قيادات العمل الأهلي تحذر من خطة تصفية العمل الأهلي التجمع يقترح العودة إلي مواد القانون المدني التي ألغيت عام 1964 تحقيق: نجوي إبراهيم أثار مشروع قانون الجمعيات الأهلية الجديد الذي انتهت وزارة التأمينات والشئون الاجتماعية من إعداده مؤخرا حالة من الغضب والقلق داخل قطاع العمل الأهلي وبين نشطاء المجتمع المدني نظرا لخطورة المقترحات التي تضمنها. وجه نشطاء المجتمع المدني انتقادات حادة لمشروع القانون ووصفوه بأنه الأسوأ في تاريخ القوانين المنظمة تعمل الجمعيات لأنه يعتمد علي مبدأ الهيمنة والوصايا علي الجمعيات بشكل أكثر ضراوة من القانون الحالي 84 لسنة 2002 ويقوم علي مبدأ الإقصاء سواء كان بواسطة فرض القيود علي إنشاء وإشهار الجمعيات أو تحديد ميادين محددة للعمل الأهلي بهدف تصفية منظومة العمل الأهلي واختزالها في الميادين التنموية والخيرية في تحد صارخ لحرية التنظيم المكفولة بموجب الدساتير والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، بالإضافة إلي وضع المزيد من الهيمنة والحصار من جانب الجهات الإدارية متمثلة في الاتحاد الإقليمي للجمعيات ووزارة الشئون علي منظومة العمل الأهلي. وانتقد نشطاء المجتمع المدني تضمن مشروع القانون الجديد باباً كاملاً للعقوبات مؤكدين أننا لا نحتاج إلي باب للعقوبات في القانون الجديد نظرا لوجود قانون كامل للعقوبات، وأكدوا أهمية إلغاء عقوبة الحبس من القانون والاكتفاء بالغرامة المالية في حالة المخالفة، وأن يكون حل الجمعيات عن طريق القضاء لتفادي الإشكاليات والانتهاكات التي تتعرض لها المنظمات. وعبر النشطاء عن دهشتهم من عدم التزام «د. نجوي خليل» وزيرة الشئون الاجتماعية بوعودها حول مراعاة جميع المقترحات التي تقدمت بها المنظمات خلال مناقشة مشروع القانون السابق بلجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب المنحل. والجدير بالذكر أن هذه هي المرة الثانية التي تطرح فيها «د. نجوي خليل» – منذ توليها الوزارة – مشروع قانون للجمعيات الأهلية كبديل عن القانون الحالي، وسبق أن رفض نشطاء المجتمع المدني مشروع القانون الحكومي مؤكدين أنه ذات القانون الذي تم اقتراحه في ظل حكم مبارك، فضلا علي أنه قانون يرسخ لمزيد من الهيمنة والتسلط والمزيد من القيود علي العمل الأهلي. وتراجعت الوزارة عن مشروع القانون وأعلنت أن ما تم طرحه لم يكن سوي مسودة لما تم الانتهاء منه خلال الوزارة السابقة بشأن تعديل قانون الجمعيات، وأكدت الوزيرة بأنها ستراعي كل الاقتراحات المقدمة من قيادات العمل الأهلي، وبالفعل تقدمت أكثر من 68 منظمة بمشروع قانون جديد للعمل الأهلي إلي الوزارة وعدد من الأحزاب السياسية، إلا أن الحكومة ضربت عرض الحائط بآراء ومقترحات المنظمات وقامت منفردة بسن مشروع القانون الجديد. قانون استبدادي واعتبر «بهي الدين حسن» – مدير مركز القاهرة لحقوق الإنسان – أن مشروع القانون الذي طرحته الحكومة بشأن الجمعيات الأهلية أشد استبدادا من القانون الحالي وأسوأ من القوانين التي صدرت قبل ذلك، ولذلك قمنا في مركز القاهرة بعقد مائدة حوار استهدفت جمع كل الأطراف ذات الصلة بالموضوع «ممثلين من الحكومة ووزير العدل ومساعد رئيس الجمهورية ومستشار وزير التأمينات وأعضاء من المجلس القومي لحقوق الإنسان وممثلين من الأحزاب والاتحاد الإقليمي للجمعيات وأيضا ممثلي المنظمات» لمناقشة السياسة المتبعة لوضع قانون جديد. وأضاف أن المائدة لم تعقد لمناقشة مشروع القانون الحكومي لأنه مرفوض تماما، والجدير بالذكر أن