يبدأ كتاب «الأدب المقارن والدراسات المعاصرة»، للدكتورة أمينة رشيد، والصادر عن الهيئة العامة للكتاب، بمقدمة ترصد نشأة الأدب المقارن والإشكاليات والأزمات التي ألمت به ثم تعرض لتطور مجالات دراسته ومواضيعه المختلفة، وينتهي بفصل ختامي بعنوان: آفاق جديدة في الأدب المقارن، يرصد المشهد المعاصر في الدراسات المقارنة ومجالاتها الجديدة التي تفتح آفاقا مختلفة لدارسي الأدب المقارن اليوم. كانت هذه الكلمة التي بدأت بها المناقشة د. سلمي مبارك أستاذ مساعد آداب قسم فرنساوي، حول كتاب د. أمينة رشيد في الندوة التي عقدت مؤخرا في اتحاد كتاب مصر وحضرها لفيف من النقاد والكتاب بالتعاون مع جمعية الأدب المقارن برئاسة أ. د. أحمد عتمان. وفي مداخلة د. محمود الربيعي حول الكتاب أكد أنه كتاب مفيد ومؤلم وجميل، وهو مفيد لأنه حامل للأفكار العلمية الموفقة القيمة، د. أمينة مؤلفة الكتاب تعرف جيدا الأرض التي تحفوا عليها، والكتاب أيضا مفيد للقارئ العام والقارئ الخاص، فهو يعج بأفكار من القديم والحديث والوسيط نحن في أمس الحاجة إليها، وأما أنه جميل فذلك لأنه مكتوب بلغة كاشفة نافذة لا هي متعالية ولا منغلقة وقد استراحت نفسي إلي لغته، فالجمال في الوضوح وفي الدقة. وهو مؤلم لأنه يطلعنا ويشق بحد السكين التاريخ الفاجع لعلاقة الشرق والغرب مع أن الأدب المقارن بدأ بداية حسنة حين وضع نفسه في الالتزام بحب الآخر، ومع ذلك انتقلنا من سييء إلي أسوأ، وكما ورد في الكتاب، الغرب حين يفكر في الشرق علي أنه مخيف، يتحسس أسلحته ويعد العدة للدفاع عن نفسه. وفي مداخلة موجزة طالب د. أحمد عتمان بضرورة تشجيع الطلبة علي الكتابة باللغة الأجنبية، وبالنسبة لموضوع نحن والآخر وخاصة موضوع الشرق والغرب، نحن الضحية دائما والمشكلة في داخلنا، فالمسألة مسألة قوة ولسنا أقوياء مع الأسف، أين من يعطي ومن يأخذ، وأعتقد لو أن الشرق تسلح بالقوة كما كان في العصر العباسي والأندلسي كان التأثر سيكون أقوي فقد ترجموا من اللغة اللاتينية أعمالا كثيرة وأقاموا عليها نهضتهم، فالأدب المقارن لن يتقدم إلا إذا نهضت البلاد نهضة شاملة، وتقدمت الدراسات الأخري، فعلينا إذن أن نلتف حول المبادرات التي تحدث لتقديم الأدب المقارن. قال د. حامد أبوأحمد عندما قرأت هذا الكتاب، شعرت أن د. أمينة انحازت لإدوار سعيد، فالمستشرقون يحاولون أن ينالوا من لغة الشرق فقد تناقشت كثيرا مع الكثير من الأسباب حول كتاب إدوار سعيد وكانت الرؤية صادمة لأنه قدم السييء، وبالبحث وجدت المستشرقين الأجانب يحتفون بالشرق ويتصفونا وخاصة ما يتعلق بالجانب العلمي، وآخر كتاب قرأته عن «بالنس» وهو كاتب ألماني يشيد بالعرب في الطب والزراعة. ثم طرحت د. سيزا قاسم سؤالا حول الأيديولوجي في العمل فهل هي أيديولوجية، الكاتب كمفكر، وهل النظر للنص الأديب منفصلا عن كاتبه؟ أيضا الجزء الخاص برفاعة الطهطاوي فإن د. أمينة تقارنه بروايتين علما بأن لهما طبيعة مختلفة، ممكن أقارن بالواقع الخارجي لكن عندما أدخل رواية، تصبح عالما مستقلا. واختتمت الندوة بكلمة من د. مني طلبة قالت فيها: في الأدب المقارن لابد من تعريف الشخصية أو البعد الأخلاقي فهو مهم، وبالنسبة لفكرة التعامل مع الآخر لابد أن يكون للباحث قدرة علي التحليل، د. أمينة لديها ثقافة موسوعية بالإضافة للعمق، وهي ثقافة تمتد أفقيا ورأسيا، فالأدب المقارن يكتشف منطقة الآخر في الأنا، والثقافة العربية قامت علي عمودين، النص القرآني، النص الشعري الجاهلي وإذا امتد الدين للغة العربية ستموت مثلما ماتت اللاتينية فالأدب المقارن لا يمكن أن يقوم إلا علي دراسات قوية جدا للغة العربية، وهذا دور الثقافة العربية وليست الغربية. وفي تعقيب أخير لمؤلفة الكتاب د. أمينة رشيد قالت: بالنسبة لحكاية الأنا والآخر، ليست حاسمة وفي الكتاب اعتمدت علي التبعية والهيمنة، وعندما أقول، يوجد ثابت أتحدث عن حاجة عامة «الحرب» فهناك بعض الثوابت لسيكولوجية المنفي، هناك عوامل أخري، وبالنسبة لفكرة الأيديولوجية، قلت إن أيديولوجية النص تفرض نفسها.