جاءت المرحلة الأولى للتصويت بانتخابات مجلس النواب 2025 كاشفة للعديد من المشاهد التى سطَّرت مبكرًا ملامح تشكيل البرلمان المقبل، وربما أصبحت بمثابة نجاح مبكر للمرشحين من المعارضة والمستقلين فى أول اختبار حقيقى لهم كما ذكرنا من قبل فى أعداد سابقة من المجلة. وتمكن المرشحون على المقاعد الفردية من المستقلين من فرض إرادتهم فى محافظات المرحلة الأولى بوصولهم إلى جولة الإعادة فى معظم الدوائر الانتخابية أمام كوادر برلمانية سابقة وقيادات بالأحزاب الكبرى التى سيطرت على مقاعد مجلس الشيوخ وكانت تأمل فى استمرار سيطرتها على الغرفة الأولى للبرلمان، لكن يبدو أن النتائج التى سوف تعلنها رسميًا الهيئة الوطنية للانتخابات ستأتى بخريطة جديدة لمجلس النواب المقبل.
وبعد أن شهد الشارع السياسى حالة من الحراك منذ الإعلان عن الموسم الانتخابى لمجلسى الشيوخ والنواب شهدنا مرحلة جديدة من التنافس السياسى بين أحزاب كبرى على رأسها «مستقبل وطن والجبهة الوطنية وحماة الوطن والشعب الجمهورى»، وتباين هذا النشاط الملحوظ بين الأحزاب والشخصيات المستقلة التى أصرت على أن تضع لنفسها مكانًا فى الخريطة الجديدة للبرلمان المقبل أمام منافسين أقوياء دفعت بهم الأحزاب صاحبة العدد الأكبر من مقاعد الشيوخ، وبالفعل جاءت المؤشرات بالمرحلة الأولى لتؤكد التواجد القوى للمستقلين بهذه الانتخابات فى 14 محافظة بإجمالى 70 دائرة تنافس فيها بالنظام الفردى 1281 مرشحًا وقائمة بقطاعى شمال ووسط وجنوب الصعيد وغرب الدلتا وهى محافظاتالجيزة والفيوم والوادى الجديد والمنيا وأسيوط وسوهاج وبنى سويف وقناوالأقصر وأسوان والبحر الأحمر والإسكندرية والبحيرة ومرسى مطروح. ضمانات النزاهة وتسلمت الهيئة الوطنية للانتخابات نتائج الحصر العددى للتصويت بالمحافظات الخاصة بالمرحلة الأولى من اللجان الانتخابية البالغ عدد 5606 لجان على مستوى 14 محافظة، وذكرت الهيئة أن هذه الانتخابات شهدت حضورًا كثيفًا من الناخبين، حيث تم مراجعة كافة النتائج وضم أصوات المصريين بالخارج إليها وتقديمها إلى أعضاء مجلس إدارة الهيئة الوطنية للقيام بالمراجعة النهائية وإعلان النتيجة الرسمية للمرحلة الأولى اليوم. وحرصًا من الهيئة الوطنية للانتخابات على ضمان نزاهة العملية الانتخابية، قررت اللجنة العامة بالدائرة الأولى قسم شرطة المنتزه ومقرها كلية النصر بمنطقة فيكتوريا إبطال الأصوات بصناديق الاقتراع فى اللجنة الفرعية رقم 14، وقبول طعن أحد المرشحين الذى قام بتصوير فيديو للجنة وتداوله على مواقع التواصل الاجتماعى على نطاق واسع يظهر فيه أحد المرشحين، وهو يصور صندوق اقتراع تم تفريغه من بطاقات الاقتراع منذ الساعة الثامنة قبل غلق باب التصويت، وتقدم نفس المرشح بطعن على هذا الصندوق وفحصت اللجنة العامة الطعن المقدم من المرشح، وتم إبطال صندوق الاقتراع فى هذه اللجنة. مفاجآت الدوائر ولم تكن مسألة فرض وجود المستقلين فى جولة الإعادة من فراغ؛ بل كان تسلح معظمهم بشعبيتهم فى الدوائر وتمكنهم من حصد أصوات الناخبين وسط حشد من المقربين والراغبين فى تغيير الوجوه البرلمانية فى المجلس القادم من أهم الأدوات التى اعتمدوا عليها، ولذلك لم يكن غريبًا أن تكون الإعادة هى البطل فى المرحلة الأولى من الانتخابات، حيث تعد هذه الجولات الفاصلة خطوة حاسمة لتحديد الفائزين بالمقاعد النيابية بعد انتهاء الجولة الأولى، ففى الجيزة التى شهدت معارك ساخنة على المقاعد الفردية أظهرت نتائج الحصر العددى فى دائرة العمرانية والطالبية دخول عدد من المرشحين إلى جولة الإعادة بعد منافسة محتدمة على أعلى الأصوات، وجاءت قائمة المرشحين الذين سيتنافسون فى جولة الإعادة محمود لملوم «حماة الوطن» وإبراهيم العجمى «حزب العدل» ومحمد على عبدالحميد «مستقل» وجرجس لاوندى «مستقل». ثم كانت المفاجآت فى