90 دقيقة تأخيرات «بنها وبورسعيد».. السبت 2 أغسطس 2025    مسئول إسرائيلي: الاتفاق الشامل في غزة غير قابل للتطبيق    نيويورك تايمز: لا يمكن التحقق من ادعاء ترامب بشأن تحركات الغواصات النووية    رسميًا.. سون يعلن رحيله عن توتنهام هوتسبير    موعد نهائي كأس الدرع الخيرية بين ليفربول وكريستال بالاس والقنوات الناقلة    "شبكات الكهرباء تحت المجهر".. كيف يصنع استقرار العمود الفقري للطاقة في مصر؟    فلسطين.. جيش الاحتلال يدفع بتعزيزات عسكرية نحو مدينة قلقيلية من مدخلها الشرقي    وفاة والد معتمد جمال مدرب الزمالك السابق    حروق طالت الجميع، الحالة الصحية لمصابي انفجار أسطوانة بوتاجاز داخل مطعم بسوهاج (صور)    انتخابات مجلس الشيوخ 2025.. هل يوم الإثنين إجازة رسمية؟    تنسيق المرحلة الثانية 2025.. قائمة الكليات المتاحة لعلمي علوم ورياضة ومؤشرات الحد الأدنى    سعر الذهب اليوم السبت 2 أغسطس 2025 يقفز لأعلى مستوياته في أسبوع    أسعار الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الآن ببداية تعاملات السبت 2 أغسطس 2025    أسعار الفراخ والبيض في أسواق وبورصة الشرقية اليوم السبت 2-8-2025    رسميًا.. وزارة التعليم العالي تعلن عن القائمة الكاملة ل الجامعات الحكومية والأهلية والخاصة والمعاهد المعتمدة في مصر    الصفاقسي التونسي يكشف تفاصيل التعاقد مع علي معلول    3 أرقام مقلقة من وديات الزمالك قبل أسبوع من انطلاق الدوري    بينهم طفل ..إصابة 3 من أسرة واحدة في حادث مروري بالوادي الجديد    تشميع محال وإحالة الواقعة للنيابة.. محافظ سوهاج يتخذ إجراءات رادعة بعد مشاجرة "حي شرق" – صور    جريمة تهز سيوة.. مقتل 4 أفراد من أسرة واحدة وإصابة ابنهم    ترامب يحذر: الغواصات النووية تقترب من روسيا ويجب الاستعداد    إخلاء سبيل مسؤولي حفل محمد رمضان بكفالة 50 ألف جنيه    زلزال بقوة 5.5 درجات يضرب أفغانستان    يونس: محمد شحاتة قادر على التطور.. وأول 10 مباريات فاصلة للزمالك في الدوري    مقتل 4 أشخاص في إطلاق نار داخل حانة بولاية مونتانا الأمريكية    عمرو دياب يشعل العلمين في ليلة غنائية لا تُنسى    استشارية أسرية: الزواج التقليدي لا يواكب انفتاح العصر    تشيع جنازة عريس لحق بعروسه بعد ساعات من وفاتها بكفر الشيخ    نجاح علاج انسداد الشريان الحرقفي بمستشفى شرق المدينة بالإسكندرية    مصر ترفع رصيدها إلى 91 ميدالية متنوعة في دورة الألعاب الأفريقية للمدارس بالجزائر    ما هي واجبات أعضاء مجلس الشيوخ؟.. القانون يجيب    محافظ سوهاج يقرر غلق محلين بسبب مشاجرة بعض العاملين وتعطيل حركة المواطنين    بينهم طفل.. إصابة أسرة كاملة في انقلاب دراجة نارية بالوادي الجديد    وزير الزراعة: أسعار الدواجن في انخفاض مستمر.. والأعلاف تراجعت 2000 جنيه للطن    إصابة 5 عمال في مشاجرة بسوهاج لتنافس على الزبائن    الإخوان : وقف نزيف الحرب على غزة لن يمر عبر تل أبيب    روسيا ومدغشقر تبحثان إمكانية إطلاق رحلات جوية بمشاركة شركات طيران إقليمية    كواليس من محاكمة صدام