تاه المواطن المصري بين جلسات الوفاق القومي وجلسات الحوار الوطني فبرغم التأكيدات اليومية التي تخرج علينا بها حكومة الدكتور شرف أو حتي المسئولون عن المؤتمرين " د.يحيي الجمل ، و د.عبدالعزيز حجازي" إلا أن الواقع أمر مختلف . برغم تأكيد د.يحيي الجمل علي أهمية مؤتمر الوفاق القومي الذي لأنه يناقش التراث الدستوري المصري ويعد مبادئ دستورية عامة توضع امام اللجنة التي سوف يشكلها البرلمان لإعداد دستور جديد للبلاد ، إلا أن هذه التوضيحات زادت الأمر تعقيدا امام الرأي العام وجعلت الجميع يتأكد من عدم جدواه وأن جلسات هذا الحوار التي دائما ما تعج بالشجار بين حتي فقهاء وأساتذة جامعة " لا ننسي جميعا المشاجرة التي وقعت بين د.يحيي الجمل والفقيه الدستوري د. ابراهيم درويش " هي تقريبا لإيهامنا ان شيئا مهمَا يحدث الآن. لا يختلف الأمر كثيرا في جلسات الحوار الوطني فبرغم ما صاحب الموضوع من صخب إعلامي إلا أن الجميع فوجئ بأمرين هامين افقدهم حماسهم ، أولهما ان الحوار ابتعد تماما عن مناقشة المرحلة الانتقالية واشكاليات إدارتها والقوانين التي تخرج فيها ، وثانيهما وجود هذا العدد الهائل من أعضاء الحزب الوطني " المنحل" ورموز النظام السابق من إعلاميين وفنانين وحتي ممن حرضوا علي المتظاهرين وعمدوا إلي تشويههم . وفي النهاية انتهي الحوار بانسحاب العديد من القوي الشبابية وفتور حماس من اكمل الحوار حتي ان بعضهم قال إنه نادم علي استكمال جلسات هذا الحوار. ولذلك فهناك قواسم مشتركة بين الحوار الوطني والوفاق القومي جعلت الجميع يشعر بأن لا جدوي ، فكيف تأتي كل هذه الشخصيات وهذا العدد للتحاور إما عن التراث الدستوري مرة أو حول مستقبل مصر في خمس سنوات قادمة ، فحين يكتنف الغموض المرحلة الانتقالية وكيفية إدارتها ، بانفراد واضح من قبل المجلس الأعلي للقوات المسلحة ، وقد اتضح ذلك جليا في إصرار المجلس الأعلي علي إجراء الاستفتاء علي تعديل تسع مواد علي دستور 1971 برغم مواقف القوي السياسية وقتها بأن الأفضل هو دستور جديد الآن ، ثم وضح أيضا في إصدار قانون الأحزب وقانون تجريم الاعتصامات والتظاهر وقانون مباشرة الحقوق السياسية بشكل منفرد دون إجراء حوار موسع حول هذه القوانين قبل إصدارها ، ولذلك فقد أجمعت معظم الائتلافات الشبابية والقوي السياسية علي أن يكون هناك حوار مجتمعي واحد يضم ممثلين عن كل القوي السياسية في حضور ممثلين عن المجلس الأعلي للقوات المسلحة والحكومة وأن تكون نتائجه ملزمة لجميع الأطراف المشاركة، طبعا مع استبعاد أي شخص كان ينتمي للحزب الوطني وقت اندلاع ثورة 25 يناير لأن المصريين عندما ثاروا فإنهم ثاروا أساسا علي سياسات اتبعها هذا الحزب" المنحل بحكم قضائي" وبالتالي ليس من المعقول أن يشارك نفس الأشخاص في صياغة ومناقشة المرحلة الانتقالية التي ستحدد بشكل كبير مستقبل مصر، كما يتم استبعاد أي شخص اتهم أو حرض علي المتظاهرين أثناء ثورة 25 يناير ، وأن يكون الحوار في الأصل عن المرحلة الانتقالية ويأخذ في الاعتبار كل الآراء التي تنادي بضرورة أن يسبق الدستور أي انتخابات او الآراء التي تقول ان تكون الانتخابات أولا ثم الدستور . مع الأخذ في الاعتبار أن الاستفتاء علي تعديلات دستور 1971 ليس لها أي محل من الأعراب الآن لأنه سقط بمجرد صدور الإعلان الدستوري مع إعادة النظر في كافة القوانين التي صدرت بشكل منفرد والتعهد بعدم إصدار أي قوانين أخري قبل عرضها علي حوار مجتمعي موسع حتي ينتخب البرلمان الجديد .