حكومة نظيف في خدمة رجال الأعمال أثارت موافقة المجلس الأعلي للجامعات علي إنشاء كلية طب بإحدي الجامعات الخاصة جدلا واسعا بين أوساط المهتمين بالمهنة من الأطباء، تمحور حول سعي الحكومة رغم أنف القانون واستمرارها في بيع التعليم وتحويله إلي وجبات «تيك اواي» لا تسمن ولا تغني من جوع، وقد شكك البعض في أحقية المجلس ووزير التعليم العالي في القيام بذلك.. ووصفوا القرار بأنه باطل.. جاء متناقضا مع حكم أصدرته المحكمة يقضي بضرورة تقليل أعداد الطلاب المقبولين في كليات الطب فضلا عن عدم إنشاء كليات جديدة. الدكتور محمد أبوالغار الأستاذ بطب القاهرة أفشي أسرارا وملابسات خطيرة حول القرار منها أنه صدر بضغوطات شديدة علي الأعضاء وهذا معناه حسب وجهة نظرة عدم استقلال الجامعات المصرية، والأدهي من ذلك أن الوزير نفسه تعرض من أجل خروج القرار لضغوط خارجية، وقد قام هو بدفع المجلس لإصداره. وذكر أبوالغار أن هذا يعني دخول التعليم في نفق فساد طويل ومظلم تلحقه بجيوب رجال الأعمال والمستثمرين الذين يحصلون علي أموال طائلة من الطلبة يدفعون جزءا منها بسيطا لمستشفي العريش الذي وضعت الكلية يدها عليه وحولته لمستشفي تعليمي للطلبة. القرار حسب أبوالغار يعني أن الحكومة تضرب بعرض الحائط حكم المحكمة، كما أنها لكونها فاسدة رهنت ممتلكات الشعب ومنها مستشفي العريش لحفنة من المستثمرين ورجال الأعمال الذين لا يهمهم سوي ملء جيوبهم بأموال الناس.. في الوقت الذي لا يستطيع فيه الوزير منع ذلك لأنه مجرد موظف لو لم ينفذ ما تراه الحكومة سيكون مصيره في النهاية الرحيل.. فالوزير حسب معرفة أبوالغار يشعر بالحرج مما يحدث فيما يتحدث عن الجودة والكفاءة، وعن قرارات سابقة بتقليل أعداد طلبة الطب وعدم إنشاء كليات جديدة. الدكتور سالم سلام - الأستاذ بكلية طب جامعة المنيا - يشير إلي أن قرار وزير التعليم العالي إنشاء كلية طب خاصة مرتبط بمشروعه لتنظيم الجامعات الذي قدمه منذ سنتين ورفضه أساتذة الجامعات، لأن جوهره الأساسي تحويل التعليم إلي سلعة بمقابل مالي وتخلي الدولة عن مسئوليتها تحت اسم القانون الموحد للتعليم العالي يتضمن نفس الأفكار التي رفضها الأساتذة قبل ذلك، بإلغاء القانون رقم 49 لسنة 1972 لتنظيم الجامعات بقانون موحد للتعليم للجامعات الحكومية والخاصة والأهلية، وذلك بحجة وضع معايير للجودة للجامعات، ولكن للأسف هذا ليس قانونا للجودة ولكنه قانون لخصخصة التعليم العالي، والقرار حسب سلام يعتبر تطبيقا مبكرا للقانون، لكي يكسب الوزير رجال الأعمال الراغبين في الاستثمار في التعليم ويكسب ود رجال لجنة السياسات بالحزب الوطني. ويضيف سالم سلام أن رفض المجلس الأعلي للجامعات ونقابة الأطباء إنشاء كليات طب جديدة، سببه عدم وجود مستشفيات لتدريب الطلاب وزيادة عدد الأطباء علي حاجة المستشفيات والمراكز الطبية علي 3 آلاف طبيب، حيث يصل عدد الخريجين إلي 9 آلاف طبيب. لكن الوزير تحايل علي قرار الرفض بتحويل مستشفي العريش الحكومي لصالح الجامعة الخاصة، لكي يتدرب فيه طلابها، وتساءل سلام عن مبرر إنشاء كلية جديدة إذا كانت الحال هكذا مشيرا إلي أنه يفتح الباب لمن يملك المال للاستثمار في التعليم، ولمن يملك المال أيضا في تعليم أبنائه في كليات الطب، وهم لا يهمهم بطالة الأطباء لأنهم قادرون علي فتح مستشفيات خاصة لأبنائهم، ويؤكد سلام أن هذا القرار ليس بجديد علي وزير التعليم العالي فمنذ فتحه للجامعات الحكومية للتعليم بمصروفات مثل الأقسام المميزة وكذلك التعليم المفتوح الذي يتخرج فيه الطالب وهو لا يعرف كتابة اسمه، فما بالك بخريجي كليات الطب الذين يتدربون علي أرواح المواطنين دون كفاءة؟!. الدكتور حمدي السيد - نقيب الأطباء - فجر مفاجأة أخري في القضية عندما ذكر أن سيناء لها وضع خاص ولا تحتاج إلا لمستشفي حكومي وأن مستشفي العريش الذي تم ضمه لا يصلح لأن يكون مستشفي جامعيا بسبب إمكانياته المحدودة، وتعجب نقيب الأطباء من تحويل مستشفي حكومي يعالج أبناء سيناء الفقراء ومحدودي الدخل لمستشفي تابع لكلية خاصة، وهو قرار ليس من اختصاص وزير التعليم العالي أو المجلس الأعلي للجامعات، لأن إنشاء كلية طب خاصة يتبع المجلس الأعلي للجامعات الخاصة وليس مجلس الجامعات الحكومية، وقال إن تحويل مستشفي حكومي تابع لوزارة الصحة يستلزم موافقة وزارة الصحة. باب للاستثمار والتربح ورأي الدكتور عبدالجليل مصطفي - الأستاذ بكلية الطب جامعة القاهرة - أن قرار الحكومة تقليص التعليم الحكومي، وفتح الباب للجامعات والمعاهد الخاصة للاستثمار والتربح لأتباع الحزب الوطني، وذكر أن الخط الأساسي للحكومة، متمثلة في وزير التعليم العالي، هو أن تحل الجامعات والمعاهد الخاصة مكان الجامعات الحكومية. وقال: هم ينظرون فقط لمصالحهم بغض النظر عن احتياج البلاد للأطباء تطبيقا لاتفاقيات البنك الدولي بتخفيض أعداد المقبولين في التعليم العالي الحكومي، وخصخصة الخدمات وتخلي الدولة عن واجباتها في تقديم التعليم الجيد والعلاج لأبناء الشعب المصري باعتبارها حقوقا دستورية وإنسانية، كاشفا عن أن برنامج الحزب الوطني يركز علي تخلي الدولة عن مسئولياتها وتفويض هذه المسئولية إلي القطاع الخاص العاجز عن تقديم هذه الخدمات بشكل حقيقي، وأشار إلي أن كل القرارات التي تتخذ تأتي لصالح القادرين علي الدفع ولصالح رجال الأعمال للتربح وتكوين الثروات وليس للتعليم الجيد. المجلس الأعلي للجامعات الحكومية حسب الدكتور فاروق إسماعيل رئيس لجنة التعليم بمجلس الشوري لا يملك حق إصدار قرار إنشاء كلية خاصة، فهو من صلاحيات مجلس الوزراء، كما أنه، والكلام مازال لإسماعيل، لم يعرض في المجلس الأعلي للجامعات الخاصة لكي نوافق أو نرفض.