حسين.. ممثل الدفاع: طلب جورج بوش وتوني بلير لهذا السبب    10 مصابين إثر انفجار أسطوانة بوتاجاز داخل مطعم بسوهاج    خطوبة عبد الرحمن حميد حارس يد الأهلي على زينة العلمى لاعبة الطائرة    كما كشف في الجول – النجم الساحلي يعلن عودة كريستو قادما من الأهلي    عبدالمنعم سعيد: الدمار الممنهج في غزة يكشف عن نية واضحة لتغيير هوية القطاع    الشباب المصري يصدر تقريره الأول حول تصويت المصريين بالخارج في انتخابات مجلس الشيوخ    محمد ممدوح عن «روكي الغلابة»: «كان نفسي اشتغل مع دنيا سمير غانم من زمان» (فيديو)    تحبي تكوني «strong independent woman» ماذا تعرفي عن معناها؟ (فيديو)    عمرو دياب الأعلى استماعا خلال شهر يوليو على أنغامي (صور)    حدث بالفن| كارثة بسبب حفل محمد رمضان ومطرب يلغي حفله في الساحل حدادًا على المتوفي    أبرزها رفع المعاش واعتماد لائحة الإعانات.. قرارات الجمعية العمومية لاتحاد نقابات المهن الطبية    إسماعيل هنية كشف خيانة الثورة المضادة فباركوا قتله .. عام على اغتيال قائد حماس    حسام موافي ينصح الشباب: مقاطعة الصديق الذي علمك التدخين حلال    منها «الذهاب بكثرة إلى الحمام ».. 6 علامات مبكرة تدل على سرطان البروستاتا يتم تجاهلها    وصول دفعة أطباء جديدة من عدة محافظات إلى مستشفى العريش العام    للرزق قوانين    هل يشعر الأموات بما يدور حولهم؟ د. يسري جبر يوضح    أمين الفتوى: البيت مقدم على العمل والمرأة مسؤولة عن أولادها شرعًا    هل أعمال الإنسان قدر أم من اختياره؟ أمين الفتوى يجيب    الأسهم الأوروبية تتكبد خسائر أسبوعية بعد أسوأ جلسة منذ أبريل    وزير الأوقاف يؤدي صلاة الجمعة من مسجد الإمام الحسين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحزب الحاگم يزور ضد الأخوان ولصالح مرشحيه فقط
نشر في الأهالي يوم 05 - 01 - 2011


الانتشار الجماهيري للتجمع حصانة ضد التهميش
دخلت أحزاب المعارضة الانتخابات دون أن تحصل علي ضمانات لنزاهة هذه الانتخابات، وكانت تعرف أن التزوير سيحدث حتما، وأنه لم يعد هناك إشراف قضائي فعلي علي عمليات الاقتراع.
وكانت أحزاب المعارضة تعرف أن اللجنة العليا للانتخابات بلا صلاحيات حقيقية، وأنها ليست محايدة، وأن الجداول الانتخابية غير سليمة. وكانت أحزاب المعارضة تعرف - سلفا - أن الأجهزة الأمنية والإدارية سوف تتدخل في الانتخابات، وأن سلاح المال سيلعب دورا رئيسيا في التأثير علي العملية الانتخابية، وأن المحافظين وأجهزة الحكم المحلي سيكونون في خدمة الحزب الحاكم.
وكانت أحزاب المعارضة تعرف عيوب وسلبيات وكوارث النظام الفردي في الانتخابات وتأثيرات نظام نواب الخدمات، وكذلك التأثيرات العائلية والقبلية والجهوية وطمس الأبعاد السياسية والبرامج الاقتصادية والاجتماعية، وإخلاء الساحة.. إلا من البلطجة والعنف والإرهاب.
كما كانت أحزاب المعارضة علي يقين من النتائج المنطقية لرئاسة رئيس الجمهورية للحزب الحاكم والعواقب الوخيمة لاندماج هذا الحزب في كل أجهزة الدولة مما يحول دون تكافؤ الفرص وإجراء انتخابات حرة ونزيهة.
