التوكتوك لم يعد ظاهرة تضر بالوجه الحضارى لمصر ولا بالمرور فحسب..بل إنه تجاوز ذلك فأصبح قضية مجتمعية لها أبعاد اجتماعية وجنائية, ويحمل العديد من المخاطر خاصة بعد أن أصبح أداة أساسية فى العديد من الجرائم..هذا ما أكدته دراسة اسكشافية أجراها المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية حملت اسم "ظاهرة التوكتوك الأسباب والمشكلات والحلول" أوضحت الدراسة أن انتشار التوكتوك فى مصر كشف عن العديد من الأزمات والمشكلات المزمنة التى يعانى منها مجتمعنا وعلى رأسها الفقر والبطالة والفئات الهشة فى المجتمع التى أغلقت فى وجوههم أبواب العمل ولم يجدوا سوى التوكتوك وسيلة لكسب الرزق, كم أظهر انتشار التوكوتك عجز الحكومة فى توفير وسائل مواصلات آمنة, وعدم قدرتها على تقنين ظاهرة عمالة الأطفال ..كما انه فجر أزمة تدنى الأخلاق وانتشار السلوكيات والتصرفات السلبية. أكدت الدراسة التى أجريت على عينة قدرها 989 مواطنا منهم 400 من الممارسين للمهنة (السائق أو المالك), و589 من الجمهور العام المستخدم للتوكتوك وغير المستخدم له, أكدت أن أبرز النتائج الخاصة بانتشار التوكتوك ندرة فرص العمل التى دفعت نحو 64,3% من عينة البحث من السائقين والمالكين للدخول فى هذا المجال, وينتمى أغلب السائقين والمالكين ينتمون لأسر صغيرة ومتوسطة الدخل بنسبة تصل الى 67,5% حيث يبلغ متوسط الدخل الشهرى لهم حوالى 2500 جنيه فيما أكد نحو 27% انهم يحصلون على دخل شهرى يتجاوز 2500 جنيه. وتؤكد د"الشيماء علي" -رئيس قسم بحوث الاتصال الجماهيري والثقافة بالمركز والباحث الرئيسى للدرسة إن من أهم أسباب انتشار التوكتوك انه يقدم عملا سريع العائد لمن ليس لديهم فرصة عمل أخرى نظرا لأن سعر شرائه أقل بكثير من سعر المركبات الأخرى. كما يوفر الوقت لمستخدميه من الركاب بنسبة 78%. والبعض الآخر يعتمدون عليه لعدم وجود وسائل انتقال أخرى بنسبة 74.3%. وتشير الدراسة إلى أن تفاقم ظاهرة التكاتك ساهمت بشكل مباشر فى زيادة ظاهرة عمالة الاطفال حيث أن أغلب العاملين عليه هم دون السن القانونية 18 عاما, وتبلغ نسبتهم 75%, وأوضحت الدراسة أن عمالة الأطفال في قيادة التكاتك تسببت في كثير من المشكلات أبرزها: انتهاك قواعد المرور، والسير في الاتجاه المرورى المعاكس، وتجاوز السرعات المحددة، والسير بالتوكتوك في الطرق السريعة، واقتحام المناطق السكنية والأحياء المختلفة؛ كما تم استخدام التكاتك فى ارتكاب جرائم خطيرة كالقتل والخطف والسرقة والتحرش ورغم تأكيد نحو 31% من المبحوثين على أن التوكتوك وسيلة غير آمنة, وأن أجرته غالية ومبالغ فيها مقارنة بوسائل المواصلات الأخرى ,الا أن 76% من مستخدمي التكاتك في الدراسة يرون أن الأفضل هو استمراره مع وضع إجراءات أكثر أمانا معه لتقليل نسبة الحوادث, ومن بين هذه الإجراءات منع قيادة الأطفال وعمل قاعدة بيانات لهذه المركبات وربطها بأجهزة الدولة عن طريق ترخيص التكاتك, وتوقيع الكشف الطبي على سائقي التكاتك للتأكد من عدم تعاطيهم المخدرات. وأوصت الدراسة بعدة توصيات لعل من أبرزها؛ ضرورة الاستفادة من التجارب الآسيوية الناضجة الإيجابية في التقنين والحفاظ على البيئة مثل الهند، والإبقاءِ على استخدام التوكتوك فى الأماكن التى يصعب الوصول إليها والمناطقِ الريفية؛ مع تقنين أوضاعه وفقًا لقانون المرور وتحديد خطوط سيره.. بالإضافة إلى تقديم قروض ميسرة ومساعدات مالية حكومية لتشجيع سائقيه على الاستبدال للحصول على ميني فان. وأخيرا الإسراع في إخضاع التكاتك للتنظيم القانوني وربط أصحابه بمنظومة التأمين الصحي والاجتماعي وتوفير ضمانات وتقديم محفزات للتشجيع على تسجيل المركبات.