سيطر الملف الأوروبي علي مناظرة بين زعماء الأحزاب الثلاثة في بريطانيا ، وجاءت العلاقات مع الولاياتالمتحدة في مرتبة ثانية في ظل اصرار رئيس الوزراء الحالي وزعيم « العمال » جوردون براون ، اعتبار التحالف مع واشنطن ضروريا ومحوريا ، وهاجم منافسه الليبرالي نك كليج بأنه معاد لأمريكا ويعرض العلاقات البريطانية الأمريكية لخطر شديد. أكد « براون » أن حكومة العمال خلال سنوات الحكم في رقم 10 داوننج ستريت ، حافظت علي دور بريطاني فاعل داخل الاتحاد الأوروبي وقادت مسيرة الاصلاح وفرض وجهة النظر البريطانية ، بينما المحافظون يعارضون أوروبا صراحة ويشجعون علي العزلة والانكفاء ، وهذا يضر المصالح الاقتصادية والتجارية الحيوية ، كما يؤثر علي عدد الموظفين في البلاد ، نتيجة حجم التصدير والتجارة مع الاتحاد الأوروبي. اتهم « براون » منافسه المحافظ ديفيد كاميرون بتجاهل مصالح بريطانيا بمساندة التيار الانعزالي داخل حزبه ، وأكد أن مستقبل البلاد مع الاتحاد الأوروبي ، حيث التعاون مع هذا المحيط يضمن بقاء الوظائف ، واستمرار العلاقات التجارية ويحبذ التعاون في مجالات تحسين أداء البنوك والمصارف بالاضافة الي معالجة قضايا البيئة والاحتباس الحراري. ظهر رئيس الوزراء الحالي باعتباره المناصر للاتحاد الأوروبي في صيغة التعاون مع الأعضاء الكبار داخله مثل ألمانيا وفرنسا لتحقيق التكامل ومعالجة القضايا المشتركة . احتل ملف السياسة الخارجية المساحة الأكبر علي المناظرة والاهتمام بالعلاقات مع أوروبا والولاياتالمتحدة وتحديد الموقف تجاه أفغانستان ومحاربة الارهاب ، مع تجاهل القضايا الأخري فلم يحتل الملف الفلسطيني اشارة واحدة ، ولم يشر الزعماء الثلاثة الي العالم العربي من قريب أو بعيد ، وتجاهلوا تماماً الحوار مع دول الجنوب في محيط المتوسط أو الاتصالات التجارية والاقتصادية مع عالم عربي له مشاكله ويراهن كثيراً علي الدور البريطاني في حلها . ذكر نك كليج زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي العراق ، وعاب علي حزب العمال الحاكم دخوله لهذه الحرب ، التي لم يكن لها مبرر علي الاطلاق ، وانتقد بعض ممارسات ضد حقوق الانسان فيما يرتبط بملف الارهاب ومحاربته . وأكد كليج علي تضامنه مع الحكومة بشأن أفغانستان ، لكن لابد من توفير المعدات اللازمة للجنود ، مع التأكد من وجود نظام سياسي في « كابول » قادر علي تحمل تبعات الاصلاح والمصالحة الداخلية. الانفاق علي السلاح كما طالب الزعيم الليبرالي التخلي عن الانفاق الباهظ علي الجيل الثاني من صواريخ « ترايدنت» الحاملة للرؤوس النووية . واعتبر هذا الأمر مضيعة لأموال يمكن انفاقها علي الصحة والتعليم والمواصلات ، غير أن « براون » اتهمه بالتفريط في حدود الأمن البريطاني، وأنه لابد للبلاد دائماً التمسك بسياسة الردع النووي للمحافظة علي سيادتها وأمنها. جاءت المناظرة الثانية بين الزعماء الثلاثة لتعزيز مرة أخري صعود النجم الليبرالي نك كليج ، علي الرغم من هجوم كاسح شنته الصحف الموالية للحزب المحافظ ، حيث اتهمت الزعيم الشاب بعشرات الاتهامات ولصقت به ادعاءات كثيرة وتعرضت لزوجته الاسبانية وأمه الروسية الي آخر هذا المسلسل. وقد استيقظ اللوبي المحافظ القوي وألقي بكل أوراقه وراء الهجوم علي نك كليج لوقف صعوده وتكبيله بعشرات الشائعات والاتهامات لتعطيل ارتفاع نجمه بين الناخبين. شهدت المناظرة هجوم براون العمالي وكاميرون المحافظ علي كليج الليبرالي واثارة الشكوك حول برامجه واعتبارها خالية وغير ممكنة وتعرض أمن بريطانيا واستقرارها للخطر الشديد. تعرض الزعيم الليبرالي لهجوم كاسح من الزعيم العمالي براون ، حيث اتهمه بالرومانسية وعدم تقدير المخاطر الناجمة عن سياسات لا تهتم بالمصالح العليا للبلاد ، مثل دعوته العفو عن المهاجرين المخالفين لشروط الاقامة ومنحهم حق البقاء في البلاد بأسلوب شرعي وقانوني . علي الرغم من الهجوم الكاسح علي نك كليج ، غير أن استطلاعات الرأي أشارت الي تفوقه وصعود نجمه ، اذ تجاور مع زعيم المحافظين بنسبة مشتركة 36 % بينما جاء براون في المركز الثالث بنسبة 29 % وقد تحسن موقف زعيم العمال في المناظرة الثانية ولا تزال هناك أخري ثالثة ستعقد الأسبوع المقبل. وقد حذرت الصحف الموالية للمحافظين من برلمان ائتلافي ، لأن هذه المعادلة خطيرة للغاية وستضر الاقتصاد والاستثمارات . والمطلوب أن يمنح الناخب صوته للحزب القادر علي قيادة البلاد وتحقيق التغيير ، وان ديفيد كاميرون يحقق كل هذه المطالب. مع اقتراب موعد الانتخابات العامة في السادس من الشهر المقبل تشتد سخونة الموقف وتلتهب عملية الصراع وتأكيد كل حزب علي أنه الأفضل والقادر علي انعاش الاقتصاد والتصدي للارهاب ومحاربة طالبان في أفغانستان. اتفق الزعماء الثلاثة علي أهمية استمرار المجابهة مع الارهاب سواء في أفغانستان أو في غيرها من المواقع لحماية الأمن البريطاني ، مع تشديد رئيس الوزراء الحالي علي مخاطر تنمو في كوريا الشمالية وايران بسبب التمسك ببرنامج نووي تعارضه الأسرة الدولية. واذا كان الملف الخارجي شغل حيزاً في المناظرة الثانية لزعماء الأحزاب المتنافسة ، فان النقاش عاد وركز علي القضايا الداخلية بشأن التعليم والرواتب التقاعدية والمواصلات والانفاق العام ، حيث أن هذه الملفات هي لب الحرب الانتخابية التي تشغل بال الناخب الذي يهمه معاشه اليومي ، وغير مشغول بما يجري لا علي الساحة الأوروبية أو الأخري الأفغانية ، علي الرغم من سقوط قتلي بريطانيين يحمل الإعلام كل يوم اخبارا عنهم.