لماذا.. المشاركة؟
وهنا يحق لكل من يقرأ هذا الكلام.. أن يطرح السؤال: لماذا - إذن - دخلتم الانتخابات؟
وهنا.. لا أستطيع أن أجيب بالنيابة عن أحزاب المعارضة الأخري، أما فيما يتعلق بحزب التجمع، فإن الفهم السائد لدي قيادات الحزب أن مقاطعة الانتخابات تتطلب شروطا كثيرة حتي لا ينعزل الحزب عن المعترك السياسي.. فالمقاطعة ليست مهمة سهلة، وهي أكثر صعوبة - في شروطها - من المشاركة.
المقاطعة تحتاج إلي ما يقرب من الإجماع الشعبي والاستعداد الجماهيري لتقبل الفكرة بما يضمن أن يكون المواطنون في حالة لا تتيح لهم انتظار الانتخابات لاقتناص الموافقة الحكومية علي تحقيق بعض الخدمات التي تحتاجها مناطقهم أو دوائرهم الانتخابية.. حالة لا تجعل بعض المواطنين ينتظرون الانتخابات للحصول علي بعض المنافع.
ولم تكن المقاطعة ذات جدوي أو تأثير مادامت بقية الأحزاب «الوفد - الناصري - والأحزاب الأخري الصغيرة» مشاركة في الانتخابات، بل إن جماعة الإخوان المحظورة كانت قد قررت المشاركة.
ومقاطعة الحزب للانتخابات كان يمكن أن تعرض الحزب لخطر الترهل والاسترخاء وتحرمه من فرصة النزول إلي الشارع بكل ثقله.. فالانتخابات هي المناسبة للتعبئة العامة داخل الحزب، وإطلاق نداء التأهب لرفع مستوي الوعي السياسي والطبقي وسط الجماهير، وزيادة النفوذ السياسي للحزب بين المواطنين، وبناء قواعد شعبية وركائز جماهيرية، وتوسيع العضوية إلي أقصي حد ممكن، وشرح برامج الحزب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واكتشاف أي أخطاء أو ثغرات أو سلبيات في هذه البرامج وتصحيحها من خلال الاستماع إلي آراء أبناء الشعب فيما نقوله وندعو إليه.
كما أن الانتخابات مناسبة لنقل نشاط الحزب إلي أبعد المسافات، وتوغل هذا النشاط في أعماق القري وتدريب المزيد من الكوادر الحزبية علي العمل الجماهيري وقيادته وكيفية التخاطب مع الناس العاديين ورفع مستوي القدرة علي الإقناع وتعميق العلاقات والتحالفات. وهذه الأهداف التي يسعي الحزب إلي تحقيقها.. أكثر أهمية من عدد المقاعد التي يحصل عليها في مجلس الشعب، لسبب بسيط هو أنه حتي في حالة فوز ثلاثين مرشحا للتجمع، فإنهم لن يتمكنوا من تغيير المعادلة السياسية القائمة، مادام الحزب الحاكم يسيطر علي الأغلبية وقادر علي تمرير القوانين التي يريدها.
وحزب التجمع لم يرشح ذلك العدد من المرشحين الذي يمكن أن يحقق الأغلبية حتي في حالة فوزهم جميعا.
والحزب الذي يريد إصلاحا سياسيا جذريا لا ترضيه مقاعد مجلس الشعب - مهما كان عددها - ما لم يستطع تطبيق برامجه، ولذلك تعتمد الأحزاب الثورية علي المعارضة الشعبية خارج البرلمان في الضغط علي البرلمان لتحقيق مطالب جماهيرية.
وقيمة وجود تمثيل للحزب داخل مجلسي الشعب والشوري هو أن يستخدم النائب عن الحزب منبر البرلمان في إعلان موقف حزبه، وفضح المواقف المعادية للشعب، وفي هذه الحالة، فإن الكيف.. لا.. الكم هو الأساس، أي أن يلعب العدد المحدود من ممثلي الحزب في البرلمان دورا أكبر بكثير من عددهم، ويحشدوا الشارع دعما لمواقفهم.. جنبا إلي جنب مع القوة الضاربة للحزب خارج البرلمان.
