فى الجزء الأول من تلك المقالة تم تناول جانب المصروفات وتمت الإجابة على تساؤل هل هناك عدالة فى توزيع العائد فى تلك الموازنة. حيث تبين أنه لا توجد عدالة فى توزيع العائد وأن الفقراء والطبقات الوسطى تحصل على عائد عادل فى جانب المصروفات، حيث يشارك الأغنياء والطبقات الميسورة الحال الفقراء والطبقات الوسطى والشعبية فى الدعم الغذائى والخدمى وفى دعم الخدمات الإقتصادية والإجتماعية وأن المصروفات على التعليم والصحة والبحث العلمى ليست بالكبيرة ولا ترتقى إلى المصروفات الحكومية على المستوى العالمى بل هى أقل منه بكثير وإن الدين العام وفوائد خدمة الدين تأخذ قرابة 50% من إجمالى المصروفات الحقيقية. فى هذا الجزء الثانى سوف يتم تناول جانب الإيرادات وطرق سداد العجز وأخيرا الإجابة على التساؤل هل تلك الموازنة فعلا تحقق العدالة فى توزيع تحمل الأعباء كما تم الرد فى المقالة الأولى على تساؤل هل هناك حقا عدالة فى توزيع العائد المتحصل عليه من تلك الموازنة المقدمة إلى مجلس النواب. والذى تبين انه لا توجد عدالة فى توزيع العائد. تبين من مشروع الموازنة المقدم إلى مجلس النواب أن إجمالى الإيرادات متوقع ان يبلغ 1365 مليار جنيه منها 983 مليارا من الضرائب (72,0%) المنح 1,5 مليار (0,11%) وإيرادات غير ضريبية 381 مليار جنيه (27,8%). الأمر الذى يشير إلى الإهتمام والتدقيق فى بند الضرائب بشكل أساسى حيث متوقع ان تبلغ إيرادات الضرائب العامة 497 مليار جنيه بنسبة 36,4%، 391 مليارا ضريبة على القيمة المضافة بنسبة 28,6%، ضرائب جمركية 42 مليار جنيه بنسبة 3,1%، باقى الإيرادات الضريبية 52,7 مليار جينة بنسبة 4,0%. الضرائب العامة فبالنسبة إلى الضرائب العامة بلغت إجمالى الضرائب على دخول الأشخاص الطبيعية 146,9 مليار جنيه بنسبة 37% من إجمالى حصيلة الضرائب العامة، منهم 90,4 مليار جنيه ضريبة مرتبات وما فى حكمها بنسبة 61.3% من إجمالى ضرائب الدخول على الاشخاص الطبيعية، وضرائب نشاط تجارى وصناعى 49,9 مليار جنيية بنسبة 34% من إجمالى ضرائب الدخول. بينما ضرائب على ارباح الاشخاص الإعتبارية (ضرائب الشركات) بلغت نجو 220 مليار جنيه بنسبة 44,2% من إجمالى حصيلة الضرائب العامة، منها ضرائب البترول وضرائب شركة قناة السويس 41,5، 34 مليار جنيه بنسبة 18,6%، 15,4%على الترتيب من إجمالى ضرائب الشركات. بينما بلغت الضرائب من باقى الشركات نحو 145 مليار جنيه بنسبة بلغت نحو 66% من إجمالى ضرائب الشركات فى الموازنة. بينما ضرائب على رؤوس الأموال المنقولة من البنك المركزى 32 مليار جنيه بنسبة 6,4% من إجمالى حصيلة الضرائب العامة، بينما بلغت الضرائب على الأذون والسندات 69 مليار جنيه والأرباح الراسمالية 0.4 مليار جنيه بنسبة 14% من إجمالى الضرائب العامة. بينما ضرائب القيمة المضافة يتبين من مشروع الموازنة أن ضرائب القيمة المضافة على السلع بلغت 207 مليار جنيه (53%) سلع محلية 79 مليار جنيه، سلع مستوردة 128 مليار جنيه (20,2%، 32,7%) من إجمالى ضرائب القيمة المضافة. بينما بلغت ضريبة القيمة