لا 400 ولا 1200 بل 1500 الناس من بؤس الحياة ونار الغلاء وتفاهة الأجور تئن وتستغيث. ولكن غير الله سبحانه وتعالي ليس لهم من مغيث. حتي بعد أن حكمت الادارية العليا بوضع حد أدني للأجر يتناسب مع تكاليف المعيشة وأعباء الحياة، لجأت الحكومة كعادتها الي الالتفاف حول حكم القضاء. فجأة أفاق المجلس القومي للأجورمن غيبوبة استمرت سبع سنوات عجاف ليقترح مبلغ 400 جنيه كحد أدني للأجر. اعترض ممثلو العمال في المجلس "القومي"، واعترض الناس في الشارع. لكن الحكومة تمضي سادرة في غيها، لا يردعها وازع من ضمير ولا احساس بالمسئولية ولا أي ضغط من المعارضة. لكنها لا تدرك أنها بذلك انما تلعب بالنار، لأن الناس طفح بهم الكيل. فمعلوم أن الحد الأدني للأجر في مصر لم يتحرك منذ ربع قرن. فما زال كما حدده القانون رقم 53 لسنة 1984 لموظفي الحكومة والقطاع العام بمبلغ 35 جنيها شهريا، وكما قرره القانون 119 لسنة 1981 للعاملين بالقطاع الخاص بمبلغ 25 جنيها شهريا لمن لا تقل سنهم عن 18 سنة و19 جنيها شهريا لمن تقل سنهم عن 18 سنة. نعم عزيزي القارئ، لم يتزحزح الحد الأدني للأجر منذ نلك الحين رغم زلزال الغلاء الذي قلب حياة الناس رأسا علي عقب و"جاب عاليها واطيها"، كما يقول المثل. رئيس الوزراء يقول ان رفع الحد الأدني للأجر فوق 400 جنيه سوف يؤدي الي التضخم والبطالة. وهذا في رأيه سيضر الفقراء ومحدودي الدخل في المقام الأول. فهل هذه الحجة معقولة؟ معلوم أن الحد الأدني للأجر هو أقل أجر يلتزم صاحب العمل بدفعه الي العامل بموجب القانون. وهو يأخذ في الاعتبار تغيير تكاليف المعيشة والانتاجية ومتوسط الدخل في المجتمع. وبناء علي ذلك نلفت نظر رئيس الوزراء الي أنه في ظل انفلات الأسعارلن تكفي 400 جنيه لمواجهة متطلبات الحياة الأساسية من مأكل وملبس ومسكن ومواصلات وعلاج ... الخ. فهل يتكرم سيادته ليقول لنا علي أي أساس تم تحديد هذا المبلغ الذي لا يسمن ولا يغني من جوع؟! وأقول لسيادته إن الحد الأدني للأجر الآن لا يجوز إن يقل عن 1500 جنيه. ان ادعاء الحكومة بأن رفع الحد الأدني للأجر علي 400 جنيه سيؤدي الي ارتفاع الأسعار مردود عليه بأن الغلاء الرهيب يكوي الناس بالفعل رغم تجميد الحد الأدني للأجر لأكثر من ربع قرن. والسبب الحقيقي للغلاء ليس ارتفاع الأجور، بل هو عربدة رأس المال وتغول الاحتكار في كل مجال مع تجاهل الحكومة للمنتجين الحقيقيين. ان انحيازها الصارخ لرجال البيزنس والمضاربين هو السبب الحقيقي لمعارضة الحكومة أي زيادة في الحد الأدني للأجر فوق 400 جنيه. ويكفي أن نعلم أن تشكيل المجلس القومي للأجور برئاسة وزيرالدولة للتنمية الاقتصادية يضم 14 عضوا ليس بينهم الا 4 فقط يمثلون العمال والباقي حكومة ورجال بيزنس. فهمتم الفولة؟ حكمة اليوم: "اعط الأجير حقه قبل أن يجف عرقه". حديث شريف