عندما تغلق جميع الأبواب في وجهك ويتسرب اليأس الي نفسك ثم تفقد الأمل تماما في ايجاد عمل وفجأة يظهر أمامك نفق ضيق جدا تزحف بداخله هربا من شبح البطالة الذي يتوعدك بالاحتياج .. ورغم أن هذا العمل بلا أجر لكنك تضطر لتقبله. وعند حصر هذه المهن نجدها كثيرة منها علي سبيل المثال وليس الحصر ... محطات البنزين عند دخولك محطة البنزين ستجد عدد العاملين بها أكثر من حاجة العمل.. فهم في واقع الأمر يعملون وردية تستغرق يوما كاملا 24 ساعة مقابل مايجمعونه من بقشيش الذي يتراوح أحيانا ما بين 80 الي 100 جنيه في اليوم ويرتاحون لمدة 48 ساعة وبحسبة بسيطة فهم يعيشون لمدة ثلاثة ايام بهذا المبلغ أي حوالي في المتوسط 30 جنيها في اليوم يقول أشرف عامل في محطة بنزين كل محطة وليها نظامها انا بشتغل وردية 24 ساعة وبريح 24 ساعة وبقبض 50 جنيها في الشهر وبعتمد علي البقشيش وهذا يتطلب معاملة جيدة جدا للزبون . توصيل الطلبات يقول محمد فولة عامل في محل سندوتشات فول وطعمية شهير جدا ومزدحم معظم الوقت انا بدفع لصاحب المحل 10 جنيهات في اليوم مقابل عملي لديه ويقتصر عملي علي معرفة الطلب من الزبون ثم توصيله له داخل السيارة وقد يصل دخلي في اليوم الي 50 جنيها ولكني "علي كف عفريت "ففي حالة مرضي أو خلافي مع صاحب المحل لا أجد اللقمة الحاف !! يضيف خالد مصطفي عامل بمحل عصائر ومثلجات معروف بالمهندسين: بشتغل وردية من 6 المغرب للثالثة صباحا لا اتقاضي عنه أجرا من صاحب المحل وعملي في مقابل البقشيش . عم عبده أقدم عامل ديلفري صاحب أشهر عربية أكل في المهندسين يقول انا كنت بعمل علي العربية و أنا عندي عمال متعرفش تعمل 20 جنيها في اليوم وعندي عمال بيعملوهم في الساعة بكلمتين حلوين و«شوية بكش» وأهتمام بالزبون وخدمته. يقول دكتور رفعت لقوشة أستاذ الأقتصاد بجامعة الأسكندرية هذا النوع من الأعمال يطلق عليه اقتصاديا لفظ "البطالة الجزئية "ويطلق عليه البعض " عمالة غير دائمة" ..وهذا النوع من العمالة من أبتكار السوق سواء لدينا او لدي بلدان أخري وهي ظاهرة موجودة في كثير من اسواق العالم ويعرف بالعمل "جزء من الوقت" او بضعة ايام من الاسبوع أو الشهر ويعيب هذا النوع من العمل عدم وجود حقوق آجلة مثل التأمينات ، وهذا يعد استغلالا للبشر وعن أمكانية التصدي لهذه الظاهرة أضاف لقوشة ، لا يمكن تقنين العمالة المؤقتة في سوق ظل معظم عقود العمل فيه غير مقننة بشكل مباشر أو غير مباشر ومن الطبيعي أن يشعر هذا العامل بأنه يستجدي من أمامه ، وأضاف في الماضي كان السوق منضبطا بعلاقاته والاصل فيه هو تقنين علاقات العمل والاستثناء عدم تقنينها ومن ثم كانوا يستدعوا القاعدة لتفادي الاستثناء أو لتجاوزه ولكن اليوم القاعدة في سوق العمل عدم التقنين والاستثناء هو التقنين بصفة عامة وعلاقات العمل داخل السوق المصري لم تعد علاقات مقننة ومن ثم لا مجال للحديث عن تقنين هذا النوع من العمالة لانها عمالة جزئية هامشية وهذا ما اعطاه الاحساس بالتسول هو بيتسول بمعني انه يعلم تماما ان هذا النوع من العمالة هامشي. وتضيف دكتورة ماجدة سعيد رئيس مجلس الأمناء مؤسسة «انا المصري» لحقوق الانسان أزمة وجود وظائف او عمل بعقود ثابتة او ممتدة هذه أزمة كبيرة موجودة في كل دول العالم لكنها متفشية لدينا بسبب وجود أنفجار سكاني دون شك لا يوجد تنمية تساير الزيادة الكبيرة في السكان فلا توجد تنمية اقتصادية ولا مشروعات تستوعب هذا الكم الكبير من العمالة بصورة ثابتة أو بصورة منظمة تحفظ لهم حقوقهم فالشباب مضطر ان يقبل هذه الأعمال وهي ليست مرضية وتخلق نوعاً من القلق. فلابد أن تبدأ الدولة في عمل أستثمارات قوية سواء عن طريق رجال الأعمال أو بتشجيع مشروعات معينة بأعفائها من الضرائب اوتقديم أي نوع من الدعم لهذه المشروعات لتستوعب هذا الكم من العمالة. ويضيف.. لماذا لا تقام مشاريع هنا بشروط من الدولة أن الاستثمارات الاجنبية تأتي لتستثمر في قطاع معين نكون في حاجة له بحيث يكون هناك توجيه للمستثمر وشروط لمشاركة العمالة المصرية بنسبة محددة في هذه المشاريع بحيث تضمن للعامل حقوقه.