جاء أول رد فعل لمذكرة الأحزاب للرئيس عدلي منصور والتي طالبته بإصدار قانون انتخابات مجلس النواب علي أساس نظام القائمة النسبية غير المشروطة والمنقوصة مع حرية تشكيل القوام، من خلال عدد من أساتذة القانون بالجامعات غير المنتمين للأحزاب السياسية. وقد اعترضوا جميعا علي نظام القائمة النسبية المقترح في مذكرة الأحزاب، وأسسوا اعتراضهم علي مجموعة من الأسباب، أهمها: * عدم دستورية نظام القائمة النسبية. * مذكرة الأحزاب تلزم الأفراد بالانضمام للأحزاب، وتخل بمبدأ المساواة في عملية الترشيح للانتخابات البرلمانية المقبلة. * نظام القائمة هو الذي جلب للشعب أشخاصا مجهولين لا يعرفهم الناخبون فضلا عن كونهم ليسوا أكفاء علي الإطلاق. * النظام الفردي هو الأنسب لتحقيق فكرة الاستقرار. * نظام القوائم هو النظام الذي سيعود بالدولة لنظامي الإخوان والحزب الوطني. ويبدو أن أساتذة القانون بالجامعات لم يقرأوا نص المذكرة، ولم يراجعوا بدقة مواد الدستور (دستور 2014). فالقول بعدم الدستورية تدحضه نص المادة (102) من الدستور، فالفقرة الثالثة من هذه المادة تعطي المشرع الحق في تحديد «نظام الانتخاب» وتقول بوضوح «.. ويجوز الأخذ بالنظام الانتخابي الفردي أو القائمة أو الجمع بأي نسبة بينهما». والقياس علي نظام القائمة الذي طبق في انتخابات 1984 ثم في انتخابات 1987 وحكم بعدم الدستورية في المرتين، قياس خاطئ، فدستور 2014 يختلف عن دستور 1971، ونظام القائمة الذي اعتمد عام 1984 وعام 1987 كان نظاما ملفقا لا علاقة له بنظام القائمة النسبية كما عرفته النظم الانتخابية في دول العالم الديمقراطي، ويخل بمبدأ المساواة حيث ميز الأقلية المنتمية للأحزاب السياسية عن الأغلبية غير المنتمية. ويقودنا ذلك للخطأ الآخر الذي وقع فيه اساتذة القانون الدستوري، وهو الادعاء بأن النظام المقترح من الأحزاب يخل بمبدأ المساواة بين المواطنين في عملية الترشيح، ويلزم الافراد بالانضمام للأحزاب! فالاقتراح يقوم علي نظام القائمة النسبية غير المشروطة والمنقوصة، مع حرية تكوين القوائم، وحق كل حزب أو مجموعة احزاب أو مجموعة افراد (مستقلين عن الاحزاب) أو فرد واحد أن يشكل قائمة تخوض الانتخابات، دون أن يكون ملزما بأن تكون القائمة مكتملة أو أن يرشح في كل الدوائر أو أن تقتصر القائمة علي اعضاء الحزب، بل يمكن أن تضم ائتلافا بين احزاب، أو أحزاب ومستقلين، أو مستقلين فقط. إن النص علي حرية تكوين القوائم وعدم وجود شرط الحصول علي نسبة معينة علي المستوي الوطني لتمثيل القائمة في مجلس النواب، والقبول بأن تكون القوائم منقوصة، يحقق المساواة التامة بين المواطنين، وبين «الحزبيين» و»غير الحزبيين». ولا أدري كيف خيل لأساتذة القانون الدستوري أن نظاما بهذا الوضوح يتكلم بقوة عن المستقلين وغير المنتمين للأحزاب، «يلزم الأفراد بالانضمام للأحزاب»! والادعاء بأن النظام الفردي يؤدي لوجود نواب اكفاء علي عكس نظام القائمة هو قلب للحقائق. ففي ظل النظام الفردي المطبق في مصر وصل إلي البرلمان مئات النواب غير الاكفاء وغير القادرين علي ممارسة الرقابة والتشريع- وهي مهمة المجلس النيابي- لأن عوامل الفوز في الانتخابات الفردية تتركز في انتماء المرشح لعائلة ذات نفوذ أو عشيرة أو قبيلة وانفاقه للملايين خلال المعركة الانتخابية وتحقيق مصالح فردية للناخبين، وانتجت في النهاية ظاهرة «نائب الخدمات». ونفس الأمر بالنسبة للادعاء بأن نظام القائمة سيؤدي لعودة نظام الإخوان. فإمكانية فوز مرشحي الاخوان في الفردي أكبر من احتمال فوزهم في نظام القائمة. ففي انتخابات مجلس الشعب الأخيرة حصل حزب الحرية والعدالة (الإخوان) علي 127 مقعدا من 364 مقعدا خصصت للقوائم بنسبة 34.98%، بينما حصد 105 مقاعد من 182 مقعدا خصصت للدوائر الفردية بنسبة 57.96%. واستخدام فزاعة الإخوان في الانتخابات القادمة، يتجاهل الضربات الأمنية والسياسية التي اضعفتهم وحولتهم من تنظيم سياسي إلي عصابة إرهابية، تكاد تغيب عن العمل السياسي.