أين الأخطاء؟
هل وقع حزب التجمع في أخطاء.. ساهمت في نتائج الانتخابات؟ ثمة أفكار يمكن طرحها للمناقشة، وقد تكون محورا لنقد ذاتي إذا وجدت قبولا من الباحثين عن الحقيقة.
رغم أن الحزب نجح في صياغة برامج نوعية ممتازة واشتبك في معارك عديدة دفاعا عن مصالح الشعب، لكن صراعات تنظيمية وجانبية وهامشية مختلفة أعاقته عن المزيد من الحركة، فقد شغل الحزب نفسه بعدة خلافات سبقت المؤتمر العام للحزب وواكبت هذا المؤتمر وأعقبته وتسببت في ما يشبه المواجهات داخل الهيئات الحزبية.
ولا أقصد بذلك تعدد الآراء داخل الحزب، فتلك ظاهرة صحية، وإنما أقصد وجود ما يشبه تيارات تتكتل حول نفسها في مواجهة تيارات أخري، الأمر الذي كان يعرقل الحوار الموضوعي وينعكس علي أوضاع تنظيمية معينة.
ولا ننسي كيف استغرق الحزب لفترة غير قصيرة في مشكلة فرضت عليه تحمل اسم «مشكلة أبوالعز الحريري» الذي نقل خلافه مع الحزب إلي وسائل الإعلام.
ولا ننسي كيف استغرق الحزب في مشكلة «حلوان»، وما ترتب عليها من سلسلة طويلة من المناقشات والاجتماعات واللجان التي استنزف الحزب خلالها جهدا وطاقة علي حساب العمل الجماهيري وعلي حساب الإعداد للانتخابات.
قواعد الترشيح
واجهت لجنة الانتخابات المركزية مشكلات عديدة خلال إعدادها للانتخابات.
.. فرغم أن اللجنة وضعت عدة قواعد ومعايير وشروط لاختيار المرشحين، فإن بعض المحافظات لم تضع هذه القواعد نصب عينيها.
كانت القواعد تتطلب أن يكون المرشح صاحب تاريخ وطني وسجل ممتاز في خدمة أهل دائرته الانتخابية، وأن يتمتع بشعبية كبيرة ويكون محبوبا وحسن السمعة ويشتهر بالصدق والنزاهة والاستقامة والأخلاق الحميدة والسلوك القويم، ويكون قادرا علي مخاطبة الناخبين بأسلوب بسيط ومقنع، وتكون له علاقات قوية ومتينة بأهم مراكز التأثير في الدائرة، وقادرا علي صنع التحالفات.. وفرصته في الفوز.. كبيرة، ويتوافر لديه عدد غير قليل من الكوادر الحزبية التي تلعب دور أركان الحرب بالنسبة له، مع استبعاد أي مرشح يكون قد سبق له الترشيح أربع أو خمس مرات دون أن يحالفه التوفيق، علي أن يتوافر في كل الأحوال عنصر الالتزام الحزبي.
واعتبرت قيادة الحزب أن أمانات المحافظات هي الجهة التي تتولي اختيار المرشحين الذين تريد دخولهم الانتخابات.
وبدلا من أن تطبق بعض أمانات المحافظات تلك القواعد والشروط التي سبقت الإشارة إليها.. انقلب الأمر - في حالات معينة - إلي صراعات ومنافسات شخصية وخصومات دون الحرص الكافي علي مراعاة العوامل الموضوعية التي يجب أن تتحكم في الاختيار وترجح ترشيح هذا الشخص أو ذاك.
وعندما فرغ الحزب من إعداد قائمة المرشحين، كانت أي نظرة موضوعية إلي القائمة تستدعي اكتشاف ثغرات.. بل عدم توافر الإجماع عند اختيار المرشح، كما لوحظ قدر من المجاملات.
ولو أن حزبنا استخدم كل إمكاناته وطاقاته في الفترات السابقة لدعم البناء الحزبي وتعزيز الوجود والانتشار الجماهيري للحزب مستفيدا من أن كل ما دعا إليه وطالب به طوال السنوات الماضية ثبت صحته.. لكان من السهل عليه، بعد أكثر من ثلاثين سنة من العمل السياسي والمعارك والمواجهات والتضحيات، أن يكون قادرا علي الترشيح في كل الدوائر الانتخابية، وأن يكون مرشحوه فيها أقوي وأكفأ العناصر وأكثرها شعبية وقدرة علي تحريك الجماهير والتصدي لعمليات التزوير بشكل أفضل.
