة تتمتع بتنافسية عالية. تكلفة الاسمنت المصري من اقل التكلفة لهذه السلعة عالميا دون الحاجة الي التكنولوجيا الاجنبية المزعومة. والغريب ان سياسة تسعير الاسمنت التي كانت مفروضة علي شركات القطاع العام اصبحت متروكة لحرية السوق. الارباح التي تنزحها الاحتكارات الاجنبية من صناعة الاسمنت هائلة وهي قادرة علي التحكم في العرض في السوق المحلي أليس هذا يمثل نزيفا علي ميزان المدفوعات وهل يتم تحويل عائد التصدير بالكامل لمصر ام ان تلك الشركات تتبع هي أيضا أسلوب الأسعار المحولة وهي علي أي حال تتمتع بحرية تحويل أرباحها للخارج. وبعد كل ذلك أصبحت مصر رغم قدرتها علي إنتاج كميات متصاعدة من الاسمنت ورغم أنها كانت دولة مصدرة للأسمنت فإنها أصبحت في وضع تحتاج فيه إلي استيراد للاسمنت. وزير التجارة والصناعة في رده علي تساؤل خاص بضرورة التدخل بوقف ارتفاع أسعار الاسمنت قال: كما نشرت جريدة العالم اليوم إن الحل ليس في منع التصدير وإنما فتح باب الاستيراد للاسمنت مشيرا إلي أنه تم بالفعل خفض تكاليف الاستيراد. إنما الاستيراد من أين؟ اليس الاستيراد سوف يكون من نفس الاحتكارات العالمية المسيطرة علي سوق الاسمنت في الخارج وهي نفسها المسيطرة علي سوقه الداخلي ألا يصدق علي ذلك المثل الشعبي القديم ابني علي كتفي وبادور عليه؟؟