يعتقد البعض ان طبيعة سيناء الجغرافية هي مثال قسوة المكان التي انعكست علي حياة الاهالي وشكلت بعض عاداتهم وطباعهم الصارمة ، الا ان مشاهد القسوة والالم في سيناء ليست التضاريس ولا الانسان فربما كانت تلك الطبيعة القاسية رحيمة اكثر من حكوماتنا المتعاقبة علي رفات آلاف الجنود الذين قتلوا غدرا وتركوا نهبا للجوارح في عرض الصحراء التي لم يجد سكان سيناء بدا من ان يواروا جثامينهم تحت تلك الطبيعة القاسية لتبقي كشواهد لجريمة لا تغتفر. وما من شخص تجاوز الخمسين من عمره الا ولديه روايات عن حقبة هزيمة 67 المرة، حيث تختلط الشهادات والروايات بلحظات صمت، تعقبها دمعات ومصمصة شفاه ربما كانت هي كل ما يستطيعون التعبير عنه من هول ما شهدوا من مأساة لا تزال اسبابها حبيسة الادارج. ان ذلك الصهيوني المتغطرس القديم لا يزال طليقا حرا يمارس نفس جرائمه التي ارتكبها في العام 67 بحق الاسري المصريين ، فها هو يعيد الكره مرة اخري، مذبحة بعد مذبحة حتي العام 2008 الذي شهد اخر جرائمه وليس نهايتها طالما بقي دون عقاب. وتعرض «الاهالي» فيما يلي شهادات ننقلها علي لسان شهود عيان احياء سجلوا في ذاكرتهم ما شهدوه من جرائم وما عرفوه عن مقابر لاسري سفكت دماؤهم علي ارض صحراء قاسية قتلوا وصرخاتهم تهز الصحراء، علها تحرك نخوة الحكومات لتطالب بالقصاص من المجرم الطليق. مساندة الطبيعة كنا نري الدبابات والطائرات الاسرائيلية وهي تقتل الجنود المصريين بعد القبض عليهم وفي أحيانا اخري يتم جمعهم في مكان معين ثم يتم قصفهم بالطائرات هكذا سجل االشيخ سلام سلامة احد مشايخ قبيلة السواركة في سيناء البالغ من العمر 84 ويتذكر قائلاً انه في اليوم الثاني للحرب قررنا النزوح باتجاه الكثبان الرملية الموازية لشاطئ بحر الشيخ زويد للاحتماء به من القصف الاسرائيلي لوعورة تلك الكثبان ووجود بعض الاشجار البيرة والتي يمكن ان نختبئ بها . وفي صبيحة اليوم التالي وتحديداً عند الساعة العاشرة صباحاً رأينا طائرة عامودية اسرائيلية تحلق علي مستوي منخفض وباتجاه مواز لشاطئ البحر ثم اخذت هذه الطائرة تدور حول نفسها عدة مرات ومن ثم وقفت في السماء واخذت تقصف بأسلحتها الاتوماتيكية بتجاه الاراضي ، وكانت المسافة بيننا وبين الطائرة حوالي 300 متر تقريباً وكنا بداخل اشجار الاحراش نرقب الطائرة ولكننا لم نر الهدف الذي كانت تقصفه الا بعد مغادرتها فارسلنا احد افراد العشيرة ليتقصي ما حدث وما هي الا عدة دقائق حتي عاد الرجل وهو يضع يده علي فمه ، لقد قتلت الطائرة 18 جنديا منهم 12 بلباس عسكري و 6 منهم بلباس مدني . لم يكن امامنا مفر الا ان ننتظر حتي حلول الظلام، 'ومن ثم توجهنا للشاطئ اكثر من 20 رجلا واخذنا الجثث ودفناها في مقبرة جماعية موجودة الان بالقرب من قرية السلام بمدينة الشيخ زويد . والغريب انه يوجد هناك نصب تذكاري لجنود اسرائيليين كانوا قد قتلوا في حرب الاستنزاف بعد سقوط طائرتهم في البحر . القتل جوا ويقول غانم سليمان حمد 74 عاما أنا كنت أسكن بجوار احدي القواعد العسكرية، واتذكرعند قيام الحرب ان الوحدة تطلق النار ، وكثير من الجنود الذين يتراوح عددهم ما بين 70 و120 جنديا وضابطا تركوا الوحدة ولم يتبق الا عدة جنود ، وفي اليوم الثالث للحرب سمعنا اطلاق نار كثيف داخل الوحدة. وفي اليوم الرابع للحرب وكعادة كل ابناء سيناء لا يستطيعون انقاذ المصابين الا في الليل ذهبنا الي الوحدة فوجدنا سيارة متفحمة بداخلها حوالي 14 جثة لجنود مصريين فلم يكن امامنا إلا أن سحبنا الجثث إلي أماكن خارج المعسكر ودفناهما هناك وكذلك فعل عمي مع مجموعة اخري من الجنود الذين تم القبض عليهم من قبل الاسراء الإسرائيليين وتمت تصفيتهم ودفنهم في مكان معروف حتي الان كنا نسمع عن الجنود الاسرائيليين كانوا يقتلون الجنود المصريين بعد القبض عليهم، وتتم تصفيتهم من الجو. ابشع الجرائم ويقول خليل جبر السواركة خبير في شئون قبائل سيناء: ما زالت نكسة 67 تعيش في وجدان ابناء سيناء حتي اللحظة ولم تفارق مشهد الغدر وجرائم الحرب التي قامت بها عصابات بني صهيون ضد جنود مجردين حتي من سلاحهم الشخصي .