الهدف الرئيسي للموازنة هو تحقيق التنمية ورفع مستوى معيشة المواطنين، وإتاحة فرص عمل جديدة وتوفير الاستدامة والاستقرار فى سوق العمل، وتحقيق العدالة فى توزيع أعباء برامج الاصلاح الاقتصادى، ونحن نجد أن مشروع الموازنة الذى أقره مجلس النواب لا يحقق إلا القليل من أهداف التنمية، وأصبح دور وزير المالية ينحصر فى توفير الموارد اللازمة لسداد أعباء الدين العام «محلى وخارجى»، عن طريق فرض ضرائب جديدة، وزيادة الضرائب والرسوم القائمة، والتوسع فى الاقتراض الداخلى والخارجى، حتى بلغت أعباء خدمة الدين العام بالموازنة الجديدة حوالى 133% من إجمالى حصيلة الضرائب وما يعادل 18% من إجمالى الناتج المحلى، كما بلغ التمويل بالدين للاستخدامات بالموازنة حوالى 93% من اجمالى الاستخدامات بالموازنة الجديدة. ولم تجد الحكومة أسهل من التحميل على المواطنين من أصحاب الدخول الثابتة والمعاشات وصغار المهنيين والتجار والحرفيين، وتمثل ذلك فى زيادة الضرائب غير المباشرة ورسوم الخدمات، بالاضافة لاتجاهها نحو تقليل دورها فى خدمات التعليم والصحة وبيع تلك المنشآت إلى شركات تهدف لتحقيق الربح على حساب جودة الخدمة. كما أن الموازنة تم إعدادها قبل موجة التضخم العالمى وارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، الأمر الذى يتطلب مراجعة كل أبواب الموازنة وإعادة تقدير قيمة الدين الداخلى والخارجى التى ارتفعت بعد إعداد الموازنة. ورغم زيادة إجمالى قيمة الاستخدامات الموارد المالية فى مشروع الموازنة الجديدة لتصل إلى «3 تريليونات و66 مليار جنيه»، نجد أن قيمة الاستثمارات فى الخطة فقط «376 مليار جنيه و428 مليون جنيه، ونجد أن معظمها لقطاع البناء والتشييد، والقليل منها يتجه لتمويل شراء الآلات والمعدات والأجهزة، وبالطبع فإن سداد أقساط الديون استحوذ «965 مليار جنيه» بنسبة «62% من اجمالى الاستخدامات»، بالإضافة إلى «690.1 مليار جنيه» بنسبة «19.1%» من إجمالى الاستخدامات. وقد جاء تقرير لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب كاشفًا لمدى الضرر الذى يلحق بقطاعات التنمية البشرية، ويتضح ذلك من أرقام الموازنة العامة فيما يخص «الصحة والتعليم والبحث العلمى والاسكان والمرافق وحماية البيئة، والشباب، والثقافة»، والتى زادت بأقل نسبة منذ عام 19/20، حيث بلغت الزيادة فى الموازنة الجديدة «7.3%» مقابل «12.9%» بالموازنة السابقة 21/22، وقد كانت «44.5%» بموازنة «21/22». وإذا أخذنا فى الاعتبار معدل التضخم المتوقع للسنة المالية القادمة بنسبة «9%» فقط، مع تغيرات سعر الصرف، ونمو سكاني بمعدل 2% فإن القيمة الحقيقية لمخصصات قطاع التنمية البشرية لم تزد، بل سجلت انخفاضًا حقيقيًّا.