لا تقلقوا علي المرأة المصرية, ولا تتحدثوا باسمها ولا تنصبوا أنفسكم أوصياء عليها ولا مدافعين عن حقوقها.. وتوقفوا عن تسجيل بطولات علي حسابها وكفاكم هذا القدر من الكلام الذي لم يصب حرف واحد منه الهدف حتي الآن لتناسيكم قدر وقدرة المرأة المصرية لأنكم باختصار لم تقرأوا التاريخ ولا تقارير التنمية البشرية بقدر من التمعن, بل وغضضتم الطرف عن رؤيتها وهي تحاضر في الجامعة أو تضرب الأرض بفأسها دون توجيه منكم أو مطالبة لها بالقيام بعملها. هذا هو لسان حال كل من شارك في مؤتمر المجلس القومي للمرأة هي والرئيس.. مستقبل المرأة في مصر بعد الثورة والذي كان اختيار توقيت انعقاده اختيارا عبقريا, حيث سبق توقف المرشحين عن دعايتهم الانتخابية( بحكم القانون) ب84 ساعة فقط, أي أنه بمثابة الفرصة الأخيرة للكشف عن توجهاتهم, بعد أن استمعوا إلي كل الآراء واستفاد بعضهم من أخطاء البعض الآخر, وتأكدوا من أهمية صوت المرأة التي يصفها البعض بالبوصلة حيث تمثل النساء كتلة تصويتية قوامها32 مليون ناخب من بين94 مليون ممن لهم حق التصويت, وهو رقم بالتأكيد يهم كل المرشحين حتي إن لم يكن اهتمامهم مرجعه أنها تمثل حوالي نصف المجتمع أو إذا لم يكونوا قد انتبهوا إلي الحقيقة التي أكدتها السفيرة ميرفت التلاوي رئيسة المجلس القومي للمرأة وهي أن ترتيب مصر بين دول العالم في التقدم هو رقم111 من بين781 وأن هذا الوضع المتدني هو نتيجة تدني أوضاع المرأة في التعليم والصحة والاقتصاد.. الخ. من جهة أخري حرصت رئيسة المجلس علي عقد هذا المؤتمر قبل الانتخابات لأنها الفرصة المناسبة لطرح المطالب والاقتراحات, ووجهت الدعوة لكل المرشحين لرئاسة الجمهورية لحضور المؤتمر والاستماع للنساء ومناقشتهم لتكون المرأة في برامجهم الانتخابية, وقد حرص البعض علي الحضور وأوفد البعض الآخر من يتكلم بلسانه, وهناك من غاب دون سبب واضح وبرر آخرون سبب غيابهم بأن المرأة المصرية ليست قلة حتي يتوجهوا لها بخطاب محدد بل هي جزء من المجتمع الذي يتوجهون إليه بخطابهم كل لحظة. ولأن سباق الرئاسة قد انتهي ونحن اليوم في انتظار اسم المرشح الفائز فلا طائل من إعادة تقويم مكون المرأة في برامجهم الذي إنصب بدرجة كبيرة خاصة في كلماتهم بالمؤتمر علي المرأة المعيلة ووضعها في الاعتبار والتأكيد علي حماية حقوق النساء ومكتسباتهن دستوريا وقانونيا وتمكينهم اقتصاديا. وتعقيبا علي اختيار قضية المرأة المعيلة كقضية أساسية لمعظم المرشحين, أوضحت د.نيفين مسعد أستاذة العلوم السياسية وعضو المجلس القومي للمرأة أن بعض المرشحين اختار هذه القضية لأنها لا خلاف عليها ولن تجد من يرفضها, وذلك هربا من القضايا السياسية التي يحيطها العديد من الاشكاليات, وقالت من جهة أخري ان النصوص عادة جيدة ولكن التطبيق غير ذلك, وان بعض البرامج تتحدث عن تحقيق التوازن بين الدور الانجابي للمرأة والدور العملي لها في حين أن المرأة نفسها هي التي تحقق هذا التوازن, كما أشارت الي أن الأغلبية من البرامج تضع النساء مع ذوي الاعاقات وأطفال الشوارع في حين أنه يجب التعامل مع المرأة كمواطن كامل الأهلية. وبخلاف هذه القضية تطرق المرشحون في كلماتهم إلي أمور أخري ووعود بأن يكون من بين نواب الرئيس امرأة, وغيرها من الوعود وتمت مناقشتهم في المخاوف من بعض الدعاوي الرجعية وناقشوا الحاضرين في تفاصيل وصفها البعض بأنها مخاوف للنساء وكأنهن من الضعف بدرجة تجعلهن في مقاعد المتلقين للأوامر والتعليمات. ويبدو أن هذه كانت القشة التي قصمت ظهر البعير, حيث نفذ صبر القاضية تهاني الجبالي من فرط ماسمعته وعايشته علي مدي الأشهر الماضية فطلبت الكلمة مقاطعة أحد المرشحين لتوجه سهامها إلي الجميع بكلمات أشبه بمشرط الجراح وهي الكلمات التي أعقبها تصفيق مستمر لعدة دقائق من الحضور الذين تجاوز عددهم الثلاثة آلاف مشارك ثلثاهم تقريبا من النساء, حيث تحدثت باسم المرأة مؤكدة أن النساء لم يكن شركاء في الفساد, وذكرت الجميع بأن المرأة المصرية بلغت الرشد, وانتقدت الجبالي الاستغراق في تفاصيل وأمور تخطيناها منذ عقود مؤكدة أننا كنساء لا نري حقوقا إلا بحق الوطن, ونريد رؤية شاملة لوطن يحترم حقوق أبنائه, وأن الحقوق الدستورية حق لكل مواطن, وعلي المرأة