قد شهدت أسعار الأرز في أسواق الجملة على مدار الأيام الماضية، قفزات متتالية تراوحت ما بين 13 إلى 15 جنيها للكيلو، بينما وصلت ل 17 جنيها للمستهلك، فيما استقرت أسعار الأرز الشعير"عريض الحبة " ، ليسجل سعر الطن 9.200 جنيه ل 10.000 جنيه ، وثبتت أسعار الأرز الشعير " رفيع الحبة" ليسجل سعر الطن 9.000 جنيه ، بينما سجلت أسعار الأرز الأبيض " كسر 3% " انخفاضًا في سعر الطن بنحو 500 جنيه، ليسجل سعر الطن 14.500 جنيه، وتراجعت أسعار الأرز الأبيض " كسر 5% " ليسجل سعر الطن 14.100 جنيه، الامر الذى أثار تساؤلات كثيرة حول الاسباب الحقيقية وراء هذه الارتفاعات رغم وجود انتاج يكفى للاستهلاك المحلى والتصدير. وتباينت الاراء فيما يتعلق بوجود نقص شديد فى المساحات المزروعة للمحصول الحالى وما بين غياب الرقابة والاحتكار من قبل التجار الوسطاء ممن يهرولون لشراء المحصول من المزارعين وتخزينه لتعطيش السوق ورفع الاسعار حسبما يريدون، وهناك من يرى أن غياب دور الدولة فى عمليات التسويق سبب كاف للتلاعب فى هذا المحصول الاستراتيجى. وحسب الجهاز المركزي للإحصاء، بلغ إنتاج مصر من الأرز 4.4 مليون طن عام 2019/2020 مقابل 4.8 مليون طن عام 2018/2019 بنسبة انخفاض قدرها 7.6 ٪ ويرجع ذلك إلى انخفاض المساحة المزروعة بالأرز خلال هذا العام بينما تشير التوقعات إلى أن إنتاج الأرز سيبلغ نحو 3.19 مليون طن في الموسم الجديد مقابل 4.4 مليون طن تقديرات لموسم 2020-2021، وقد يتراجع المخزون من الارز فى نهاية 2021-2022 ليبلغ 707.6 ألف طن، مقابل 1.3 مليون طن في الموسم الماضي، وهذا التراجع بسبب أن الفلاحين لم يحققوا المكاسب المتوقعة من الأرز خلال موسم الحصاد قبل الماضي، نظرًا لوفرة المعروض من الأرز وضعف الطلب، وهو ما دفعهم إلى التحول لزراعة الذرة نتيجة لارتفاع سعره. من جانبه، يرى رجب شحاته، رئيس شعبة الأرز باتحاد الصناعات، ان الأسعار ارتفعت نتيجة انخفاض الإنتاج خلال الموسم الماضي بنسبة 20% مقارنة بالموسم قبل الماضي، موضحا أن تقليص حجم المساحات المزورعة من الأرز تكرر هذا العام ايضا للحفاظ على الثروة المائية، فالأراضي التي كانت تزرع أرزا انخفضت من 2 مليون فدان، ل700 ألف فدان، مشيرا إلى أنه في العام الماضي تمت زراعة مليون و200 ألف فدان، والعام السابق له مليون و700 ألف فدان، ولكن هذا العام تمت زراعة 700 ألف فدان فقط، وهو ما تسبب في قلة المعروض منه بالأسواق ورفع السعر. وأوضح أنه تم إجراء مناقصة على كميات أرز مستورد، الاسبوع الماضى ، مؤكدًا أن سعر الأرز سيكون بين ال 11 ل 14 جنيهًا، ولن يزيد على هذا الرقم حتى يتم حصاد المحصول الجديد، مشددا على أن هذه الأزمة لن تحدث مرة ثانية، حيث أن الأرز المستورد سيدخل في بداية شهر يوليو، ولن تكون هناك زيادة جديدة في الاسعار. فيما طالب دكتور عباس شراقى ، خبير المياه الدولى، بزيادة مساحة الأرز بشمال الدلتا، على أن يتم تحديد مساحة الأراضى الزراعية لزراعة الأرز سنويا بناء على عدة معايير أهمها، الوضع المائى وقت الزراعة، وقدرة شبكة الرى من الترع والمصارف، علاوة على مساحة الأراضى عالية الملوحة والتى لاتصلح بكفاء للمحاصيل الأخرى، وكذلك الاحتياجات الداخلية، بالاضافة الى الأسعار العالمية للأرز، وأخيرا مدى التقدم فى ملف سد النهضة وامكانية التخزين. وأوضح شراقى، أن إجمالى المساحة التى يتم زراعتها بالأرز على مدار السنوات الأخيرة قدرت ب 1.1 مليون فدان، وهناك مساحة أخرى يتم زراعتها بالمخالفة وتغريم المزارعين، وهذا العام أصدرت وزارة الرى قرارها بزراعة نفس المساحة حوالى 1,1 مليون فدان، الامر الذى يؤكد أن الظروف الحالية تدفع للتوسع فى زراعة الأرز حيث أن كلها متوفرة أيضا هذا العام ، خاصة بعد نشوب الحرب الروسية-الأوكرانية ويرى شراقى ، امكانية زراعة مليون فدان اضافى على مياه الرى والصرف بعد المعالجة ، ليوفر حوالى 4 ملايين طن يمكن استخدام جزء منها تعويضا عن القمح فى حالة تعثر استيراده نهاية هذا العام، واذا حصلنا على القمح دون مشاكل وبأسعار مناسبة يمكن أن نصدر الأرز بأسعار تفوق القمح، ونوع الأرز المصرى جيد ومطلوب فى الداخل والخارج، وقد وصلنا لزراعة 2 مليون فدان بالفعل عام 2008 ومتوسط مساحات الأرز من 2000 – 2015 كان 1.5 مليون فدان. بينما أرجع دكتور علاء البحراوى ، أخصائي زراعة البساتين بوزارة الزراعة، ارتفاع أسعار الأرز إلى جشع ولعب التجار فى الأسعار رغبًة منهم فى احتكار السوق، موضحًا أن دور الوزارة يقتصر على توفير المحصول فقط، ، مشيرا إلى أن أسعار السلع الغذائية فى السوق والرقابة عليها تعود إلى وزارة التموين ، ولابد من وجود رقابة صارمة على الأسعار فى الأسواق حتى لا يتم التلاعب فيها. وأضاف انه من الضرورى وضع خطة عاجلة بمساندة الحكومة فى تحديد المساحات التى يتم زراعتها بالمحاصيل الاستراتيجية، لتحقيق التوازن فى تسويق الأرز بما يحقق الوفرة فى المعروض ويواجه أى احتمالات فى الأسواق ، وعدم السماح للسلسلة الوسيطة بالتأثير على أسعار الأرز، علاوة على ضرورة صدور قرار بتكليف هيئة السلع التموينية بشراء المحصول الجديد من الفلاحين، للتأكيد على تواجد الدولة فى الاسواق ، وأنها عازمة على الحد من احتكار تجارة الأرز، حيث يساهم مثل هذا القرار فى تهدئة الأسواق، وتغطية الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، وأن يكون هناك تعاقد من قبل الدولة وخاصة محصول القطن والذرة والارز بالسعر والكمية التى يتم زراعتها، حتى يضمن للمزارعين تسويق المحاصيل الزراعية، وعدم احتكار أى جهة، وحتى لا يضطر المزارع لبيع المحصول بأرخص من سعره الحقيقى.