حذر خبراء التأمين والاقتصاد من خطورة تمرير مشروع قانون التأمينات والمعاشات الجديد مؤكدين أن أي حديث عن تطوير أو تفعيل للتأمينات الاجتماعية مستقبلاً يتطلب أولاً فض الاشتباك بين أموال التأمينات والخزانة العامة وللأسف المشروع المقترح لن يؤدي إلي فك هذا التشابك بل يهدف إلي تحويل أموال التأمينات المملوكة ملكية خاصة ولا يجوز المساس بها أو مصادرتها بحكم الدستور إلي إيراد ات عامة للدولة تتصرف فيها كيف تشاء ودون أدني مساءلة من أصحابها. تحويل أسلوب تكوين الأموال في النظام الحالي إلي نظام الدفع عند الاستحقاق (الموازنة السنوية) وهو الأسلوب الذي تراجعت عنه أغلب دول العالم المتقدم نظراً لإثارة السلبية علي أعباء الخزانة العامة حيث تلجأ هذه الدول لتأجيل الآثار عن طريق رفع سن التقاعد القانوني إلي 65 إلي 70 سنة. الدفع عند الاستحقاق أكد الخبراء أن نقل تبعية صناديق التأمينات من وزارة التأمينات إلي المالية وإلغاء هيئة التأمينات كان إجراء أوليا لتنفيذ مخطط الحكومة لخصخصة نظم التأمين في مصر والتحول من النظام التراكمي إلي نظام الموازنة السنوية (الدفع عند الاستحقاق) وهو نفس الاقتراح الذي تقدمت به لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب في عام 2002 وأيدته اللجنة الاقتصادية في الحزب الوطني ويقوم علي اسقاط ديون الحكومة للتأمينات نهائياً وإنهاء العلاقة المتشابكة بين صناديق التأمينات والمعاشات وبنك الاستثمار وبين الخزانة العامة وهو ما يقتضي التحول من النظام التراكمي الحالي في تكوين الأموال ودفع المعاشات والذي يقوم علي أن يدفع المؤمن عليه من نصيبهم الشهري وتكوين احتياطيات مالية للتأمين ويتم استثمارها ومن ريع الاستثمار تدفع المعاشات، أما نظام الموازنة السنوية يقوم علي تحصيل الاشتراكات وإدراجها في الموازنة العامة للدولة وتتكفل الدولة من دون المعاشات. مخاطر التحول حذر الخبراء من مخاطر هذا التحول مؤكدين أن النظام التراكمي هو الأفضل لمصر واستطاع أن يحقق فائضاً قدره 430 مليار جنيه هي الأموال التي استولت عليها الحكومة ، وفي نفس الوقت لايزال النظام قادراً علي الوفاء بالتزاماته التأمينية تجاه أصحاب المعاشات.. من جانبه أوضح د. محمد عطية سالم وكيل أول وزارة التأمينات سابقاً - أن أسلوب الموازنة السنوية سوف يضاعف من أعباء الخزانة العامة سنوياً ومن المتوقع أن تتكرر أزمة عام 1935 عندما توقفت الخزانة العامة عن صرف المعاشات مشيراً إلي أن العجز المتواصل الذي تشهده الموازنة العامة للدولة والتي تقوم علي إدارتها وزارة المالية سوف يجعلها غير قادرة علي دفع المعاشات. العجز عن الصرف وأكد د. سامي نجيب - خبير التأمينات المعروف - أن النظام التراكمي أو نظام الموازنة السنوية هي مجرد أساليب اكتوارية لتمويل نظام المعاشات في مصر يتم تطبيق النظامين فمعاش سن القانون 112 لسنة 1980 للعمالة غير المنتظمة والذي يضم حوالي 6ر6 مليون مواطن يتم صرف معاشاهم وفقاً لنظام الموازنة السنوية أما القانون 79 لسنة 1975 والذي يخضع له كل العاملين في القطاع الحكومي وقطاع الأعمال وعمال القطاع الخاص فيتم تمويله وفقاً للنظام التراكمي الذي يرتبط بالأجر وهذا النظام لابد أن يظل تراكمياً خاصة أن الدولة تطبق نظام الموازنة في صرف القانون 112 وللأسف الخزانة العامة عاجزة عن صرف معاشات هذا القانون ولذلك اتجهت الحكومة لإلغائه في مشروع القانون الجديد لتخفيف الأعباء عن الخزانة فيكف تستطيع الخزانة العامة تحتمل معاشات كل المصريين. أما د. «أحمد حسن البرعي» فأوضح في دراسة لدخول المشاكل التي تواجه التأمينات الاجتماعية أن أموال التأمينات أموال خاصة مملوكة لمن قاموا بأدائها «المؤمن عليهم» وبالتالي فإن أصدار الحكومة تشريع يؤكد التزامها بكل أعباء المعاشات مقابل نقل أصول وخصوم صناديق التأمينات والمعاشات إلي الخزانة العامة هو إجراء غير دستوري لأن ضم الأموال الخاصة إلي الخزانة العامة يعتبر من قبيل المصادرة التي حظرها الدستور المصري حظراً مطلقاً. التمثيل الصحيح وأكد أن التحول بنظام التأمينات الاجتماعية من نظام التمويل التراكمي أو الكامل إلي نظام الموازنة السنوية - الدفع عند الاستحقاق سيترتب عليه الإضرار بالمؤمن عليهم والمساس بحقوقهم المكتسبة. وأشار د. «البرعي »إلي أن فض الاشتباك بين أموال التأمينات والخزانة العامة يتطلب أولاً أن تكون هيئة التأمينات هيئة مستقلة لها لوائحها الخاصة ومجلس إدارة مشكل علي نحو يكفل تمثيل المؤمن عليهم تمثيلاً صحيحاً وتقوم بإدارة الأموال الخاصة للمؤمن عليهم، ثانياً بحث الوسائل الكفيلة باسترداد التأمينات الاجتماعية لودائعها لدي بنك الاستثمار بحيث تكون الخزانة العامة طرفاً أصيلاً في تقرير هذه الوسائل لأنها المدين الأكبر لتلك الاستثمارات ، ثالثاً وضع سياسة استثمار لأموال التأمينات تتمثل في استثمار الأموال في أصول تحافظ علي قيمتها الحقيقية كالعقارات وإلغاء التزام صندوق التأمين بتحويل الفائض إلي بنك الاستثمار القومي والاستعانة بمؤسسات متخصصة في الاستثمار لإدارة أموال التأمينات بالاتفاق مع مجلس إدارة الهيئة.