أثار مشروع القانون الجديد الذي أعدته وزارة المالية لتطوير نظام التأمينات والمعاشات حالة من السخط العام والقلاقل الاجتماعية نظرا لخطورة المقترحات التي تضمنها المشروع الذي جاء استجابة لمطالب المؤسسات الدولية دون أي اعتبار للبعد الاجتماعي وللظروف المعيشية للمواطن. جاء مشروع القانون ليكشف النقاب عن الاتجاه نحو تحويل نظام التأمينات الاجتماعية إلي نظام إدخار شخصي بما يضر بمستقبل ملايين المصريين ويضرب في الصميم فكرة التكافل الاجتماعي. ويقوم مشروع القانون علي استمرار العمل بالنظام الحالي لأصحاب المعاشات وورثتهم والمشتركين الحاليين مع عدم السماح بإضافة مشتركين جدد.. وسيتم تخفيض أجر الاشتراك في المشروع الجديد من 14% إلي 9%، فضلا عن رفع سن تقاضي المعاش من 60 إلي 65 عاما واستحداث نظام الحسابات الشخصية لكل مؤمن عليه، ويوفر مشروع القانون التغطية التأمينية ضد مخاطر الشيخوخة والعجز والوفاة وإصابات العمل والبطالة وستتم زيادة المعاش بنسبة تعادل معدل التضخم ولا تجاوز 8% من إجمالي قيمة المعاش وأخطرها في المشروع هو إلغاء القانون رقم 112 الخاص بعمال الزراعة والصيد ومن في حكمهم والاكتفاء لمنحهم معاشا من الدولة بمبلغ 100 جنيه. وجه عدد من خبراء التأمينات انتقادات شديدة لمشروع القانون الجديد مؤكدين أنه يمثل ردة في سياسة الحكومة المصرية بالنسبة لمفهوم التأمين الاجتماعي المنصوص عليه في جميع القوانين والمواثيق الدولية خاصة أن النظام المقترح عبارة عن نظام ادخار شخصي ينقل مسئولية الأخطار التي يتعرض لها المؤمن عليه في حياته ومماته إلي العامل نفسه وتخرج الحكومة وصاحب العمل والمستثمرين علي هذه المسئولية واعترض اتحاد أصحاب المعاشات «تحت التأسيس» علي إحالة مشروع القانون قبل عرضه علي منظمات المجتمع المدني والنقابات والاتحاد لمناقشته ومعرفة أوجه القصور فيه. وأكد «نبيل عبدالغني» - عضو الاتحاد - أن مشروع القانون تجاهل الأبعاد الاجتماعية ويقرب كثيرا من نظام التوفير الشخصي وبالتالي فالأفضل لنا أن نوفر في بنوك محترمة بدلا من التوفير لدي الحكومة التي لا تلتزم بأحكام الدستور في صرف العلاوات الاجتماعية ونهبت حوالي 5.22% من معاشاتنا. وأضاف أن القانون ينص علي زيادة المعاشات بقيمة التضخم بشرط لا تزيد علي 8% وخصما من أموال التأمينات وهذا لا يعتبر ميزة لأن أصحاب المعاشات يتقاضون الآن علاوة سنوية وصلت في بعض السنوات إلي 20% من قيمة المعاشات وتلتزم بها الخزانة العامة، أما الحديث عن تخفيض أجر الاشتراك فهو خدعة للناس خاصة أن العامل يدفع 14% من الأجر الأساسي، أما القانون الجديد فيشترط خصم 9% عن الأجر الذي يتقاضاه العامل الأساسي والمتغير وبالتالي فالعامل سوف يدفع 170% من الذي يخصم منه الآن. وحذر د. شكري عازر - المنسق العام للجنة الدفاع عن الحقوق التأمينية - من تطبيق القانون الجديد مؤكدا أنه يهدف إلي تدمير شبكة التكافل الاجتماعي خاصة أن فكرة تدعيم الحسابات الشخصية وزيادة تمويلها للحصول علي مزايا أكثر لن يكون في مقدرة الفقراء لعدم قدرتهم علي الادخار خاصة أن حد الفقر في مصر بلغ 40%. وأوضح د. شكري عازر أن لا حسابات الادخار الشخصية ولا التكافلية ستغطي أخطار العجز والوفاة والمرض وإصابة العمل والبطالة بذأت المستوي الذي تغطيه نظم التأمين الاجتماعي الحالي. ووصف د. محمد إبراهيم حنفي - رئيس هيئة التأمينات الاجتماعية السابق - مشروع القانون بإنه كذبة كبري والكذبة الأكبر. هي إلغاء القانون (112) لسنة 1980 الخاص بالعمالة غير المنتظمة وهم عمال الزراعة والصيد ومن في حكمهم والذي يغطي حاليا حوالي 6 ملايين مواطن والاكتفاء بمنحهم معاشا قدره 100 جنيه. أما «د. محمد عطية سالم» وكيل أول وزارة التأمينات سابقا فأكد أن مشروع القانون الجديد يجعل التقدم في العمر أقل أمانا، كما أن الحسابات الشخصية لا تصلح لمعالجة خطر البطالة ولا يمكن أن يغطي تأمين البطالة العمال المؤقتين والعرضيين مشيرا إلي أن صرف تأمين بطالة لا يعد آلية جديدة في المشروع المقترح ولكنه قائم بالنظام الحالي.