المضافة على سلع الجدول رقم (1) اساسا السجائر والمواد البترولية محلية ومستوردة 122,6 مليار جنيه 31,3%. بينما ضرائب القيمة المضافة على الخدمات فقد بلغت نحو 61,2 مليار جنيه (15,6%)، منها خدمة الإتصالات المحلية والدولية 15 مليار جنيه (3,8%) من إجمالى ضرائب القيمة المضافة، خدمات التشغيل للغير (لا أعلم ما هى) 39 مليار جنيه (10%). بينما لإجمالى قيمة الضرائب الجمركية نحو 42,3 مليار جنيه بلغت ضريبة الواردات 41,8 مليار جنيه بنسبة 98,8% من إجمالى الضرائب الجمركية وهى الاعلى فى بنود الضرائب الجمركية. بينما تمثل الضرائب الاخرى 52,7 مليار جنيه تاتى اغلبها من رسوم تنمية موارد 28 مليار جنيه والتى تأتى من (تذاكر السفر للخارج، المحاجر، تسيير سيارات، السيارات الجديدة) بنسبة 53% من إجمالى متحصلات الضرائب الاخرى. والذى يساهم بها الطبقة الوسطى فى جزء منها وعلى الأخص رسوم تسيير سيارات. الامر الذى يشير إلى أن الطبقة الوسطى (موظفى الدولة ومنهم كبار موظفى الدولة) تقدم 18,6% من إجمالى الضرائب العامة (ضرائب المرتبات، ضرائب الدمغة على المرتبات) بينما الطبقات القادرة يقدمون نحو 11,1% من إجمالى الضرائب العامة (ضرائب على النشاط التجارى والصناعى، ضرائب على النشاط المهنى غير التجارى، ضرائب على الأرباح الراسمالية). هذا بالإضافة إلى أهمية وضع الضرائب التصاعدية حيث أن ما يطبق الآن ليست ضرائب تصاعدية حقيقية، وإن كانت تصاعدية فى الشكل العام ولكن ليست تصاعدية بالشكل الحقيقى حيث لابد من وضع الشرائح العليا أكثر. ضرائب الشركات هذا بالإضافة إلى أن ضرائب الشركات غير موضح ما هى نوعية تلك الشركات وما المجالات التى تعمل فيها وهل هى شركات تجارية ام شركات تعمل فى مجال الصناعة والزراعة، وهل تتساوى الضرائب للشركات التى تعمل فى مجال التنمية الحقيقية مع الشركات والأشخاص الذين يعملون فى مجال الإقتصاد الريعى الخدمة مثل التجارة والمهن المصرفية مثل شركات الصرافة والشركات التى تعمل فى البورصة، حيث ترفض الدولة ان تنفذ قانون الضرائب على الارباح الراسمالية (ضرائب البورصة) بشكل حقيقى بهدف تشجيع الإستثمار والذى هو استثمار ريعى بشكل أساسى وليس استثمارا إنتاجىا. بالإضافة إلى أن أغلب متحصلات ضرائب القيمة المضافة يتحملها الطبقات الوسطى بشكل اساسى حيث أن القيمة المضافة هى ضريبة غير مباشرة وأغلب متحصلاتها من السلع الغذائية ومن السجائر (محلية ومستوردة) بالتالى فإن الطبقة الوسطى والفقراء اغلب إنفاقهم على الغذاء والسجائر بالتالى هم من يتحملون بشكل اساسى أعباء الضرائب على القيمة المضافة. وإذا وضعنا فى الإعتبار أن الطبقة الوسطى والفقراء هم يدفعون الضرائب العامة اكثر من الأغنياء نجد ان كل من أعباء الضرائب العامة وأعباء ضرائب القيمة المضافة واللذين يمثلان 90% من إجمالى الإيرادات الضريبية فى مشروع الموازنة سوف يتحملها بشكل اساسى الطبقة الوسطى والفقراء. علما بان الضرائب تمثل 72% من إجمالى الإيرادات فى مشروع الموازنة. بينما فى بند متحصلات إيرادات أخرى يتبين أن إجمالى