أعلن أنس الفقي وزير الإعلام يوم الأحد الماضي فتح باب الفرص المتساوية لكل المرشحين لانتخابات مجلس الشوري القادمة علي شاشات التليفزيون المصري، أيا كان الحزب الذي ينتمي إليه المرشح أو المرشحة، وفي المؤتمر الصحفي الذي عقده الوزير أعلن أيضا عن تشكيل لجنة لوضع القواعد المنظمة لهذا برئاسة الدكتور فاروق أبو زيد الذي تحدث عن مهامها في تقييم ومراقبة هذا الانفتاح علي كل التيارات السياسية من خلال الإعلام الرسمي للدولة، كما أعلن رئيس قطاع الأخبار عبد اللطيف المناوي بدوره أنه -باعتباره والقطاع الجهة المنفذة لهذا- طلب من الأحزاب المتصارعة في الانتخابات ارسال قائمة باسماء مرشحيها والذين يحق لهم التحدث باسمها. والحقيقة أن هذا الإعلان من وزير الإعلام بما حمله من ابعاد تعني أنه قد تم التجهيز له بشكل جديد يمثل خطوة في الطريق الصحيح نحو تفعيل حقيقة أنه الإعلام الرسمي أو القومي وليس الحكومي. هناك فارق شاسع بين أن يكون الإعلام هو إعلام الدولة، وأن يكون إعلام الحكومة لأن الدولة باقية لكل شعبها والحكومة ذاهبة بما تمثله مهما امتد عمرها. ولقد سبقت هذه الخطوة خطوة أخري منذ سنوات، أي عام 2005 قبيل الانتخابات الرئاسية الأخيرة في مصر، حين أعلن وقتها عن تشكيل لجنة لوضع القواعد والمعايير التي تكفل فرصا متساوية لمرشحي الرئاسة للدعاية لبرامجهم في الإذاعة والتليفزيون المصري، وكان أنس الفقي مازال وزيرا جديدا للإعلام وقتها، وأزعم أننا للمرة الأولي في تاريخنا وتاريخ التليفزيون الذي يبلغ نصف قرن من الزمان رأينا وجوها أخري تحدثنا عن برامجها غير الرئيس مبارك، منها نعمان جمعة الذي كان مرشحا عن حزب الوفد ود. أيمن نور عن حزب الغد وغيرهما من رؤساء الاحزاب الصغيرة جدا، وبالرغم من أن فرصة أغلبهم كانت ضعيفة للغاية، ربما شبه منعدمة، فإنها كانت المرة الأولي التي يراهم فيها المصريون من غير أنصارهم علي أكبر وسائط الاعلام جماهيرية، وكانت هذه التغطيات لقوي سياسية متعددة لها حقوقها الإعلامية في إطار شرعية وجودها تعني الاعتراف بصيغة التعددية التي ارتضتها مصر منذ اطلاق المنابر في السبعينيات علي يد الرئيس السادات وقبل أن تتحول إلي أحزاب، غير أنه توجد ملاحظات مهمة من أجل «عبور» انتخابات الشوري القادمة بنجاح في ظل ما أعلنه وزير الإعلام في مؤتمره الصحفي: أولا: ما آليات تنفيذ قرار الوزير ومعايير اللجنة في تقديم فرص متساوية لكل الاحزاب بدون تفرقة؟ ولماذا لا تنشر علي الكافة؟ ثانيا: هل تستطيع اللجنة مراقبة كل ما يبث علي الشاشات والمحطات الاذاعية في هذا التوقيت حتي تمنع اصحاب البرامج من الانحياز لمرشحي الحزب الوطني، عمدا أو من دون قصد، أي بحكم العادة؟ وهل هناك من يفرق بين حياد التليفزيون والاذاعة هنا، والانحياز لما تقدمه الحكومة من خلال البرامج والاستضافات للمسئولين والوزراء والحديث عن المشروعات الكبري وحل الازمات أثناء وقت الانتخابات وهو ما يصب تلقائيا في صالح مرشحي الحزب الوطني حتي لو كان بعضهم أقل شعبية من غيره من مرشحي بقية الاحزاب. ثالثا: هل تشمل هذه الفرص علي شاشات ومحطات التليفزيون والراديو تقديم برامج عن الاحزاب نفسها وافكارها وبرامجها تذكيرا للمواطنين لها بعد انقطاع دام خمس سنوات كاملة عن التعامل معها منذ 2005 وحتي اليوم؟ وماذا تعني الفرص المتساوية إذا كان المشاهد (المواطن) بعد هذه السنوات يجهل افكار وبرامج الاحزاب العاملة في الشارع المصري، والتي يمثلها هؤلاء المرشحون، خاصة أنه من المتوقع ألا يجيد البعض منهم التعامل مع وسائل الإعلام أو الوقوف أمام كاميراتها وهو ما يعني هنا الخصم من فرصهم في اقناع المواطن وبالتالي النجاح في المعركة الانتخابية ، وبالتالي تقليل فرص احزابهم وليس الاضافة إليها. رابعا: هل تم إعداد العاملين بالتليفزيون والاذاعة لهذا النوع من العمل المتعلق بتناول مختلف عما اعتادوا عليه لسنوات طويلة في عملهم، وهو اختلاف جذري ما بين شعور المعد والمخرج والفني بأنه يعمل في جهاز حكومي، ولصالح الحكومة، وبين ادراكه لوجود آراء مختلفة وضيوف يطرحون افكارا مغايرة عليه التعامل معها بنفس القدر من الحيادية والتقدير. خامسا: ما مصير الملاحظات العديدة التي تم رصدها في التجربة السابقة للانتخابات الرئاسية عام 2005، وهل وضعت في الاعتبار أم في سلة المهملات وبالتالي لن تتم الاستفادة منها في الأيام القادمة.