بالرغم من صدور قرار المحكمة الدستورية الألمانية، والقاضي بالسماح لبرلين بالانضمام لألية الاستقرار الأوروبي ، وبرغم قرار البنك المركزي الأوروبي بشراء سندات الدول المتعثرة في منطقة اليورو جراء ارتفاع نسب العجز بالموازنات الحكومية وزيادة حجم الديون الخارجية ،الا أن الكثير من الخبراء الاقتصاديين عبروا عن قلقهم واصفين تلك الخطوات بالحلول المؤقتة والتي لا تعالج جذريا المشاكل الاقتصادية المتفاقمة بالمنطقة ،من جراء سياسات اليمين الحاكم المحافظ في معالجته الخاطئة في سياسات التقشف علي حساب الكادحين والفقراء ،وافتتاح فرص عمل جديدة . من ذلك أطلق جوزيه مانويل باروز رئيس المفوضية الأوروبية ،مبادرته الداعية لاحداث تغييرات جذرية في معاهدة لشبونة بتحويل الصيغة الحالية للاتحاد الأوروبي الي فيدرالية قومية أوروبية ومن ثم تتحول دول الاتحاد لمجرد ولايات تدار مركزيا من بروكسيل ،ولم تأتي اجتماعات وزراء مالية دول منطقة اليورو بجديد والتي انتهت يوم الأحد في نقوسيا سوي بالاعلان عن بدء عمل الصندوق الدائم للانقاذ الأوروبي (المعروف اعلاميا باسم الية الاستقرار الأوروبية ) وذلك في نهاية شهر أكتوبرالقادم والذي ستضح الدول الأعضاء بالاتحاد مبلغ 32 بليون يورو كمساهم بعد تصديق برلماناتها من أصل مبلغ 500 بليون يورو رأسمال الصندوق ،بالقطع ستتحمل المانيا النصيب الأكبر منه ، وعلي خلفية بيانات الاحصاء الأوروبي الأخير من وكالة الاحصاء الأوروبية “يورو ستات ” والذي أشار الي أن معدلات البطالة بالمنطقة تخطت نسبة 18 مليون شخص ، وهو رقم يمثل الأعلي منذ عام 1995 ،فقد سجلت أسبانيا أعلي المعدلات بنسبة 25 % ،بينما لازالي 10 دول أحري بالمنطقة تتخذ اجراءات لكبج جماح البطالة بها من ضمنها سلوفينيا 16 % ،لاتفيا 15% ،ليتوانيا 13 % ،بينما اليونان 23,1 % ،وقبرص 16,8 % التي تسعي للحصول علي قرض لانعاش اقتصادياتها وبنوكها في انعكاس الأزمة اليونانية عليها . وتكمن السمة الرئيسية التي تجمع دول منطقة اليورو في أن معدلات البطالة بها قد تخطت نسبة 50 % بين الأشحاص الذين تقل أعمارهم عن 25 عاما. احتجاجات ومظاهرات متواصلة عمت عدة دول أوروبية احتجاجات شعبية عارمة علي حكومات اليمين المحافظ بها ،ففي “البرتغال ” تظاهر مئات الآلاف في أكثر من 40 مدينة ورشق المتظاهرون في العاصمة لشبونة بعثة مكتب صندوق النقد الدولي بالحجارة والزجاجات الفارغة ،احتجاجا علي سياسات التقشف الحكومية وضد روشتات صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي الدائنين للبرتغال ،في اطار خطة ينفذها رئيس الوزراء بيدرو كويلو عبر زيادة رسوم الضمان الاجتماعي التي يدفعها العاملون من 11% الي 18 % ،مع تخفيض مصحوب بالمقابل كهدية لرجال الأعمال لنسب رسومهم المقررة بالضمان الاجتماعي من 23.75 % الي 18 % ،هذا بالاضافة الي زيادة نسب الضرائب علي الدخل ،مع تخفيض نسب المعاشات للمتقاعدين ،وخصخصة ماتبقي من وحدات القطاع العام البرتغالي ،وهاجم الحزب الاشتراكي البرتغالي حكومة كويلو ،معربا عن تأييده للمظاهرات وداعيا لاستمرارها لاسقاط الحكومة التي تتمتع بأغلبية برلمانية ،وأكدت اتحادات النقابات العمالية في بيان لها عن استمرار المظاهرات والحشد لاعلان الاضراب العام بالبلاد وفي” بلغاريا ” التي أعلنت أوائل الشهر الجاري تأجيل انضمامها الي دول منطقة اليورو وسريان العملة الأوروبية اليورو كعملة وحيدة ،وأوضح رئيس الوزراء في مؤتمر صحفي بأن بلاده لا تستطيع تحمل أزمات دول لم تشارك في صنعها وأن الشعب البلغاري يتحمل عبئا كثيرا من جراء أزمة المنطقة وجارته اليونان ،فقد تظاهر الألاف في مدينة بلوفديف والعاصمة صوفيا في مسيرات طافت بالشوارع الرئيسية ،احتجاجا علي رفع أسعار الكهرباء بشكل دوري من قبل شركات التوزيع الأجنبية بعد خصخصة الشركات الوطنية ،وكذلك لنسب الرواتب الضعيفة التي يلتهمها غول التضحم الذي بلغت نسبته (رسميا 4,5 % ) مع ارتفاع ملحوظ لنسبة البطالة لأكثر من 13 % رسميا ،هذا بالاضافة الي الارتفاع الحاد في أسعار ومواد السلع الاستهلاكية بعد أن قفز سعر لتر البنزين الي يورو ونصف ،وحمل المتظاهرون لافتاد تندد بحكومة بوريسوف اليمينية بعبارات :قوموا بحلقنا كالخراف حتي العظام ،لكن من سيدفع لكم ؟ ! وكذلك لمنشورات وزعت عليها صورة كاريكاتورية لرئيس الوزراء بوريسوف. أما في “أسبانيا ” فقد حرج مئات الآلاف من المواطنين بشوارع العاصمة مدريد تنديدا بالسياسات الاقتصادية لحكومة اليمين المحافظ بزعامة ماريانو راخوي وضد عمليات التقشف بالقطاع الاجتماعي والصحي والتعليمي ،وذلك بدعوة من “اتحاد القمة الاشتراكية ” الذي ينضوي تحت لوائه مئات المنظمات الشعبية والنقابية يسارية التوجه وبتضامن من حزب العمال الاشتراكي الأسباني ،تحت شعار :الي الأمام انهم يريدون تحويل البلاد الي أطلال وعلينا الحيلولة دون ذلك.