كان في إمكان حزب التجمع أن يقدم للناخبين، من الإسكندرية إلي أسوان، ممثليه الحقيقيين من خلال حركة جماهيرية حاضنة تكف أيدي المزورين وتحاصرهم وتشل مؤامراتهم.
حصار التزوير والبلطجة
ومن الناحية السياسية، تصور بعض المعارضين أن اتجاه الحزب الحاكم لتضييق الخناق علي مرشحي جماعة الإخوان يمكن أن يؤدي إلي تخفيف عمليات التزوير ضد المرشحين الذين لا ينتمون إلي الجماعة، بمعني أن المعارضة السياسية يمكن أن تستفيد من الصراع بين النظام الحاكم.. والجماعة.
وقد أدرك هؤلاء المعارضون - في وقت متأخر - أن الحزب الحاكم قرر أن يدير المعركة ضد مرشحي الإخوان وأن يمارس التزوير لحسابه، أي أن عمليات التزوير الصارخة والفجة لابد أن تشمل كل فصائل المعارضة، مع عدم السماح للمعارضين السياسيين بالاستفادة من أي مساحة تصويتية ناشئة عن عزل الإخوان، حيث إن أحزاب المعارضة الرئيسية - وخاصة اليسار - هي العدو الألد للحزب الحاكم لأن برامجها هي التي تطرح الحلول الحقيقية البديلة للسياسات الرسمية الحالية.
ولأن حزب اليسار يشكل المعارضة الرئيسية لسياساته علي كل المستويات، وخاصة الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما ظهر بوضوح في المواقف والقضايا الكبري المتعلقة باقتصاد السوق العشوائي والخصخصة، وتدمير الصناعة الوطنية والزراعة، والتأمين الصحي والمعاشات، والحد الأدني للأجور، وغيرها.. فإن الحزب الحاكم حاصر العدد الأكبر من مرشحيه بعمليات التزوير والبلطجة.
فكرة الانسحاب من انتخابات الإعادة
في الجولة الثانية من الانتخابات.. كان هناك طرف ثالث إلي جانب الحزب الذي يشارك بالفعل في انتخابات الجولة الأولي، وإلي جانب الحكومة.
وهذا الطرف الثالث هو: الناخبون أنفسهم الذين التفوا حول مرشحي الحزب، وأصبحت مشاركتهم في قرار الاستمرار أو الانسحاب.. ضرورية حتي لا نخذلهم.
وقد تابع كاتب هذه السطور بنفسه الدعم الذي قدمه مئات الآلاف من الناخبين لمرشحي الحزب في الإعادة.
وكان الانسحاب يشكل - بالنسبة لهؤلاء الناخبين، الذين يتشبثون بمرشحيهم - طعنة كبيرة.
وكان القناع قد سقط عن.. وجه الحزب الحاكم.
انه يخوض معركة استئصال للمعارضة.
ولم يكن التزوير مفاجأة لنا.. وإن لم يكن متوقعا بهذا الحجم والاتساع والشمول، وساد الرأي القائل بعدم تسهيل مهمة الحزب الحاكم الاستئصالية التي تستهدف إبادة المعارضة، وأن المشكلة ليست عدد المقاعد، وإنما أصبحت أكبر من ذلك بكثير وتتجاوز مجرد التزوير.. إلي إلغاء الحياة السياسية والتعددية.
واقتضي الأسلوب اللائق التشاور مع المرشحين في جولة الإعادة، كما فرضت الضرورة عليهم التشاور بسرعة مع أكبر عدد ممكن من ناخبين، وكانت النتيجة هي الاستمرار، وهو ما قررته الهيئة القيادية بأغلبية الأصوات.
وهنا ينبغي أن نسجل أن الأحزاب التي قررت الانسحاب من الجولة الثانية اتخذت قرارها دون أن تفكر في التشاور معنا، كما لو كانت قد افترضت أنه يكفي أن تتخذ - هي - القرار.. وما علينا سوي التنفيذ!
