مهام حزبية ضرورية إذا لم يسارع كل حزب من أحزاب المعارضة الرئيسية في بلادنا إلي تحقيق أعلي درجة من التماسك والتلاحم في صفوفه ويضاعف قوته.. مستفيدا من التأييد الذي حصل عليه في الشارع مؤخرا.. فإن العواقب ستكون وخيمة، بل أفدح من كارثة نتائج انتخابات مجلس الشعب الأخيرة. وإذا كان الهدف الذي سعي إليه المخططون لهذه النتائج هو ضرب المعارضة السياسية الرئيسية وفقا لخطة موضوعة يتفاخرون بها الآن، فإن أحزاب المعارضة ستكون قد أكملت بأيديها تنفيذ المرحلة النهائية لتلك الخطة المعادية. وبدلا من أن تكون المعارضة خارج البرلمان أقوي بما لا يقاس من أي معارضة في داخله.. نجد أنفسنا بإزاء واقع مفجع، هو عدم وجود معارضة داخل وخارج البرلمان. وتؤكد التجارب السياسية النضالية أن وجود معارضة شعبية قوية بقيادة أحزاب سياسية جماهيرية خارج البرلمان يمكن أن يكون لها تأثير حاسم علي قرارات مؤسسات السلطة التشريعية والتنفيذية. ولا أعني بما أقول أن تكف أحزاب المعارضة عن فضح ما جري في أسوأ انتخابات في تاريخ مصر أو عن المطالبة بتخلي رئيس الدولة عن رئاسة الحزب الحاكم وفك الاندماج بين أجهزة الدولة وهذا الحزب المهيمن أو تغيير نظام الانتخابات أو إعادة الإشراف القضائي أو تعديل الدستور أو وضع دستور ديمقراطي جديد. ولكني أعني أنه بدون وجود أحزاب معارضة قوية، فإن كل هذه الأهداف والمطالب ستكون بعيدة المنال. وإذا استنزفت الأحزاب طلقاتها عقب الانتخابات إياها في هجوم بعض أعضائها علي البعض الآخر، وتحميل البعض المسئولية للبعض الآخر.. تكون قد حققت كل أهداف جماعة الحزب الحاكم التي تريد عزل هذه الأحزاب عن الشعب وإصابة نشاطها الجماهيري بالشلل التام ومحاصرتها وستكون مهمة جماعة الحزب الحاكم سهلة للغاية.. إذا انشغل أعضاء أحزاب المعارضة في تمزيق ملابس بعضهم البعض، وتحميل أطراف منها أوزار جريمة من صنع الحزب الحاكم، للبعض الآخر.. وذلك في وقت تتطلع فيه الجماهير إلي المعارضة باعتبارها الأمل الوحيد والأخير والقيادة الشعبية البديلة. وعلي الجميع أن يتذكروا أن هناك اتجاهات قوي لدي الحزب الحاكم لفرض سياسة وفلسفة نظام الحزب الواحد، بل إن هناك، في ذلك الحزب، من يقول إن الحزب الوطني يمكن أن يلعب دور المؤيد للنظام، وأن يوزع الأدوار بحيث «يمثل» بعض أعضائهم دور المعارضين.. (!) وذلك حتي تنتفي الحاجة إلي وجود معارضة أصلا وحتي يمكن خداع المواطنين. والمأمول أن تكون الخطوة التالية والفورية بعد إعادة التماسك والتلاحم داخل كل حزب معارض، وبعد تقييم كل ما حدث في الماضي القريب والبعيد علي نحو من شأنه دعم وحدة وقوة الحزب، أن تسعي أحزاب المعارضة الرئيسية إلي توحيد صفوفها وتشكل جبهة وطنية متحدة عريضة علي أساس برنامج مشترك يعبر عن أماني الشعب، ويعبئ الجماهير من أجل النضال لتحقيق مطالبها الحيوية.