أن تعلي الصوت للمشاركة في الدستور وهذه المشاركة ليست منحة ولا منة من أحد. بل هي حق. وذكرت الجميع بمواقف المرأة المصرية منذ سبعة آلاف سنة واصفه تجاهل هذه المواقف بأنه مؤامرة علي الذاكرة الوطنية المصرية. وفي كلمة فاصلة وجهتها لكل التيارات والاحزاب السياسية قالت: لقد رسبتم جميعكم في الامتحان الأول بعد الثورة في الاقصاء ضد المرأة, البعض باسم الدين والبعض باسم الليبرالية ولم نر منكم أي رؤية تليق بمكانة المرأة المصرية. وانهت كلمتها مؤكدة أن صفوف النساء مخترقة من قبل من يروجون لفكرة أن تقدم المرأة لابد أن يكون ضد صحيح الدين. ختام كلمة القاضية تهاني الجبالي جاء متوافقا مع كلمة شيخ الازهر التي ذكر فيها بمشروع بيت العائلة المصرية الذي كان مبادرة من الأزهر الشريف نهاية عام0102 الذي يعد بمثابة هيئة قومية مستقلة تجمع الازهر والكنائس المصرية ويضم عددا من العلماء والمتخصصين مسلمين ومسيحيين من خارج المؤسستين بهدف إصلاح الخطاب الديني الإسلامي والمسيحي, والتركيز علي القيم المشتركة, إلا أن هذه المبادرة للأسف لم تجد تصيبها من الاهتمام الإعلامي. وأوضح من جهة أخري أن الازهر يستعد الآن للقاء كبير يجمع كل من ساهموا في إعداد وثائقه المتعلقة بالمرأة لإعلان وثيقة المرأة, فالازهر لن يسمح بأن يسلب من المرأة حق من حقوقها. ومن جهة أكد الانبا باسنتي حرص الكنيسة علي الوقوف بجانب المرأة والمدافعين عن حقوقها مستشهدا بموقف البابا شنودة الذي أدخل المرأة في عضوية مجالس الكنائس. ووصف د. محمد نور فرحات الفقيه الدستوري ونائب رئيس المجلس القومي للمرأة برامج المرشحين بأنها لم تتعامل مع قضايا المرأة في مصر, بل ان بعضهم لم يدرك المشاكل الحقيقية التي تعاني منها وهناك من يريد أن يسلب المرأة كل ما حققته من مكاسب, والمرأة تريد وفاء لما حققته ثورة52 يناير والتي جاءت لتحقق العدالة فاذا بنا نفاجأ بتدني أوضاع المرأة وانتهاك لحرياتها. د. هدي بدران رئيسة رابطة المرأة العربية طالبت الرئيس بأن تكون مطالب المرأة اولوية في كل اولوية فعلي سبيل المثال اذا كان التعليم اولوية فلابد ان يكون الاهتمام بالمرأة من أهم أولويات التعليم, كما طالبت بايجاد مساحة تناسب حجم المرأة في السطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية. وفي محاولة لوضع بعض المشاكل من أرض الواقع أمام الرئيس عرضت مجموعة من المشاركات تجاربهن في العمل العام كنموذج لمعاناة المرأة وما يصادفها من تحديات وايضا تخطيها لها, كان من بينهن ماجدة التونسي عضو مجلس الشعب عن حزب الوفد التي اوضحت معاناة المرأة في الوصول للبرلمان, والمهندسة رجاء منصور من وحدة تكافؤ الفرص بوزارة المالية وهي الوحدات التي قرر المجلس القومي للمرأة انشاءها بكل وزارة, وللاسف لم يكن لها دور في العديد من الوزارات, وتم تفعيل دورهذه الوحدات لما لها من اهمية في الحفاظ علي حقوق المرأة ودراسة مشاكلها في مكان عملها, أما فاطمة رزق فهي فتاة بسيطة من إحدي قري مصر, وبمساندة بدأت مشروعا صغيرا لصناعة الجلود أصبح الآن مصنعين يعمل بهما مئات العمال والعاملات, ولم تكن رحلتها سهلة ولكنها تغلت علي الكثير من الروتين والبيروقراطية وايضا واصلت تعليمها وجعلت من مكان عملها مؤسسة تنموية تضم فصولا لمحو الامية واكتساب المهارات خاصة للعاملات بها, وطرحت منال ابو السعود( ام وربة بيت) معاناتها في تنفيذ حكم نفعة واجب النفاذ وتطرقت لقضايا التعويضات, أما شيماء حمدي فقد انتقدت اداء المجلس القومي للمرأة كأحد مؤسسات الدولة, وقد تم الاستماع اليها وتذكيرها بان المجلس احد مؤسسات الدولة التي مازالت في مرحلة إعادة ترتيب الاوراق. نعم المجلس في مرحلة ترتيب الاوراق وسوف يحسن هذا الترتيب في ظل رئاسة السفيرة ميرفت التلاوي التي كانت صاحبة مواقف تحسب لها اهمها وقفتها الشهيرة والمشرفة في المحافظة علي أموال التأمينات. إذن المجلس بخير.. والمرأة المصرية ايضا ولا خوف علي مكتسباتها التي حتما ستتمسك بها وتقاتل للحفاظ عليها لانها حصيلة رحلة كفاحها علي مدي اكثر من قرن من الزمان بمساندة رجال مستنيرين.. وهي التي ستوجه البوصلة في المرحلةالقادمة. وللرئيس نقول أنه لايمكن للربان أن يبحر بدون بوصلة.