قرار المستشار عادل عبدالحميد وزير العدل في الحكومة المؤقتة بمنح الضبطية القضائية لأفراد الأمن الإداري بالجامعات في اجتماع المجلس الأعلي للجامعات، بموافقة جميع الأعضاء علي هذا المقترح بدعوي مواجهة حالة الانفلات الأمني داخل الحرم الجامعي، أثار حالة من الجدل والاستنكار من انتهاج أساليب الدولة البوليسية. ومحاولات قمع حريات الطلاب داخل الحرم الجامعي وتساءل البعض: هل قرار منح الضبطية القضائية هو الحل أم أن زيادة أفراد الأمن المدني داخل الجامعات وتدريبهم وتزويدهم بكل الأدوات للقيام بدورهم بشكل سليم وسريع في حالات الطوارئ أفضل من ذلك، حتي تكفل الحقوق والحريات الطلابية، وعدم المساس بأي منها استنادا إلي حجج أمنية مع التأكيد علي أن دور الأمن يجب فقط أن يقتصر لما يمكن أن يهدد أمن الطلاب، دون التدخل بأي شكل من الأشكال في العمل الطلابي، وانطلاقا من أن الجامعة هي بالأساس ساحة لممارسة الحقوق والحريات مثل الحريات الأكاديمية وحرية التعبير والحق في التنظيم لأنه قبل ثورة 25 يناير أدي انتهاك الحقوق والحريات في الجامعات إلي صدور حكم قضائي من المحكمة الإدارية العليا بإلغاء الحرس الجامعي التابع لوزارة الداخلية داخل أسوار الجامعات وهو المطلب الذي ظل المجتمع الأكاديمي يناضل من أجله سنوات طويلة في إطار معركة الدفاع عن استقلال الجامعة. العودة للحرس الجامعي فهل يعتبر منح الضبطية القضائية لموظفي الأمن الإداري بالجامعات بمثابة عودة للحرس الجامعي بزي مدني؟ - إن منح الضبطية القضائية لأفراد الأمن المدنيين بقرار من وزير العدل يتعارض مع تبعية الأمن الجامعي لرئيس الجامعة مباشرة، وفقا لنص المادة (317) من قانون تنظيم الجامعات التي تقضي بأن تتلقي وحدات الأمن الجامعي تعليماتها من رئيس الجامعة مباشرة وفي حالة منح الضبطية القضائية سوف تنتقل تبعيتهم للنائب العام وفقا لنص المادة (22) من قانون الإجراءات الجنائية وهو ما قد يهدد الجامعة مستقبلا لعدم وجود سلطة لرئيس الجامعة أو إدارتها عليهم ولذلك لابد من الالتزام بنص المادة (317) من قانون تنظيم الجامعات الذي يفرض إنشاء وحدات للأمن الجامعي تتبع رئيس الجامعة أو من ينوب عنه وتتبع المجلس الأعلي للجامعات ماليا، دون منح هذه الوحدات أي سلطة استثنائية لأن هذا القرار من شأنه تقويض استقلال الجامعات أو النيل من الحريات والحقوق الطلابية. هناك بدائل وتري الدكتورة ليلي سويف – الأستاذة بجامعة القاهرة – أنه لابد من رفض منح الجامعات الضبطية القضائية لأفراد الأمن الإداري وهو أمر مرفوض، فإذا كانت الجامعات تعاني أزمة في الأوضاع الأمنية فهناك بدائل كثيرة لتحسين دور الأمن في الجامعات، مثل الاستعانة بخريجي كليات التربية الرياضية كأفراد أمن، أو التعاقد مع شركات أمن متخصصة، وتتساءل سويف كيف تمنح الضبطية القضائية لأمن إداري غير مؤهل وغير مدرب، وهذا الأمر يحتاج إلي دراسة متأنية أولا، وهل هذه خطوة لمعالجة الانفلات الأمني أم أداة للتضييق علي الطلاب الذين يمارسون نشاطا سياسيا؟! الخوف من تلفيق التهم ويقول الطالب صلاح محمود: أمن الجامعة مجرد موظفين وولاؤهم لقيادتهم وفي حالة وجود خلاف بين طالب وأحد القيادات فسيتم تلفيق القضايا لهم، وكذلك تلفيق بلاغات كيدية في الطلاب، وأكد رفض الضبطية القضائية وأي إجراء استثنائي ضد الطلاب، خاصة مع وجود عقوبات إدارية مثل التحويل للتحقيق ومجالس التأديب، وأن الضبطية القضائية ما هي إلا عودة «للحرس الجامعي»، وهو يهدف إلي إشاعة جو من الإرهاب الفكري لا تتناسب مع ثورة 25 يناير، ويقترح أن تتم الاستعانة بشركات أمن خاصة مدربة مع أمن الجامعة، وليس العودة للانتقاص من الحريات الطلابية، وعودة أمن الدولة متخفيا في غطاء قانوني. منع العمل الحزبي وبينما تري أصوات مقربة من جماعة الإخوان أن الضبطية القضائية، هي حلقة جديدة في سلسلة التضييق علي حركة جماعة الإخوان خاصة مع بداية العام الدراسي الجديد 21 سبتمبر، وتخوف القيادات الجامعية وأجهزة الدولة من اندلاع مظاهرات طلابية رافضة لإجراءات 30 يونيو. يقول الدكتور محمد الطوخي – نائب رئيس جامعة عين شمس لشئون التعليم والطلاب: إنه لن يسمح بدخول أي طالب يحمل إشارة رابعة العدوية أو يرفع صورة للفريق أول عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع والإنتاج الحربي إلي حرم الجامعة، مؤكدا ممنوع العمل الحزبي داخل الجامعات، بينما قال الدكتور حسين عيسي رئيس الجامعة إن الضبطية القضائية ضرورية لحماية الجامعات من الانفلات الأمني الذي كانت تعاني منه في أثناء الدراسة في العام الماضي، مضيفا أن الضبطية القضائية تجربة ستقيس مدي نجاحها أو فشلها علي الجامعات، وأنه لن يتم تسليم الطالب لقسم الشرطة إلا في حالة التلبس، ولكن سيتم إرسال المحضر فقط للقسم بعد اطلاع رئيس الجامعة واللجنة القانونية عليه، لإثبات صحة ما ورد في المحضر ثم بعد ذلك تحقيقات والنيابة ستستدعي الطالب بمعرفتها. فهل يعالج قرار منح الضبطية القضائية لأفراد الأمن الإداري بالجامعات مخاطر الانفلات الأمني وعنف وإرهاب أنصار جماعة الإخوان، أم يفتح الباب واسعا أمام عودة الحرس الجامعي مرة أخري؟