دوائر أخرى بالجيزة منها دائرة الجيزة والدقى والعجوزة التى تشهد إعادة بين اللواء كمال الدالى، مرشح حزب الجبهة الوطنية وهشام بدوى، المرشح المستقل، كما شهدت دائرة الهرم دخول أربعة مرشحين سباق جولة الإعادة بعد منافسة شرسة وهم محمد سلطان «مستقبل وطن»، وسيم كمال عثمان «الجبهة الوطنية»، عبدالفتاح خطاب «مستقل»، أحمد الجابرى «مستقل» وفى دائرة العياط والبدرشين ينتظر 6 مرشحين جولة الإعادة ويتنافسون جميعًا على حجز 3 مقاعد مخصصة للدائرة داخل البرلمان وهم نادر الخبيرى «مستقبل وطن»، محمد رشاد حمزة «حماة الوطن»، شريف عنانى «الجبهة الوطنية»، أبوبكر غريب «مستقل»، محمود أبوزيد «مستقل»، عماد إمام «مستقل»، الأمر نفسه تكرر فى دائرة إمبابة التى يخوض فيها جولة الإعادة 4 مرشحين وهم وليد المليجى «مستقبل وطن»، أحمد العجوز «مستقل»، إيهاب الخولى «المحافظين»، أحمد عبدالقادر «حزب الجيل». وعلى نفس المسلسل صارت معظم الدوائر فى محافظات المرحلة الأولى لتدخل جولة الإعادة منها دائرة مركز سوهاج التى تشهد إعادة بين 4 مرشحين وفى دائرة المنشأة ودائرة البلينا ودائرة دار السلام بنفس المحافظة تجرى الإعادة بين المرشحين. وفى محافظة الأقصر هناك منافسة قوية فى جولة الإعادة بين مرشح من حزب حماة الوطن وآخرين مستقلين لحجز مقعد فى الدائرة الأولى بمحافظة الأقصر، وجاء النائب أحمد إدريس على رأس القائمة التى ستخوض جولة الإعادة من أجل حجز مقعد فردى فى الدائرة الأولى بمحافظة الأقصر. كما تشهد محافظة الفيوم منافسة قوية بين مرشحى الأحزاب الكبرى والمستقلين فى جولات إعادة بأغلب الدوائر بالمحافظة منها دائرة بندر الفيوم تجرى فيها الإعادة بين 6 مرشحين ودائرة إطسا بين 4 مرشحين. وفى أسيوط تشتعل الإعادة فى دائرة ديروط القوصية ومنفلوط بين المرشحين أبرزهم يونس الجاحر ومحمد عيد وراشد أبوالعيون ومحمود قرشى، وفى دائرة البدارى والفتح تجرى الإعادة بين 6 مرشحين ودائرة أبوتيج بين 4 مرشحين. أما فى الإسكندرية فقد تصدر حزب «مستقبل وطن»، بينما تمكن حزب النور من حصد مقعد دائرة الدخيلة من الجولة الأولى، كما أظهرت نتائج الحصر العددى فى دائرة قوص وقفط بمحافظة قنا فوز النائب معتز محمد محمود، مرشح الجبهة الوطنية وهناك إعادة بين اثنين من المرشحين، كما تشهد دوائر محافظة البحيرة إعادة فى معظم الدوائر. الجولة الثانية فى المرحلة الثانية للانتخابات بدأت فترة الدعاية الانتخابية 6 نوفمبر ويكون الصمت يوم 20 نوفمبر، وتجرى الانتخابات فى الخارج 21 و22 نوفمبر وفى الداخل 24 و25 نوفمبر، على أن تعلن النتيجة للمرحلة الثانية يوم 2 ديسمبر، وتواصل محافظات المرحلة الثانية الدعاية الانتخابية للمرشحين وتشمل محافظات القاهرة، القليوبية، الدقهلية، المنوفية، الغربية، كفر الشيخ، الشرقية، دمياط، بورسعيد، الإسماعيلية، السويس، شمال سيناء، جنوب سيناء. ومن المتوقع أن تضع المعارضة بصماتها فى هذه المرحلة خاصة مع وجود مرشحين بارزين من بينهم ضياء الدين داود فى دمياط وأحمد بلال فى الغربية عن حزب التجمع وعبدالمنعم إمام عن دائرة التجمع الخامس وطلعت خليل فى السويس. من جهته قال عبدالناصر قنديل خبير النظم والتشريعات البرلمانية ل «صباح الخير» إن هناك 12 حزبًا سياسيًا داخل البرلمان الحالى بينما مجلس الشيوخ به 19 حزبًا ولم نشهد أى محاولة للإقصاء والاستحواذ فى الانتخابات من قبل بعض الأحزاب وهذا يعطى رسالة مهمة ويؤكد أن الحياة السياسية تتجه للنضج. وأشار إلى أن ثقة المواطن فى نزاهة العملية الانتخابية أدت إلى مشاركته فى التصويت، متوقعًا أن تكون هناك زيادة فى نسب المشاركة عن الانتخابات الماضية، ففى عام 2020 كانت النسبة 28% بينما فى الانتخابات الحالية طبقا للحصر العددى الذى تم فى المرحلة الأولى قد تتراوح نسب المشاركة بين 35 إلى 38%.