ماذا بعد الانتخابات؟
تم التزوير كما هو متوقع.. وحدثت أسوأ انتخابات في تاريخ مصر، وليس جديدا أن يكشف الحزب الحاكم عن إصراره علي احتكار السلطة والبرلمان والعمل السياسي وأن ينفرد بصنع القرار.
.. فهذا الاحتكار من مقتضيات الحفاظ علي مصالح طبقية معينة، ولكن النظام الحاكم عزل نفسه عن الشعب أكثر من أي وقت مضي وأصبح مرفوضا من الجماهير بما يشبه الإجماع.
وكرس الحزب الحاكم نفسه ليكون ألعوبة في أيدي عناصر من المليارديرات المحتكرين، وتأكد أن زواج المال بالسلطة أصبح خطرا علي الوطن ومستقبله، وأن طريق الإصلاح السياسي بات مسدودا تماما.
ومرة أخري، نوضح أن اشتراكنا في الانتخابات لم يكن يستهدف الحصول علي أغلبية مقاعد مجلس الشعب وتولي الحكم.. فنحن نعرف أنه في ظل هذه الأوضاع.. يتخذ الحزب الحاكم كل احتياطاته ويستصدر كل قوانينه ويعد كل قواته وإجراءاته للحيلولة دون حدوث ذلك، وإنما كان هدفنا أن نرفع صوتنا من خلال مجلس يشكله الحزب الحاكم «ويفبرك» أغلبيته.. لكي نرغم الحكام علي الاستماع إلي أصوات الشعب الذي يحاولون خنقه بكل السبل.
والآن.. ظهر من خلال نتائج الانتخابات أن الحكم يستعيد نظام الحزب الواحد والفكر الواحد والرأي الواحد، وأن الحلقة الثانية من خطته الجهنمية - بعد تزوير الانتخابات - تتضمن تحطيم أحزاب المعارضة الرئيسية «التجمع - الوفد - الناصري».
وكل الشواهد تدل علي ذلك.
بل إن الأمر وصل إلي حد ظهور فكرة أن الحزب الحاكم يمكن أن يسند إلي بعض أعضائه مهمة «تمثيل» دور المعارضين بحيث تنتفي الحاجة إلي وجود معارضة سياسية في البلاد.
وقد لاحظ الكثيرون، كيف قامت قيادات الحزب الحاكم بتصعيد الهجمات علي أحزاب المعارضة في المؤتمر السنوي السابع للحزب.
وكل المؤشرات تدل علي أن الحزب الحاكم بدأ يتحول إلي حزب فاشي بعد أن توحش رجال المال والأعمال الذين تولوا إدارته، وأنه سوف يستعين - أكثر من أي وقت مضي - بأدوات الدولة البوليسية للقضاء علي المعارضة، وخاصة أن هذا الحزب يعتزم اتخاذ المزيد من الخطوات من أجل التصفية النهائية لأي مكاسب يكون الشعب قد حققها في العقود الماضية، كما أن هذا الحزب الحاكم يعتزم أن يجعل من الانتخابات الرئاسية القادمة - هذا العام - وسيلة لتكريس سياساته والأوضاع القائمة.
وقد توصل هذا الحزب الحاكم إلي نتيجة مفادها أنه ينبغي الحفاظ علي النظام الفردي في الانتخابات، وأنه لابد من رفض تغيير نظام الانتخابات، كما أعلن الوزير مفيد شهاب في مؤتمر الحزب الحاكم، فهذا النظام الفردي يخدم غرض إبعاد الجماهير عن السياسة وقضايا الوطن الكبري.
ولكن النظام القائم.. في أضعف حالاته، فقد فشل علي كل الأصعدة:
فشل في مكافحة الفقر ورفع مستوي المعيشة.
وفشل في مواجهة الغلاء وضبط الأسعار.
وفشل في حل مشكلة البطالة.
وفشل في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطعام.
وفشل في حماية الصناعة الوطنية وتطوير الزراعة.
وفشل في حماية أراضي الدولة وتركها لكي تنهبها عصابات المافيا.
وفشل في تطوير التعليم وتحقيق الحد الأدني من الرعاية الصحية والاجتماعية.
