لا بديل عن الدولة المدنية..وإقالة وزير الداخلية مطلب سياسي قال المستشار مقبل شاكر نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان إن حالة الطوارئ في مصر هي التي حمتها من تفاقم الإرهاب ولكن مثقفين ومفكرين يرون رأيا آخر. ففي شهر أكتوبر الماضي مر علي فرض حالة الطوارئ في مصر 29 عاما وبدأ المصريون معاناة العام الثلاثين في ظل سياسات القمع والاستبداد التي تعتبر الطوارئ إحدي أهم أدواتها، وبرغم المزاعم الحكومية الدائمة فإن فرض حالة الطوارئ يأتي بغرض مكافحة الإرهاب وتجارة المخدرات لكن الوطن لم يشهد رواجا للمخدرات وعمليات إرهابية كما حدث في الثلاثين عاما الأخيرة بينما تؤكد الشواهد أن قانون الطوارئ استخدم في قمع وتكبيل الحياة السياسية واحتكارها لصالح حزب واحد ورئيس واحد، وقد دفعنا حادث الإسكندرية الأخير أمام كنيسة القديسين للبحث من جديد في أهمية حالة الطوارئ إلي جانب إعادة النظر في طريقة تعامل نظام الحكم مع الملفات ذات الحساسية الخاصة مثل ملف الأقباط. في البداية أكد الكاتب الصحفي صلاح عيسي رئيس تحرير جريدة القاهرة أن المشكلة ليست في فرض حالة الطوارئ بقدر ما يحمله قانون الطوارئ ذاته من منح سلطات واسعة جدا للحكومة كالرقابة علي الصحف والمطبوعات وتحديد إقامة المواطنين ومراقبة الرسائل البريدية والكثير من السلطات، ولذلك فمن المهم أن تتم الاستعانة بالمادة 149 من دستور 1954 التي لا تتطلب وجود قانون للطوارئ وإنما تفرض علي السلطة التنفيذية في حالات الحاجة أن تطلب سلطات استثنائية من مجلس الشعب لا تزيد علي 6 أشهر وتشمل تحديدا دقيقا لهذه الاستثناءات وبمتابعة دقيقة من القضاء علي السلطة التنفيذية أثناء ممارسة هذه الإجراءات. وأضاف عيسي أن الأحداث الأخيرة أكدت أن المشكلة ليست في النظام فقط، ولكن المشكلة تكمن في استيلاء الجماعات الأصولية علي المجتمع الذي خلقت فيه تعصبا بشعا إلي جانب تورط أجزاء من الجهاز الإداري وبعض المؤسسات السياسية والدولة عاجزة عن أن تحسم أمرها وتبالغ في مخاوفها وهذا أدي إلي مزيد من الفوضي الطائفية. وأشار أحمد عبدالحفيظ عضو المكتب السياسي بالحزب الناصري إلي أن الجهاز الأمني في مصر يخصص جهده لحماية النظام وليس حماية أمن المواطنين، وأبدي عبدالحفيظ استغرابه من عدم اتخاذ أي إجراءات ضد وزير الداخلية أو القيادات الأمنية عقب الحادث، وأكد عبدالحفيظ أن قانون الطوارئ يستخدمه النظام وقتما يريد استخدامه ويستخدم دائما لصالح مجموعة الحكم الحالية، مشيرا إلي أن الوطن علي حافة طائفية رهيبة منذ عقدين من الزمن والدولة لم تستطع أن تستغل وجود أي انتخابات لمعالجة هذه الحالة الطائفية والدولة تتحرك تحركات أمنية عقب الحوادث وليس لديها أي فكرة عن تحرك سياسي وثقافي، وكان ضروريا أن يحدث تغيير في القيادات الأمنية بداية من الوزير وحتي القيادات الأخري حتي ولو كانوا غير مخطئين وذلك تحملا للمسئولية السياسية. وشدد عبدالغفار شكر القيادي بحزب التجمع علي أن فرض حالة الطوارئ لم يحد من تكرار أحداث الإرهاب عدة مرات، مضيفا أن استخدام الإرهاب كمبرر لاستمرارها منطق غير صحيح وأن المجتمع لابد وأن يحل مشاكله الاقتصادية والاجتماعية حتي يستطيع تجاوز هذه الحالة الطائفية إلي جانب ضرورة أن يهتم الأمن بالمواطن المصري ولا يقتصر اهتمامه بأمن النظام لأن مثل هذه التصرفات هي التي تزيد الأمور تعقيدا. وأضاف شكر أن إيداع الملفات ذات الحساسية الخاصة لدي الأمن خطأ كبير لأن الأمن لا يملك النضج السياسي الذي يمكنه من التعامل مع هذه القضايا بشكل صحيح. بينما أكد د. عمرو هاشم ربيع الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن ما يحدث يعبر عن خيبة أمنية من الدرجة الأولي وأن الحادث لو كان في أي دولة متحضرة ومتمدنة كان لابد أن يحل الجهاز الأمني بالكامل، وقال ربيع إن هناك ضرورة لفتح كل الملفات بداية من معالجة ملف الأحوال الشخصية وقانون دور العبادة الموحد ومسألة التعيين في الوظائف القيادية، وشدد ربيع علي ضرورة التمسك بالدولة المدنية، لأن هذا التمسك سيكون البداية الحقيقية لحل كل هذه المشكلات التي تواجه المجتمع. وتساءل أحمد سيف حمد مدير مركز هشام مبارك للقانون عن الذي منع أجهزة الأمن من التعامل بجدية مع التهديدات التي حدثت منذ شهرين في توجيه طاقات أجهزة الأمن من أجل قمع وتكبيل الأحزاب والقوي السياسية.