اختار وزير الخارجية البريطاني وليم هيج الذهاب الي افغانستان ، وصحبه في الزيارة وزير الدفاع ليام فوكس ورافقهما وزير شئون التنمية الدولية اندرو ميتشيل ، وهو ينتمي لحزب الاحرار الديمقراطيين المتحالف مع المحافظين في حكومة مشتركة تقود الائتلاف في برلمان معلق لا يحظي حزب واحد فيه بالاغلبية . وجود اندرو ميتشيل الليبرالي مع وزيرين محافظين ، هدفه التاكيد علي سياسة واحدة تضامنية ، عبرت الخلافات وتجاوزت الاعتراضات وتبنت موقفاً مشتركاً يؤكد التناغم ، وهو علي هذه الجبهة يعني مساندة القوات العسكرية البريطانية ، التي تخوض حرب المواجهة الشرسة مع « طالبان » : راس الحربة في ساحة التصادم علي هذه الارض الآن . كان حزب الاحرار خلال الحملة الانتخابية قد هاجم التورط في افغانستان ودعا لسحب القوات البريطانية من هناك ، لكن بعد دخوله الحكم تغير موقفه ، وسافر وزير التنمية الدولية اندرو ميتشيل مع زميليه وزير الخارجية والدفاع لتعبير عن جبهة واحدة متفقة علي البقاء ، علي الاقل في هذه المرحلة الصعبة ، اذ الخروج الآن غير ممكن خصوصاً مع تاكيد تحالف بريطاني امريكي تجاه هذه الحرب المشتعلة علي الارض الافغانية منذ سنوات . كان وليم هيج وزير الخارجية ذهب الي واشنطن بمفرده والتقي المسئولين هناك واكد بقاء بريطانيا جنباً الي جنب مع الولاياتالمتحدة في افغانستان ، لان الحرب هناك هي المواجهة مع الارهاب والتصدي له ، وانتكاس المهمة يعني عبور الخطر الي بريطانيا ذاتها بعد المرور علي الموقعة الثانية وهي باكستان : الحليفة للندن والولاياتالمتحدة ، والتي تشكل نقطة التصدي المهمة لمنع الارهاب من النفاذ الي قارة آسيا وعبوره الي اوروبا والولاياتالمتحدة . تدرك السياسة البريطانية ان موقعة افغانستان مختلفة عن العراق ، اذ ترك « كابول » وقندهار واقليم هلمند والهرب من وجه « طالبان » يعني اولاً الهزيمة الساحقة والتسليم بتفوق قوي الارهاب وقدرتها بعد ذلك علي عبور الحدود وتنفيذ التهديد الكوني الذي كان يتحدث عنه رئيس وزراء بريطانيا الاسبق توني بلير . يبدو ان الحزب الليبرالي الذي كان يعترض علي الاستمرار في افغانستان ، قبل حجة الحكومة التي يشترك فيها بانه لا تراجع الآن قبل تعديل الميزان الراهن لصالح الحكومة الافغانية التي يقودها الرئيس حامد كرزاي . عبّر وزير الخارجية وليم هيج خلال وجوده في افغانستان عن ضرورة الاستمرار وعدم طرح فكرة الانسحاب الآن علي الاطلاق ، وان الاستراتيجية البريطانية هي البقاء مع التسليم بضرورة تدريب الجيش الافغاني وتهيئته للقيام بمهمة الدفاع عن الامن والتصدي للمارقين . طالبان تتقدم يعلم هيج ان مهمة تدريب الجيش الافغاني ستحتاج لفترات طويلة ، خصوصاً ان « طالبان» تقود الآن معركة الهجوم المضاد وتنفذ عمليات نوعية تاخذ زمام المبادرة في تحقيق هجمات ضد قوات حلف « الناتو » وقواعده المنيعة وتهديد سلامة قواته المتمركزة داخلها . لم يتمكن الوزراء البريطانيون الثلاثة من الذهاب الي قواعد للحلف بسبب الهجوم الذي تعرضت له ، غير ان الزيارة بالتاكيد اعطتهم معلومات عن صعوبة المهمة وتحقيق النصر في الوقت ذاته ، وان موقعة افغانستان ستظل مفتوحة دون حسم ، وهو ما تراهن عليه حركة « طالبان » التي تشن حرب استنزاف لارهاق خصمها والتحالف الذي يقود المواجهة العسكرية هناك . كانت اصوات بريطانية طالبت انهاء الوجود العسكري للبلاد هناك لتوفير النفقات المالية في ظل تحرك الحكومة لمواجهة العجز في ميزان المدفوعات والدين العام . طرح الائتلاف الحاكم خطة اعلنها وزير الخزانة جورج اسبورن لتوفير ستة مليارات جنيه استرليني عبر تخفيض الانفاق الحكومي وبعض بنود الموازنة العامة . المعارضون للحرب في افغانستان طرحوا توفير هذا المبلغ بغلق الباب الافغاني واستدعاء الجنود البريطانيين واعتبار ان الحرب لا تخص بريطانيا وبعيدة عن ترابها ومصالحها . تقول الحكومة عكس ذلك تماماً بان الوجود في افغانستان ضمانة للامن البريطاني ، اذ منع « طالبان » من التسلل الي باكستان . يقوم منطق التيار المحافظ علي ان ضمان قهر الارهاب علي الارض الافغانية ضرورة للامن البريطاني ، حيث تعرضت البلاد لتفجيرات منذ خمس سنوات نفذتها مجموعة تنتمي لاصول باكستانية تاثرت بخطاب التطرف القادم من افغانستان وروافد تنظيم « القاعدة » الذي يستهدف الشباب الغاضب الذي يطلب بعدل بشان السياسة الخارجية خصوصاًً علي جبهة القضية الفلسطينية . كانت الرحلة الثلاثية لوزراء بريطانيين هدفها اللقاء علي الارض مباشرة مع تحدي الارهاب . حضر هؤلاء الوزراء الي افغانستان وحركة « طالبان » تستعرض عضلاتها في رد نوعي علي اكثر من جبهة ، غير ان الزيارة اعطت معلومات مهمة بان النصر في المعركة يحتاج لوقت طويلة ولصبر ايضاً ، لكن علي الاقل ما يحدث الآن هو منع المتمردين في الوقت نفسه من تحقيق النصر والعبور الي باكستان واعادة قيام دولة علي الارض الافغانية يتولي امورها الملا عمر الذي ازاحته قوات التحالف في عام 2001 بعد تفجيرات تنظيم « القاعدة في واشنطن ونيويورك . قد ترد القوات الطالبانية هنا وهناك ، وقد تنجح في تنفيذ عمليات جريئة ، لكنها غير قادرة بدورها علي تحقيق النصر . المعركة الافغانية لن تنتهي الان والقوات البريطانية باقية كما قال وليم هيج وزير الخارجية ، وتضامن معه في هذا التصريح وزير التنمية الدولية اندرو ميتشيل القادم من حزب ليبرالي كان يضغط لسحب القوات البريطانية من أفغانستان وغلق هذا الملف .