«بيان مهم جدا، لكن الأهم هو أن تلتزم به إسرائيل».. كان ذلك هو التعليق المباشر الذي أدلي به الرئيس الفلسطيني محمود عباس فور صدور بيان الرباعية الدولية حول القضية الفلسطينية. ومع ذلك كان بيان الرباعية الدولية هذه المرة قطع خطوة لا بأس بها بتحديد مهلة زمنية قدرها 24 شهرا للتوصل إلي اتفاق إسرائيلي - فلسطيني، كما تضمن البيان مطالب حازمة لإسرائيل بإيقاف الاستيطان. وعلي الرغم من عدم وجود آليات عمل لوضع قرارات الرباعية الدولية موضع التنفيذ والإلزام، إلا أن هذه الهيئة الدولية التي تضم القوي الأكبر في العالم «الولاياتالمتحدة - روسيا الاتحادية - الاتحاد الأوروبي - الأممالمتحدة» تملك الكثير من أوراق الضغوط والقوة والقدرة علي تحويل ما يتم الاتفاق عليه في هذه الهيئة إلي قرارات من خلال مجلس الأمن في مراحل لاحقة. لهجة حازمة دعا البيان الحكومة الإسرائيلية إلي تجميد كل الأنشطة الاستيطانية بما في ذلك النمو الطبيعي وتفكيك المواقع الاستيطانية التي أقيمت منذ مارس 2001، والكف عن عمليات الإزالة والإجلاء في القدسالشرقية التي ستكون أحد ملفات التفاوض حول الوضع النهائي. إدانة قرار حكومة إسرائيل بالمضي قدما في التخطيط لبناء وحدات سكنية جديدة في القدسالشرقية، وتؤكد الرباعية نيتها مراقبة التطورات في القدس عن كثب وأن نضع في الاعتبار الخطوات الإضافية التي قد تكون مطلوبة للتعامل مع الوضع علي الأرض. ترحب الرباعية بالاستعداد لإطلاق محادثات فلسطينية - إسرائيلية ومفاوضات مباشرة بينهما حول قضايا الوضع النهائي، وأن هذه المفاوضات يجب أن تتوصل إلي تسوية في غضون 24 شهرا تنهي الاحتلال الذي بدأ عام 1967 وتسفر عن ظهور دولة فلسطينية مستقلة ديمقراطية قابلة للحياة تعيش جنبا إلي جنب في سلام وأمن مع إسرائيل وجيرانها الآخرين. تدعو الرباعية مجددا جميع دول المنطقة والمجتمع الدولي إلي أن تكون علي مستوي الالتزام الفلسطيني لبناء دولة من خلال الإسهام بدعم فوري وملموس للسلطة الفلسطينية. كذلك دعا البيان السلطة الفلسطينية إلي مواصلة بذل كل جهد لتحسين سلطة القانون والنظام ومكافحة العنف ووقف التحريض. إدانة إطلاق صواريخ من غزة تجاه إسرائيل والدعوة إلي وقف فوري لأعمال العنف والإرهاب واحترام التهدئة. تلتزم الرباعية بالمشاركة النشطة علي جميع المساوات «سوريا ولبنان» وتدعو بالتشاور مع الأطراف المختلفة لعقد مؤتمر دولي في موسكو في الوقت المناسب يتزامن مع إجراء مفاوضات مباشرة بين الأطراف المختلفة. ميتشل وبان في المنطقة. وتوجه الأمين العام للأمم المتحدة إلي الشرق الأوسط في زيارة لإسرائيل والأراضي الفلسطينية لتأكيد عزم الأممالمتحدة علي مواصلة العمل مع الأطراف المختلفة لتنفيذ ما جاء في بيان الرباعية. وفي نفس الوقت يستعد المبعوث الأمريكي لعملية السلام «جورج ميتشل» للعودة إلي المنطقة في جولة جديدة هي الثامنة له، بعد أن هدأت مؤقتا عاصفة المواجهات الفلسطينية - الإسرائيلية حول الاستيطان، مستغلا بيان الرباعية الدولية وقبل ذلك بيان لجنة المبادرة العربية للسلام التي اجتمعت مؤخرا ووافقت علي دخول السلطة الفلسطينية في مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل. خوف أمريكي فالإدارة الأمريكية تخشي أن تتحول هذه القمة إلي إدانة لدورها، في ظل عدم قيام الرئيس باراك أوباما بتنفيذ أي من وعوده بالاهتمام بالقضية الفلسطينية ودعم إقامة الدولة المستقلة كما عبر عنه في خطابه للعالم الإسلامي والعربي من جامعة القاهرة في يونيه الماضي. ولعل الأزمة الإسرائيلية - الأمريكية التي نشبت بسبب إصدار بلدية القدس تراخيص لبناء 1600 مسكن في القدسالشرقية أثناء زيارة نائب الرئيس الأمريكي جون بايدن لإسرائيل وقد تم تجاوزها، تشكل حافزا لتنسيق إسرائيلي - أمريكي سريع يستجيب لمصلحة الجانبين في عدم شق الصف العربي - الأمريكي تجاه مواجهة الملف النووي الإيراني بسبب الخلافات العربية - الأمريكية حول الملف الفلسطيني وبقية الملفات العربية. وفي هذه الأجواء بيان لجنة مبادرة السلام العربية - بيان الرباعية الدولية - قرب عقد القمة العربية - تجاوز الولاياتالمتحدة وإسرائيل الأزمة العابرة»، فإن استئناف مفاوضات إسرائيلية - فلسطينية قد يصبح أقرب من أي وقت، وبعد أن أصبح لدي السلطة الفلسطينية مظلة عربية ودولية تحتمي بظلها، ومرجعية قائمة علي خارطة الطريق الجديدة والمدة الزمنية المحددة بعامين قادمين. ويبقي السؤال الأهم قائما هل تنجح المفاوضات القادمة، التي تفجرها تطورات سلبية وتحول بيان الرباعية إلي وثيقة أخري عديمة الجدوي؟!.