ذلك البند بلغ نحو 380,1 مليار جنيه يتحصل أغلبها من بند مقابل الخدمات الحكومية والتى تبلغ نحو 100,1 مليار جنيه (26,3%) من إجمالى متحصلات إيرادات أخرى، وموارد الصناديق والحسابات الخاصة 51,1 مليار جنيه (13,7%) متحصلات إيرادات أخرى. أى ان هذين البندين يمثلان قرابة 47% من متحصلات إيرادات أخرى، والذى يدخل يساهم به الفقراء والطبقة الوسطى أغلب متحصلاتة خاصة فى بند مقابل الخدمات الحكومية. مصادر تمويل العجز أخيرا مصادر تمويل العجز فإن هذا العجر الأولى فى مشروع الموازنة والذى يبلغ نحو 1068 مليار جنيه إجمالى (475,5 مليار عجز بين الإيرادات والمصروفات، ونحو 593 مليار سداد اقساط القروض المحلية والخارجية) سوف يتم تمويله من خلال إصدار أذون وسندات بنحو 1060 مليار جنيه (99,2%) من إجمالى مصادر تمويل العجز، والإقتراض من مصادر خارجية 7,96 مليار جنيه (0,75) من إجمالى مصادر تمويل العجز. وعلى هذا الأساس يتبين أن من يتحمل عبء تحمل أعباء تلك الموازنة هم الفقراء والطبقات الشعبية والوسطى بشكل أساسى حيث أن أغلب الضرائب والمتحصلات الضرائبية تتحملها بشكل أساسى تلك الفئات حتى على مستوى ضرائب القيمة المضافة، والمتحصلات الأخرى من الإيرادات يتحملها الفقراء والطبقات الشعبية والطبقة الوسطى بشكل اساسى، وان حتى العجز المقدر أن يتحقق فى تلك الموازنة والذى سيصل إلى 1068 مليار جنيه عجزا حقيقىا سوف يتم الإعتماد على الإستدانة من الدخل او الخارج وهى نفس السياسات التى تتبع والتى تجعل مصروفات خدمة الدين واقساط الدين تصل إلى قرابة ال 50% من إجمالى المصروفات الحقيقية والذى يؤثر على التنمية بشكل اساسى كما ذكر فى المقالة الأولى. الطبقات العليا الامر الذى يشير إلى ان تلك الموازنة او مشروع الموازنة لعام 2021/2022 هو مشروع يخدم الطبقات العليا (الأغنياء وميسورى الحال) على حساب الطبقات الشعبية والطبقة الوسطى بشكل أساسى حيث أن الطبقات الشعبية والطبقة الوسطى هى التى سوف تتحمل أعباء تلك الموازنة فى جانب الإيرادات وكذلك سوف لا تأخذ نصيبا ملائما وحقيقيا فى جانب المصروفات الأمر الذى يشير إلى التحيز الطبقى لواضع تلك الموازنة لصالح الطبقات العليا على حساب الطبقات الشعبية والفقراء، جيث أنهم هم من يتحملون بشكل أساسى تلك الأعباء فى سياسات ما تسمى بالإصلاح الاقتصادى. أخيرا ولابد للنظر إلى أن مثل هذا الشكل من تقديم الموازنة العامة لا يمثل الشكل الأمثل حيث لا يتبين من الموازنة ما هى القطاعات التى سوف يتم الإستثمار فيها واى قطاع سوف يخدم مشروع التنمية إن وجد واى قطاع أو نشاط مهنى يدفع الضرائب بشكل اكبر من الاخر، الامر الذى يشر إلى الغموض فى تلك الموازنة وعدم الوضوح على المستوى القطاعى، وهذا يستدعى العمل على تغير الشكل العام للموازنة حيث لابد أن ترافق الخطة السنوية للسنة القادمة 21/2022 حتى يتم الربط بين الموازنة والخطة وهذا ما ليس واضحا فى مشروع تلك الموازنة. **إقرأ الحلقة الأولى : قراءة فى مشروع الموازنة العامة الجديدة.."العدالة الاجتماعية الغائبة" .. (1-2)