حزب الحرية والعدالة عبر أيضا عن رفضه لمشروع القانون الحكومي الأخير خاصة أن المركز قام بعمل مفاوضات بينه وبين حزب الحرية والعدالة قبل حل مجلس الشعب للتوصل لمشروع قانون جديد مشيرا إلي أن القانون الحالي غير قابل للتعديل فنحن في حاجة إلي سن قانون جديد للعمل الأهلي يقوم علي فلسفة تحريرية وليست قمعية تهدف إلي تأميم العمل الأهلي ووضع المنظمات تحت حذاء الحكومة. وحول التوجهات التي يجب أن يتضمنها مشروع القانون الجديد أوضح «بهي الدين حسن» أنه تم الاتفاق علي ضرورة العودة إلي مواد القانون المدني التي ألغيت عام 1956 لأن ما قبل هذا التاريخ كانت فترة ذهبية للمجتمع المدني ولكن بعد ثورة 23 يوليو 52 حدث تأميم لكل ما هو مدني «جمعيات نقابات أحزاب». وطالب «بهي الدين حسن» بضرورة سن قانون واحد يشمل جميع أشكال التمييز للمجتمع المدني «نقابات وجمعيات وحركات احتجاجية». وأكد «جمال عيد» – مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان – أن مشروع القانون الحكومي لا يضيف جديدا عن ذلك الذي تمت صياغته قبل الثورة علي يد النظام السابق والذي يقيد عمل منظمات المجتمع المدني ويفرض عليها رقابة الجهة الإدارية وهو ما يتعارض مع مبادئ الثورة حيث تحرير قطاع المجتمع المدني بعد تحرير القطاعين الحزبي والنقابي اللذين اكتسبا حرية كبيرة لا تحظي بها منظمات المجتمع المدني. وأوضح أنه لاتزال هناك فلسفة شمولية في عقلية النظام، فالمسئولون في وزارة الشئون يريدون الهيمنة علي مؤسسات المجتمع المدني من خلال سن قانون يكرس مزيد من التسلط علي المؤسسات. دور إشرافي ورفض حافظ أبوسعدة – رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان – أي مشروع قانون تعده وزارة الشئون منفردة بمعزل عن أصحاب الشأن وهم ممثلو الجمعيات الأهلية مشيرا إلي أننا عبرنا في العديد من المناسبات عن رفضنا للمشروع الحكومي نظرا لقيامه علي عدة مبادئ مقيدة للحريات. وطالب «أبوسعدة» الحكومة أن تترك صياغة قانون الجمعيات للمجتمع المدني بحيث ترفع الحكومة يدها عن المجتمع المدني ويكون دورها إشرافيا ويكون إشهار الجمعيات بمجرد الإخطار، ونحن كمنظمات لا تمانع علي ضرورة النص علي معايير الشفافية والمحاسبة وإعلان الميزانيات بشكل سنوي. علاقة عدائية وانتقد «عماد رمضان» – المعهد الديمقراطي المصري – نظرة الحكومة المصرية لمنظمات المجتمع المدني مشيرا إلي أنها نظرة المتربص وليس المتعاون فضلا عن حالة البيروقراطية التي تسيطر علي الجهاز الإداري وتعد من أهم المعوقات التي تسيطر علي العمل الأهلي في مصر حيث إنه يفتقد إلي ثقافة ومقومات التوجيه ويعتمد علي سياسة وثقافة التفتيش، وكأنهم يعملون مع الجمعيات لتصيد الأخطاء لا لتصحيحها وهو ما يدفع الكثير من الكوادر المؤثرة للعزوف والهروب من المشاركة في العمل الأهلي. وأضاف أن التدخلات الأمنية وما تمر به الجمعيات في مرحلة الإشهار أو عند تلقي تمويل أجنبي تصب في نفس الاتجاه السلبي.. فالعلاقة العدائية بين الحكومة والمنظمات تجعل الحكومة دائما تبحث عن وسائل للسيطرة علي الجمعيات وشل حركتها ولذلك لجأت إلي سن قانون مقيد لحركة العمل الأهلي في مصر. وأوضح «عماد رمضان» أن السبب الرئيسي وراء عداء الحكومة للجمعيات يرجع إلي دور المنظمات وخاصة الحقوقية منها في فضح الفساد والانتهاكات التي قام بها النظام السابق بالإضافة إلي فضح وانتقاد سياسات المجلس العسكري بعد الثورة. وأكد أن العمل الأهلي له دور حيوي في تنمية المجتمع ولذلك يحتاج إلي تشريع جديد