بدأت المظاهرات والاحتجاجات ضد رئيس الجمهورية الجديد، لرفض «أخونة» الدولة والقضاء علي هويتها المدنية، التي عرفها المصريون منذ عهد محمد علي، ففي أيام قليلة اتخذ الرئيس مرسي ومجلس الشوري الذي تهيمن عليه جماعة الإخوان من القرارات السريعة، مما أدي إلي بدايات أخونة الاعلام والصحافة القومية، وأخونة الجيش والشرطة، والسعي الحثيث نحو أخونة القضاء. وذلك بعد الاصرار علي أخونة الدستور عبر الجمعية التأسيية التي يهمن عليها الاخوان والسلفيون واطلاق فتاوي قتل المتظاهرين، وتكفير المعارضين والاعتداء عليهم في ميدان التحرير فيما يمهد لبزوغ فاشية دينية تتفوق في استبدادها علي نظام مبارك، ولعل أخطر ما يمكن ان تنتجه عمليات أخونة أجهزة الدولة هو أخونة التعليم، هل يمكن ان نفاجأ إذا أعاد الإخوان انتاج نظام الحفظ والتلقين في صور نظام السمع والطاعة؟ وهل نفاجأ بإلغاء حصص الانشطة الفنية والرياضية والثقافية وتحويلها الي حصص في التربية الدينية وفقا لمنهج الاخوان، وهل نفاجأ بأخونة مناهج التاريخ عن طريق حذف كل تاريخ القوي الوطنية المصرية وتدريس تاريخ الاخوان فقط؟ إن السؤال المصيري هو: ماذا ينتظر التعليم في ظل حكم الإخوان؟ ماذا ينتظر المدارس والمناهج والانشطة وطابور الصباح؟ وهل نقول وداعا للعقلانية والتفكير العلمي، لنستقبل تعليما إخوانيا يقوم علي الحفظ والتلقين والسمع والطاعة؟ التعليم من أجل المواطنة الدكتور كمال مغيث الاستاذ بمركز البحوث التربوية يقول لابد من صيانة قومية لمؤسسات التعليم في مجتمع قديم ونري مثل مجتمعنا الذي يتميز بالتنوع الشديد بين جماعاته وسكانه، فهناك مسلمون ملتزمون وسلطيون وصوفية وهناك مسيحيون علي اختلاف طوائفهم وهناك سكان القري والنجوع وسكان المدن والاغنياء والفقراء وثقافات تتنوع قدر اتساع الوطن، وهنا تقوم المدرسة علي الجمع بين ابناء تلك الفئات المتنوعة والمختلفة في مدرسة واحدة لها مثلها وقيمها وخلفيتها الثقافية والاجتماعية أي الجمع بين ابناء تلك الفئات المتنوعة والمختلفة في مدرسة ذات توجه وطني واحد، وفي فصل واحد ومقرر دراسي واحد وامتحان ومعلم معد اعدادا وطنيا واحدا، لكي يتكون لدي ابنائنا وعي وقيم ومثل عليا مشتركة تكون اساسا لانتماء وطني يصبح هو الانتماء الاساسي ويتحول الانتماء الديني والطائفي أو الطبقي أوغيره الي انتماء ثانوي ويصبح من أهم اهداف التعليم تحقيق المواطنة. هل تكتفي المناهج بتاريخ الاخوان؟ يضيف كمال مغيث ان الدور الاساسي للمدرسة هو تحويل كل المختلفين الي مواطنين مصريين في الاساس عبر منهج موحد وان أي خروج للمدرسة عن هذا الدور يعتبر تجاوزا لاهداف وفلسفة التعليم، لانه لا ينبغي أن يكون للتعليم دور سياسي أو ايديولوجي، والمدرسة دورها الاساسي من أجل العلم ومن أجل الشأن العام، ويظل الاختيار الايديولوجي شأنا خاصا للطلاب، اما الكلام عن أخونة مؤسسات الدولة هو الديمقراطية كما يقولون فهذا تآمر علي الوطن لانه بالفعل لا يوجد عند جماعة الإخوان المسلمين مشروع للنهضة في التعليم فمشروعهم تافه ومتهافت وهزيل ومتآمر