لأن القضية مهمة وحيوية وتهم الملايين من كبار السن وأصحاب المعاشات في مصر تواصل «الأهالي» مناقشة مشروع قانون التأمينات والمعاشات الجديد والذي يأتي استجابة لمطالب المؤسسات الدولية دون أي اعتبار للبعد الاجتماعي وظروف المواطنين. أكد عدد من خبراء التأمين ومن بينهم د. سامي نجيب أن أخطر مادة في مشروع القانون الجديد المادة 77 التي تفاجئنا بإلغاء قانون التأمين الاجتماعي الشامل الصادر بالقانون رقم 112 لسنة 1980 والذي يسري علي عمال الزراعة ومن في حكمهم والذي يغطي حاليا أكثر من 5.5 مليون مؤمن عليه و1.1 مليون صاحب معاش وهو الأمر الذي يطرح العديد من التساؤلات حول هدف الحكومة متمثلة في وزارة المالية من إلغاء هذا القانون ومخاطر إلغائه وحرمان ما يقرب من 6 ملايين مواطن من حقهم في المعاش؟. في البداية نوضح أن القانون 112 لسنة 1980 بضم العاملين المؤقتين في الزراعة والعاملين في الصيد لدي أصحاب الأعمال وحائزي الأراضي الزراعية أقل من 10 أفدنة وملاك المباني التي يقل نصيبهم فيها عن 250 جنيها في السنة وعمال التراحيل والباعة الجائلين وموزعي الصحف ومنادي السيارات وخدم المنازل والمرتلين للقرآن وخدام الكنيسة.. ورغم أنه سبق قيام هذه الفئات بسداد حصصها في التأمينات الاجتماعية ورغم أن حقهم مهدر ولا ينالون سوي معاش شهري الحد الأقصي له 80 جنيها في حالة العجز الكامل أو بلوغ المؤمن عليه 65 عاما. كذبة كبري وبدأت الحكومة الإفصاح عن مخططها لإلغاء القانون 112 منذ استيلائها علي أموال التأمينات وتدهور المركز المالي لهيئة التأمينات الاجتماعية حيث امتنعت الهيئة عن صرف مستحقات 5000 حالة معاش للمواطنين الذين يتبعون معاشات القانون 112 لسنة 1980 ورفضت قبول اشتراكات جديدة منذ عام 2004، وفي عام 2008 أصدر وزير المالية قرارا بوقف صرف معاشات 200 ألف مزارع بحجة حصر مستحقي معاش العمالة غير المنتظمة من أصحاب الحيازة الزراعية وملاك العقارات واعتبرهم القرار غيرمستحقين، وتزعم الوزارة أن معاشات هذه الفئة تحمل الخزانة العامة وصناديق التأمينات عبئا إضافيا. ورفض «د. محمد إبراهيم حنفي» - رئيس هيئة التأمينات الاجتماعية السابق - مشروع قانون التأمينات الجديد ووصفه بأنه كذبة كبري والكذبة الأكبر هي إلغاء القانون 112 لسنة 1980. ويؤكد «د. حنفي» أن الادعاء بأن الدولة وحدها تقوم بتمويل هذا المعاش ادعاء خاطيء لأن القانون في المادة رقم (6) حدد الموارد والاشتراكات التي تؤدي منها المزايا التأمينية لهذه الفئة وهي المبالغ التي تندرج في الموازنة العامة سنويا لتمويل هذا المعاش والمبالغ التي يخصصها بنك ناصر الاجتماعي ونسبة لا تتجاوز 2% من الاشتراكات السنوية المحصلة وفقا للقانون 79 لسنة 1975، ومبلغ يعادل نصف رسوم تراخيص مراكب الصيد، ورسم مقداره جنيه يفرض علي كل تراخيص العمل، ورسم يفرض علي مالكي الأراضي الزراعية قدره خمسة جنيهات سنويا علي كل فدان، ورسم قدره عشرون قرشا عن كل وحدة قياسية «قنطارا أو إردبا» من المحاصيل الزراعية واشتراك يؤديه المؤمن عليه مقداره جنيه شهريا ومبلغ الإعانات والزيادات التي تلتزم الخزانة العمل بأدائها لأصحاب المعاشات والمستحقات وريع استثمار هذه الأموال وكذلك