ما زالت هذه المشاهد ماثلة أمام العيان.....! ما زال ابناء سيناء كغيرهم من ابناء الشعب المصري والامة العربية ينتظرون الساعة التي تعيد لجنود يؤمنون بقضية العرب والمسلمين الاولي وهي قضية فلسطين والتي حالت بيننا وبينها لا شأن لا للمصريين ولا العرب بها اتقاقات تسمي اتفاقات سلام وهي ابعد ما يكون عن هذا المسمي فمع مرور اكثر من 33 عاما علي ابرام هذه الاتفاقية المشئومة ما زالت فلسطين محتلة وسيناء خاوية من السكان والتنمية. والادهي من ذلك ما زال تراب سيناء يحمل في باطنه ابشع الجرائم كان الاحتلال قد ارتكبها ضد جيش لم يحارب اصلا، اي سلام هذا يتحدثون عنه أتباع الامبريالية والصهيونية؟ وماذا عن ابنائنا الذين قتلوا بدم بارد لا حق لهم ولا دية أي شرع او عرف يسمح بهذه المهزلة؟ حقا انه لعار علي من ابرموا اتفاقية كامب ديفيد اولا و عار علي النظام الحالي الذي لا يجرؤ علي فتح هذا الملف ، ولا يملك الجرأة لمساءلة الكيان الصهيوني قانونيا، بل لا يملك حتي الجرأة علي البحث عن المقابر الجماعية التي ارتكبتها عصابات الصهينة ضد جنودنا في الوقت الذي تستطيع فيه المؤسسة الصهيونية دخول غرف نومنا اذا شعرت يوماِ ان جنديا صهيونيا قد مات هناك. ويتساءل خليل جبر: هل يجوز هذا ؟ هل يكفي ان نسمي هذا (عارا). ولماذا يصر الصهاينة علي عدم ترك رفات جنودهم ويبذلون الغالي و الرخيص في سبيل استرجاع رفاتهم هل سأل النظام نفسه هذا السؤال؟ لقد حان الوقت للمجتمع المصري بكل مؤسساته أن يتحرك علي كل المسارات لمحاسبة الصهاينة علي ما ارتكبوه من جرائم في حق ابنائنا. ولن تذهب دماؤهم سدي. رأي التجمع وفي إطار ردود الفعل بعد الكشف عن مواقع جديدة لمقابر الاسري الذين قتلهم قادة الجيش الصهيوني في سيناء قال مصطفي سنجر امين حزب التجمع في قسم الشيخ زويد ورفح ومنسق اللجنة الشعبية في المدينتين، ان حزب التجمع يؤيد جميع القوي السياسية التي تدفع في اتجاه محاكمة الكيان الصهيوني علي جرائمه ضد البشرية سواء في سيناء او في فلسطين وان حزب التجمع في شمال سيناء يمتلك أرشيفا موثقا لجرائم الحرب الاسرائيلية وان الحزب سيشحن كل اذرعه القانونية لنيل حق الشهداء المصريين سواء المدنيون منهم او العسكريون امام القضاء المصري الذين قتلوا بالرصاص الصهيوني الجبان. واضاف مصطفي سنجر ان مقار الحزب مفتوحة لكل الأنشطة المتعلقة بالحشد وراء قضايا محاسبة الاسرائيليين علي جرائمهم وعلي كل من يمتلك شهادات حول تلك القضية أن يبادر لمقار الحزب لتقديم الدفوع القانونية، خاصة ان اهمية القضية تنبع من ان اسر المصريين في كل المحافظات لها ابناء قتلوا غدرا ومن حق تلك العائلات ان تشفي لهيب صدورها بقضاء عادل يلاحق الصهاينة في كل الجبهات للقصاص منهم. تصعيد وحول الموقف السياسي للحزب قال سنجر ان الحزب يؤيد تصعيد تلك القضية لاعلي مستوي سياسي متاح وذلك عوضا علي تحويل سيناءل « لجنة »للإسرائيليين في جنوبسيناء يرتعون فيها فوق جثث الشهداء المصريين وقد الزموا الحكومة المصرية بالحفاظ علي نصب تذكارية لجنود اسرائيليين قتلوا في الشيخ زويد وفي وسط سيناء وما شهدته أيضا السنوات الماضية من ضخ للغاز الطبيعي المصري شبه المجاني الي الكيان الاسرائيلي ليزيد من كفاءة مصانعه الحربية والمدنية وما يحدث من ترتيبات امنية في الحدود مع قطاع غزة في رفح من خضوع للشروط الإسرائيلية والأمريكية لتأمين الكيان الصهيوني، وكل ذلك يحدث في ظل تعتيم علي قضية الاسري المصرين الذين قتلوا في سيناء. جولد ستون إن شمال سيناء انتفضت في يناير 2008 ضد الجرائم الاسرائيلية في قطاع غزة ولاحقت الادانات الكيان الصهيوني لجرائمه من القوي الحرة في العالم وقدم جولدستون تقريره الذين كاد يمسك بتلابيب المجرمين الصهاينة لولا تراخي المجتمع الدولي في وضع توصياته موضع التنفيذ.