وفشل في إقامة بنية أساسية تكفل توفير مياه الشرب النقية وإقامة شبكات الصرف الصحي.
وفشل في معالجة مشكلة العشوائيات.
وفشل في حماية الوحدة الوطنية وإزالة الاحتقان الطائفي.
وفشل في تحسين نوعية الحياة في الريف.
وفشل.. حتي في تنظيم المرور.
قائمة الفشل طويلة.. طويلة.
وفي نفس الوقت تدهورت سمعة الحزب الحاكم والنظام السياسي القائم كله.. في العالم بأسره.
واجبات حزبية عاجلة
ونقطة البداية في مواجهة المخطط الحكومي لتحطيم أحزاب المعارضة هي تحقيق المزيد من التماسك والتلاحم داخل كل حزب من أحزاب المعارضة الرئيسية.
يمكن أن تحدث خلافات داخل كل حزب حول تقييم نتائج الانتخابات أو ما إذا كانت المقاطعة هي الأفضل أو أن الانسحاب من الجولة الثانية كان هو الحل.
ونؤكد مرة أخري أنها خلافات صحية تثري الحوار داخل أي حزب وتضاعف قوته.
ولكن هناك فارقا جوهريا بين حوارات داخل الأحزاب تؤدي إلي دعمها وإلي الاستفادة من تجاربها وتعزيز تماسكها وتلاحمها.. وبين خلافات تدار علي نحو يؤدي إلي تمزيق الحزب وشل حركته ونشاطه ويتخللها توجيه الاتهامات المهينة لقياداته وإنكار تاريخهم النضالي المشرف وانتهاك كل القواعد التنظيمية والخروج علي مبدأ خضوع الأقلية للأغلبية.
المشكلات الاقتصادية والاجتماعية في بلادنا تتفاقم.. والمظاهرات والإضرابات والاعتصامات والوقفات الاحتجاجية لا تتوقف.. وهي تنتظر من يقودها لتحقيق أهدافها المشروعة.
ومئات الآلاف الذين التفوا حول مرشحينا في الانتخابات الماضية ينتظرون تحركنا من أجل المطالب المعيشية والديمقراطية.
فهل يلتفت حزبنا إلي واجباته العاجلة والملحة، أم يستهلك نفسه في صراعات تؤدي إلي الفرقة بدلا من أن تؤدي إلي قفزة وانطلاقة في نشاط الحزب؟
بعد تزوير الانتخابات، لم يبق هناك أي أمل تتعلق به جماهير الشعب سوي أحزاب المعارضة الرئيسية، وفي مقدمتها حزب اليسار الذي تنتظره مهام كبري في العمل السياسي والجماهيري، وإعداد كوادر جديدة وقيادات جديدة وتطوير العمل الإعلامي والتثقيفي.
إننا في حاجة إلي زيادة عضوية الحزب خلال العام الجديد إلي عشرة أضعاف علي الأقل وبناء وحدات أساسية في كل مدينة وقرية والتواجد - بقوة - في الأوساط الطلابية والعمالية وفي النقابات العمالية والمهنية.
وفي حاجة للإعداد - منذ الآن - للانتخابات البرلمانية القادمة علي أن نضع نصب أعيننا أننا لن نشارك منها بقائمة مرشحين تضم سبعين أو ثمانين مرشحا.. بل بمرشحين في جميع الدوائر.. مؤهلين للتصدي لعمليات التزوير بكل قوة وبدعم شعبي.
والهدف هو الحصول علي أغلبية المقاعد.
فحزب التجمع تأسس منذ أكثر من ثلاثين سنة وخاض غمار معارك حاسمة، وتأكد لدي الجميع أن برامجه ومطالبه وشعاراته كانت هي الصحيحة دائما.. وأنه خير من يمثل الشعب المصري بأمانيه وطموحاته النبيلة.
أما الجدل حول عدد من المقاعد في إطار محدود يكفي لرفع الصوت داخل مجلس الشعب، فقد تركناه وراء ظهورنا لكي نضع هدفا أكبر.. جدير بنا وبنضالنا وبتضحياتنا وبحزبنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.