يأتى شهر مارس من كل عام لنحتفل بالمرأة بصفة عامة وبالمرأة المصرية بصفة خاصة ونتحدث فيه عما فعلته المرأة وماحققته من انجازات وماتحتاجه من رعاية. والحقيقة أن كل ما سبق يدخل فى إطار الحديث العام فى حين أن ما فعلته المرأة المصرية منذ 25 يناير 2011 حتى وقتنا الراهن فاق كل التوقعات. فقد شاركت هذه المرأة فى ثورة 25 يناير 2011 وموجاتها المتتالية حتى 30 يونيو 2013، وشاركت فى كل الاستحقاقات بدءاً من استفتاء 19 مارس حتى الاستفتاء على دستور 2012 المعدل أو ما يعرف بدستور 2014. وعبر هذه المسيرة قادت المرأة كفاحا مريرا مع كل قوى الرجعية والتخلف فى المجتمع من اجل الحفاظ على مكتسباتها وحقوقها، والتى حصلت عليها نتيجة كفاح طويل وليس منحة من احد، بل وأستطيع أن أقول بملء الفم أن المرأة المصرية هى الفاعل الاساسى الذى اسقط الإخوان المسلمين فى 30 يونيو عندما شعرت بالتهديدات التى تحيق بكل ما حققته من انجازات وتشهد ميادين مصر على ذلك ويشهد صوت النساء المجلجل فى هذه الميادين على ذلك. والحقيقة أن هذا الحديث ليس هدفه التذكير بما فعلته النساء، ولكن التذكير أن دوما ما يكون للمرأة المصرية دور حاسم فى إحداث التحولات الكبرى، ولكن عندما يهدأ تراب المعركة ونبدأ فى ترتيب البيت من الداخل يتم تناسى أو تجاهل المرأة المصرية. فبعد أن لقي خروجها لمواجهة حكم الإخوان الفاشى تقديرا واحتراما من كل القوى السياسية، نجد الأصوات تخفت وتتلاشى عندما نتحدث عن نصيب عادل للمرأة فى مقاعد البرلمان، لايتوازن فقط مع حجمها ولكن دورها وما دفعته من ثمن. والأمر الغريب أن هذه الأصوات لاتأتى فقط من السلطة ولكنها تأتى أيضا من الأحزاب السياسية. فإذا تحدثنا عن تمثيل مشرف فى القوائم الانتخابية، تأتى الأحزاب السياسية والتى تنادى طوال الوقت باحترام الديمقراطية وتضع المرأة فى ذيل قوائمها. ولايختلف الأمر عندما ننظر لبرامج المرشحين فى الانتخابات سواء كانت رئاسية أو برلمانية إذ لانجد تناولا محترما لقضايا المرأة المصرية ومراعاة للشرائح الأضعف فى المجتمع من النساء، هؤلاء اللاتي مع ضعفهن وحاجاتهن يقدمن أفضل النماذج لنساء يتحدين الظروف ويسعين إلى تعليم أولادهن. خلاصة القول، إن النظر لقضايا المرأة فى كل برامج المرشحين للانتخابات الرئاسية والبرلمانية من منظور جزئي وعلى أن المرأة كمالة عدد على رأى المثل لم يعد مقبولا. لابد أن تستند برامج المرشحين إلى رؤى متكاملة لقضايا المرأة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وان يكون هناك اقتناع بأن تقدم المجتمع مرهون بإتاحة الفرصة للمرأة أن تتعلم تعليما جيدا وان تحصل على رعاية صحية لائقة وان تعمل عمل لائق، وقد أكدت كثير من الدراسات فى مصر أن عائد تعليم وعمل المرأة يعود فى الغالب على أسرتها أكثر من الرجل. كل سنة وأنت طيبة ياست الكل.