فضيحة.. وكارثة قد لا يعرف الكثيرون أن هذه المستعمرات اليهودية التي تنتشر كالسرطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة...، يتم تشييدها بأيدي ضحايا الاحتلال.. أي الفلسطينيين أنفسهم!! الآلاف من العمال الفلسطينيين يقومون ببناء هذه المستعمرات علي الأراضي التي يريدون استعادتها وتحريرها من قبضة الاحتلال لكي تقام فوقها الدولة الفلسطينية الموعودة. ولا يقل عدد هؤلاء العمال عن 50 ألف فلسطيني. صحيح أن البطالة هي التي تدفع الفلسطينيين إلي العمل في بناء المستعمرات، ولكن هذا العمل- رغم ذلك- يشكل كارثة وفضيحة قومية. ولا داعي للتساؤل عما يفعله المليارديرات وأمراء البترول العرب، فإنهم يلهثون وراء الارباح والنساء وسائر الملذات الحسية. ولكن حجم الكارثة- الفضيحة يزداد إذا علمنا أن إسرائيل سرقت، بطريق الاحتيال. من هؤلاء العمال أكثر من 2 مليار دولار من خلال اقتطاع مبالغ من أجورهم - تصل إلي نسبة الخمس- بدعوي أنها مخصصة لخدمات اجتماعية لهؤلاء العمال، وهي خدمات لم يتمتع بها العمال في أي يوم من الأيام، ولا يعرفونها ولم يسمعوا عنها! وكان المفترض تحويل هذه المبالغ المقتطعة من أجورهم إلي صندوق لصالح هؤلاء العمال.. وهو ما لم يحدث. وتكتمل أركان الكارثة- الفضيحة إذا علمنا ايضا أن معظم المبالغ المسروقة من أجور العمال.. يجري استثمارها فيما يسمي ب «مشروعات البنية الأساسية » في الأراضي الفلسطينية. والمقصود بها هي الإعانات المالية الضخمة التي تقدمها الدولة الإسرائيلية إلي المستوطنات - المستعمرات. ومعني ذلك أن العمال الفلسطينيين يدعمون التوسع الإسرائيلي في أراضيهم مرتين تشييد المستعمرات ثم الدعم المالي- باقتطاع نسبة من أجورهم- لهذه المستعمرات، دون أن يعلموا شيئا عن ذلك. عدد من الاقتصاديين الإسرائيليين انفسهم، مثل «شير هيفر»، يصرحون بأن دولة إسرائيل ترتكب عملية سرقة صارخة ومفضوحة وعلي نطاق واسع ومنذ سنوات طويلة (1970) للعمال الفلسطينيين0 وفي نفس الوقت ، فإن«الهستدروت» - الاتحاد العام لنقابات العمال الإسرائيلي- يحصل علي نصيبه من الكعكة، عن طريق ارغام العمال الفلسطينيين علي دفع رسوم شهرية للاتحاد منذ عام 1970 رغم أنه ليس من حق هؤلاء العمال الانتماء إلي عضويته! ورغم أن اتفاقيات أوسلو تنص علي انشاء صندوق تستثمر فيه ثلث المبالغ المقتطعة من العمال الفلسطينيين لصالح خدمات لهؤلاء العمال يستفيدون بها وقت لاحق.. إلا أن إسرائيل لم تنفذ هذا الاتفاق. ويبدو أن الكوارث - الفضائح لا تنتهي ، فقد ظهر من أرقام رسمية لدي السلطة الفلسطينية أن المستعمرات الإسرائيلية تبيع سلعا لشركات فلسطينية في الضفة الغربية بمبلغ سنوي تصل قيمته إلي 500 مليون دولار! أخيرا.. يستيقظ «حسن أبو لبدة»، وزير الاقتصاد في حكومة السلطة، ليقول إنه يضع مشروع قانون (الآن فقط) يمنع الفلسطينيين من العمل في بناء المستعمرات وأنه سيحاول ايجاد بدائل للعمال، ولكنه يستدرك قائلا: إنه لن يتم اجبارهم علي ترك اعمالهم الحالية، ولن توقع عقوبات علي من يستمر في بناء المستعمرات! ولما كانت القمة العربية قد افلست نهائيا واستسلمت لعجزها، فقد كان اضعف الايمان أن تجد حلا يضع حدا نهائيا لهذا العار، وهو أن يتولي عمال شعب خاضع للاحتلال مساعدة المحتلين علي اغتصاب ارضهم وتوسيع هذا الاغتصاب وتمويله من جيوبهم!!