التگريم بطريقة حادي بادي ليس تليفزيون المرحلة.. وإنما تليفزيون الدولة صعب علي من كان واحدا، او واحدة من هؤلاء الذين كانوا روادا للعمل في التليفزيون المصري ، وتعرض لكل متاعب البداية، بداية من العمل المستمر من حساب الساعات، او الصعود علي السقالات لان البناء لم يكن قد اكتمل بعد او الاستمرار في وضع الاستعداد طوال اليوم ربما يحتاجه العمل، صعب علي من كان ضمن هؤلاء أن يجلس في بيته، لأن الحظ تخطاه! ولم يقع عليه الاختيار للتكريم في عيد ميلاد التليفزيون الخمسين، هذا إذا كان مازال علي قيد الحياة. أما اذا كان قد ذهب إلي رحمة الله، فالألم هنا من نصيب الاهل والزملاء والاصدقاء.. وهكذا شعرت بنوع من الغضب لهؤلاء الذين لا يمكن أن تمحي سيرتهم لمجرد أن منظمي الاحتفال الذهبي لم يتوقفوا امامهم، خاصة بعدما ذكرني عدد من زملائهم واصدقائهم بهم. عمالقة منسيون اسماء مثل كمال ابوالعلا ابو المونتاج السينمائي في التليفزيون والذي تحمل اولا ادارة خدمات الانتاج في التليفزيون ثم اصبح رئيسا لقطاعات اخري فنية بجانب عمله مونتيرا لاهم وابرز الاعمال الدرامية والتسجيلية، قصيرة وطويلة منذ بدايات التليفزيون، وغيره مخرجون مثل سعيد مرزوق، المخرج السينمائي الكبير الذي بدأ حياته مع التليفزيون، وقدم من خلاله عددا من الافلام القصيرة، درامية ووثائقية حصلت علي جوائز دولية متعددة، ومثل المخرجة الكبيرة سعدية غنيم رائدة السينما التسجيلية في التليفزيون مع رفيقتاها فريدة عرمان وسميحة الغنيمي، لقد وضعوا اسم سميحة، واضافوا اسم فريدة ونسوا سعدية غنيم. وغير هؤلاء لم يتذكر«التكريم» اسماء مبدعين اخرين من الريادات ومازالوا احياء يرزقون مثل رأفت الميهي ومحرم وابراهيم الشقنقيري ومحمود سامي عطا الله، لم يتذكروا وهم يكرمون اسماء الراحلين اسماء مهمة كانت الاهم في عالم الاخراج التليفزيوني مثل ابراهيم الصحن ويوسف مرزوق، ومن الكتاب الكبار الذين صنعوا لدراما التليفزيون قيمتها فسقطت اسماء جلال الغزالي ومحسن زايد وعاصم توفيق وغيرهم ، اما المبدعات اللواتي مازلن يقدمن عطاءهن فلم يتذكر اهل الاحتفال اسماء فتحية العسال ووفية خيري بريادتهن ، وحين ذكر اسم كوثر هيكل لم يذكر احد ماذا قدمت هذه الكاتبة الكبيرة وهو ما يحيلنا الي الخطأ الثاني في الاحتفال بيوبيل التليفزيون الذهبي، فغير سقوط الاسماء الرائدة التي ذكرت بعضها، فهناك ذلك التمييز -علي المنصة- بين مكرم وآخر، البعض اورد مقدما الحفل تامر أمين وريهام ابراهيم اعماله، والبعض الآخر تم تجريده من كل ما قدمه لتذكير الجمهور العريض الذي يتابع الاحتفال به، وفي الوقت الذي كرس فيه تامر امين اعمال محمد فاضل واسماعيل عبد الحافظ، فانه مثل جاء امام تكريم انعام محمد علي ليقرر - هكذا- يكفي انها التي اخرجت ام كلثوم..وكأنه الامور تقام بالتقدير الشخصي والمزاجي، وكأنه لا يصح ان يذكر انها مخرجة مسلسل (قاسم امين) و(هي والمستحيل) وفيلم (الطريق إلي ايلات) فإذا كانت هذه الاعمال لا تفرق معه.. فهي تفرق معها هي بعد كل هذه السنوات..ومعنا.. ومع مجتمع عام يتابع هذا التكريم داخل مصر وخارجها. غير أن ما حدث مع انعام محمد علي افضل بكثير مما حدث مع مخرج مثل علي الغزولي. احد كبار مصوري السينما ايضا، وصاحب افلام رفيعة المستوي مثل (صيد العصاري) و(حكيم سانت كاترين) و(سيناء هبة الطبيعة) وغيرها، والحاصل علي العديد من الجوائز الدولية.. والمحلية وايضا علي وسام الفنون من الطبقة الاولي.. ومع هذا فلم يتوقف مقدما الاحتفال ولو بكلمة واحدة عن هذه الانجازات.. هل كان ما يحملانه هو ورق خال، بمعني انهما تسلما اوراقا من معد غير مسئول أم انه سلوك شخصي؟ إنكار السجل الرسمي واخيرا ، نأتي إلي النقطة الاهم وهي انكار هذا السجل الرسمي والتاريخي لمن قادوا التليفزيون المصري منذ ما بعد حقبة الدكتور عبد القادر حاتم (وهناك حقيقة تقول إن صاحب الفكر الاول في بناء هذا الجهاز هو د. ثروت عكاشة) ثم الذين جاءوا بعد د. حاتم، من جمال العطيفي الي د. ممدوح البلتاجي وزير الاعلام السابق، نعم يستحق الامر التوقف عند البدايات (د. حاتم) وعند الانجازات الكبري (الاستاذ صفوت الشريف) لكن من دون انكار للباقين علي هذا النحو، وكذلك الامر مع رؤساء التليفزيون الذين كرموا ايضا بطريقة العينة، اي اختيار الاستاذتين سامية صادق وسهير الاتربي، بينما اسدل الستار عن الباقي، اضافة بالطبع للعديد ممن كانوا نجوما وصناعا للصورة علي مدي سنوات طويلة، وهم كثيرون، واذكر هنا فقط الاستاذات ثريا صبري وكاميليا الشنواني رائدتي برامج المرأة وشويكار خليفة مخرجة الرسوم المتحركة التي قادت فريق العمل بعد رحيل فهمي عبد الحميد لسنوات طويلة.. وغيرهن. الاسماء كثيرة.. والتكريم قليل لناس اصبحت اعمالهم في ذمة التاريخ، ويا ليت التليفزيون يحسن التعامل معهم من خلال برنامجه الذي سوف يستمر لمدة عام بعد رمضان..ويا ليته ايضا يدرك انه تليفزيون كل المصريين، وليس تليفزيون هذه المرحلة فقط، وانه مطالب بأن يقدم منهجا واضحا وخريطة برامج لهذا الاحتفال الممتد حتي يتيح للمشاهد معرفة جيدة بهؤلاء النجوم القدامي، تعوضهم عن اختفائهم من سجلات حفل الهرم مساء الجمعة الماضي.