يرفع قبضة كل من الأمن والجهة الإدارية عن الجمعيات. وأكد إيهاب سلام – مدير المشروعات بالمجموعة المتحدة – أن العمل الأهلي وحرية تكوين الجمعيات في مصر لم تكن بمنأي عما نال الحقوق والحريات من قيود طوال العقود الماضية حيث تم حصاره بمنظومة قانونية طوال خمسة عقود مضت أفرغته من مضمونه وجوهره، واستطاعت السلطة التنفيذية وبشكل متعمد من تحويل هذا القطاع إلي إدارات ووحدات تابعة لها مستندة إلي نصوص قانونية أعطتها من السلطات والصلاحيات ما لا تستحقه. وأضاف أن تحرير العمل الأهلي الآن يتطلب ثورة قانونية وتشريعية علي هذا الموروث لتثمر في النهاية قانوناً يعبر عن واقع ومشكلات وتطلعات هذا القانون وينزع عنه قيود وأغلال فرضتها قوانين كانت تصنع في المكاتب المغلقة. مشروع قانون جديد وأكد أن المجموعة المتحدة قامت بصياغة قانون جديد للجمعيات الأهلية يتسق مع تطلعات المجتمع ما بعد الثورة وذلك بمشاركة الاتحادات الإقليمية للجمعيات الأهلية وآلاف الجمعيات ومن خلال لجنة من خبراء القانون برئاسة «د. أحمد البرعي». وأوضح أنه تم إرسال نسخة من مشروع القانون إلي لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب السابق «المنحل» أو شاركت معها في العديد من جلسات الاستماع والنقاش حول رؤيتها في مشروع القانون الجديد مشيرا إلي أن مشروع القانون الذي قمنا بإعداده نراه إيجابيا بكثير مقارنة بالقانون الحالي أو بمقترحات القوانين المتتالية التي أعدتها وزارة الشئون والتي تتسم بانتهاج ذات النهج في تقييد وتكبيل العمل الأهلي وفرض الوصايا عليه. مبادئ مهمة وأكد «إيهاب سلام» أننا ندعم ونؤيد أي قانون لتنظيم العمل الأهلي بدعم المبادئ المتسقة مع حرية تكوين الجمعيات الأهلية وفقا للمعايير الدولية والدستورية المستقر عليها وهي: أولا: حرية تأسيس الجمعيات وسهولة وبساطة إجراءاته، علي أن يكون لجهة الإدارة حال الاعتراض علي تأسيس الجمعية أن تلجأ إلي القضاء وله وحده الحق في الحكم في صحة اعتراضها أو رفضه. ثانيا: التسيير الذاتي للجمعية، فلا يجب أن تتدخل جهة الإدارة في عمل الجمعيات. ثالثا: الحق في قبول التبرعات من أي مصدر لتنفيذ أنشطة قانونية تتفق وأهداف الجمعيات وأحكام القوانين شريطة أن تعلن الجمعية وأن تخطر بها الجهة الإدارية والتي يكون من حقها أن تعترض علي قبولها أمام القضاء الذي يقدر ويحكم. رابعا: حق الجمعيات في التواصل وتكوين التحالفات مع المؤسسات الدولية أو الإقليمية أو الوطنية مع إخطار جهة الإدارة بذلك. خامسا: حق المنظمات الدولية في مصر للعمل بحرية لنقل خبراتها إلي المنظمات المحلية علي أن تعمل تلك المنظمات بالتعاون مع المنظمات المحلية بعد الحصول علي ترخيص بالعمل علي أن يتم ذلك بسرعة كافية لا تؤدي إلي تعطيل عملها. سادسا: لا عقوبة بدنية أو مالية مبالغ فيها فالعمل الأهلي عمل تطوعي ولا يجب ترويع العاملين فيه وإخافتهم. رؤية حزب التجمع أما «حسين عبدالرازق» فأوضح أن حزب التجمع له رؤية محددة في شأن سن قانون جديد للجمعيات الأهلية وهي أننا لسنا في حاجة إلي قانون للجمعيات والمفترض أن نعود للمواد التي تنظم هذا الأمر في القانون المدني والتي تم حذفها عام 1964 وفي جميع الأحوال سواء أخذ المشروع بهذه الفكرة الصحيحة أو تم إصدار قانون خاص بالمؤسسات الأهلية، فالتجمع يري ضرورة إشهار الجمعيات بمجرد الإخطار وعدم تدخل الجهات الإدارية والأمنية بأي شكل من الأشكال في إدارة الجمعيات أو تشكيلها أو تحديد نشاطها وأن يحكمها القانون العام السائد في مصر.