علي الوطن، وهو لا يتعدي تحجيب الفتيات والفصل بين البنين والبنات والمعلمين والمعلمات (الخلوة الشرعية) ومنع الانشطة الفنية والموسيقية والمسرحية من المدارس وتدريس تاريخ جماعة الإخوان بدلا من التاريخ الوطني المصري هم لا يملكون برنامجا لتطوير التعليم من حيث المناهج المتخلفة وطرق تدريس الاذعان والطاعة وكذلك انخفاض ميزانية التعليم ومشاكل المعلمين المادية والمهنية، هم لا يريدون تعليما يعمل علي تنمية القدرات والمهارات والابتكار والابداع، ويعمل علي اشاعة التنوير والثقافة الديمقراطية والمدنية، بما ينقذ بلدنا من مخاطر التعصب الطائفي ومن النشاط المحموم لقوي التخلف والظلام ولذلك أطالب بمادة في الدستور لحماية قومية مؤسسات التعليم. الجامعات ستقاوم الأخونة الدكتورة ماجدة علي شفيق الاستاذ بكلية التربية جامعة الاسكندرية تقول لن يقدروا علي أخونة مؤسسات التعليم لأن الجامعات ناضلت وتناضل من أجل الحفاظ علي استقلالها، وهم يعرفون أن الاساتذة والطلاب لن يسمحوا أو يتقبلوا ذلك، هم يعرفون ان قضايا التعليم تمس مالا يقل عن 30 مليون مصري أي الطلاب وأسرهم، لأن ذلك لو حدث فسوف يكون القشة التي قصمت ظهر البعير، واعتقد ان تدخل الاخوان المسلمين في التعليم لن يكون بشكل فوري لانهم يعرفون تماما أن هذا الأمر لن يمر دون مقاومة شرسة لذلك هم في هذه المرحلة اعتقد انهم أذكي من الدخول في هذه المعركة مبكرا ولكن من الممكن ان يبدأوا في هذا الامر علي المدي البعيد بعد ان تستتب لهم الامور في الحكم. سيتم تشويه حقائق التاريخ الدكتور إبراهيم عيد الاستاذ بجامعة عين شمس: لقد طالبت بعد ثورة 25 يناير ان يؤخذ بآراء التربويين وأساتذة المناهج وبرؤيتهم المستقبلية لتطوير التعليم لكي يكون للتعليم المصري اهداف وفلسفة تؤكد الاستنارة والحداثة ومواكبة التطورات التكنولوجية والعلمية في العالم ولكن الحكومة في واد وخبراء التعليم لا تتم الاستعانة بهم أو الاخذ بآرائهم اما أخونة التعليم ومناهجه فهو أمر خطير ولن يتم بسهولة وعلي حسب ابراهيم عيد انه كان في برنامج العيلة علي قناة النيل الثقافية يوم السبت 1/9/2012 . وقال الضيف الذي كان معه ان كتب التاريخ الحديث لهذا العام تم حذف بعض الكلام عن فترة حكم الاتراك العثمانية واحتلالهم لمصر باعتبارها سنوات التخلف والاضمحلال والجهل والشرذمة لمصر، وقال عيد اذا كانت هذه المعلومة صحيحة فهذا لي لحقائق التاريخ وهذا توجه غير قيمي وغير اخلاقي وتشويه للتاريخ والجغرافيا ويتساءل عيد هل ندرس ما نحب ونرفض مالا نحب وهل سندرس مستقبلا تاريخ جماعة الإخوان المسلمين بدلا من ثورة يوليو التي اتاحت حق التعليم مجانيا لكل فئات المجتمع، وجعلت للاجيال المتعاقبة الحق الطبيعي في الحراك الاجتماعي. أي لابد ان تكون كل الثورات لها موقعها في التاريخ لان حقائق التاريخ هي التي تصنع الانتماء الوطني لابناء الأمة ويجب أن يكون التركيز علي هويتنا الثقافية والاجتماعية لخلق لغة مشتركة وثقافة تجمع بين نسيج الامة بكل فئاتها وطوائفها لخلق الانتماء الوطني والهوية الوطنية.