الإعانات والتبرعات والهبات التي يقررها رئيس الهيئة وحصيلة الغرامات المترتبة عن مخالفة هذا القانون وبالتالي فإن الادعاء بأن الدولة وحدها هي التي تمول معاشات هذه الفئة الهدف منه إلغاء هذا القانون الذي يخدم صغار المشتغلين. ويشير حنفي إلي أن بنك ناصر توقف عن تخصيص مبالغ للتأمين الشامل منذ سنوات نظرا لعدم حصول البنك علي نسبة من أرباح القطاع العام كما أن المبالغ التي تدرج في الموازنة العامة سنويا لتمويل هذه المعاشات كما هي لم تتغير منذ عام 1980 وحتي الآن وكذلك الرسوم التي تفرض علي مالكي الأراضي الزراعية والمحاصيل الزراعية ونسبة 2% من الاشتراكات السنوية المحصلة وفقا للقانون 79 والرسوم المفروضة علي تراخيص العمل. العاملون بالزراعة ويري «د. حنفي» أنه يجب إعادة النظر في هذه الرسوم ومضاعفتها ويجب أيضا إعادة النظر في أجر الاشتراك الشهري الذي يؤديه المؤمن عليه ومراعاة ما طرأ علي الدخول النقدية لفئات المنتفعين بقانون التأمين الشامل ويمكن الاتفاق علي تحديد الزيادة المطلوبة مع النقابة العامة للعاملين بالزراعة باعتبار أن الأعضاء المنتمين إليها يمثلون 80% تقريبا من المؤمن عليهم وفقا لقانون التأمين الشامل وذلك لصالحهم وحفاظا علي حقهم في التمتع بالحماية التأمينية لهم ولأسرهم بدلا من إلغاء القانون. أما «د. سامي نجيب» خبير التأمينات المعروف وأحد أعضاء اللجنة التي قامت بوضع القانون 112 يقول إن هذا المعاش كان يطبق عليه معاش الشعب أي معاش للفئات الفقيرة غير القادرة خاصة أن 90% من المشتركين في هذا المعاش هم صغار العاملين في الزراعة. ويتعجب «د. سامي نجيب» من مشروع القانون الجديد الذي ينص في المادة (2) علي استمرار سريان قوانين التأمين الاجتماعي الحالية للعاملين وأصحاب الأعمال ومن في حكمهم ويأتي في المادة 77 يفاجئنا بإلغاء قانون التأمين الاجتماعي الشامل الصادر بالقانون 112 لسنة 1980 مشيرا إلي أن أهم الفئات الخاضعة لهذا القانون هم عمال الزراعة والذين يمثلون 5 ملايين مستفيد من قانون التأمين الحالي، وقال إن مثل هؤلاء يحتاجون لخدمات التأمينات الاجتماعية أكثر من غيرهم كما أن حقهم في المعاش يرجع إلي 30 عاما مضت وهو حق أكده الدستور ويجب ألا يرتبط بموارد الدولة واعتمادات الموازنة. أما «د. شكري عازر» منسق لجنة الدفاع عن الحقوق التأمينية فكشف عن المصدر الحقيقي الذي كان يمول معاشات هذه الفئة قائلا إن معاشات القانون 112 كان يتم تمويلها من أموال التأمينات الاجتماعية وليس من الخزانة العامة وهذا ما أكدته د. أمينة الجندي وزيرة التأمينات سابقا، وأضاف عندما استولت الحكومة علي أموال التأمينات والتي تقدر حاليا ب 400 مليار جنيه رأت أن الحل هو وقف صرف معاشات هذه الفئة ورفض قبول طلبات جديدة تمهيدا لإلغاء القانون. ويري «د. شكري عازر» أنه لا مانع من زيادة أجر الاشتراك لهذا المعاش بشرط أن نضمن لهذه الفئة معاشا حقيقيا وليس إعانات وأن يتم تمويل ذلك بفرض ضرائب علي الاستهلاك الترفي وأفراح الخمس نجوم وملاك الشاليهات الفاخرة بدلا من الإجهاز علي أكثر من 6 ملايين مواطن ودفعهم إلي التسول والسرقة وممارسة جميع الأنشطة غير المشروعة لتأمين احتياجات أسرهم الضرورية.