تقدم النائب أحمد بلال البرلسي، عضو مجلس النواب عن حزب التجمع، بمشروع قانون لتجريم زواج القاصرات، وقال النائب في المذكرة التفسيرية لمشروع القانون؛ إن رئيس الجمهورية صرح في خطاب جماهيري واسع أنه (استكمالًا لمسيرة دعم وتمكين المرأة المصرية أوجه الحكومة بما يلي: قيام مجلس النواب بسرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع زواج الأطفال.. أنا أتكلم على الزواج المبكر بقانون مستقل والنص صراحة على السن القانوني للزواج) ليكشف التكليف عن قصور تشريعي واحتياج مجتمعي بالغ الأهمية يتعلق بمواجهة استشراء ظاهرة زاوج الأطفال وإفلات ذويهم من تلك الجريمة. وبحسب المذكرة الإيضاحية للمشروع؛ يقصد بزواج الأطفال أنه (زواج رسمي أو غير رسمي للأطفال دون سن البلوغ 18 عاما) وهي ظاهرة اجتماعية في منتهى الخطورة منتشرة في كل دول العالم وليس في المجتمعات العربية والإسلامية فقط، ولا تقتصر على الدول النامية فحسب، ولكنها تختلف في نسب الانتشار والشيوع، حيث تخلف تلك الظاهرة آثارًا سلبية واقتصادية وإنسانية بالغة الخطورة على المجتمعات، حيث تشير الإحصائيات الرسمية المعتمدة إلى أن (1) من كل (9) فتيات في البلدان النامية تزوجن قبل سن (15) عاما، وتعتبر النيجر أعلى معدل لزواج الأطفال في العالم. أما عن الوضع المحلي لتلك الجريمة، فقد كشف الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء ارتفاع عدد حالات زواج القاصرات في مصر لتصل إلى (118) ألف حالة زواج سنويًا تعادل نحو (40%) من إجمالي حالات الزواج في مصر من بينهم (1200) مطلقة وأكثر من (1000) فتاة أرملة، فيما جاءت حالات الزواج من الفئة العمرية أقل من (15) عاما من الذكور والإناث معا خلال عاما واحد (5999) حالة زواج، بينهما (1541) حالة زواج للذكور و(4458) حالة زواج للإناث. ولبيان مدى خطورة هذا السلوك تغلغله في بعض البيئات، ونذكر مثال حيث تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط مأذون شرعي تخصص في تزوير المحررات لتزويج القاصرات بمحافظة الشرقية، وأفادت التحريات أن (ع . م) مأذون شرعي ارتكب (107) وقائع تزويج قاصرات من خلال التحايل على القوانين وإدخال الغش والتدليس على الجهات الحكومية بموجب إبرام عقود زواج عرفية لفتيات قاصرات. وبحسب المذكرة الإيضاحية: فإن القضية تأتي بالمخالفة لكل التشريعات الوطنية والمعاهدات والمواثيق الدولية التي صدقت عليها مصر، لتصبح جزءًا من بنيتها القانونية، ورغم تلك البنية القانونية ووضوح التشريعات الوطنية التي تحدد صراحة سن الطفل وتجعل عمليات الزواج مخالفة للدستور والقوانين الوطنية والمعاهدات إلا أن فعل الزواج ذاته يبقى غير معاقب عليه في القانون المصري! فلا يوجد نص يعاقب من قام بالزواج من قاصر أو تزوجها، بل أنه حتى وإن قام شخص بتلك الجريمة فلن نستطيع محاكمته أو محاسبته إلا إذا اقرن هذا الفعل بجريمة منصوص عليها في قانون العقوبات، وباستقراء التشريعات الوطنية لا نجد إلا تجريم (وحيد) مستقل لهذا الفعل تنص عليه المادة 227 فقرة (1) من قانون العقوبات، وهي عقوبة لا تتناسب مع الواقعة، إضافة لكونها تتعلق بالمأذون الذي يقوم بعقد الزواج. مواد المشروع المقدم وبناء عليه فإن مشروع القانون المقترح يستهدف توثيق وتحديد المقصود بكلمة (الزواج) في هذا القانون (المادة 1) كما وسعت النطاق القانوني لجريمة زواج الأطفال لتشمل كل العناصر المشاركة في ارتكابها أو التي لها ولاية على الطفل (المادة 2)، وحددت (المادة 3) الفترة الانتقالية لتطبيق القانون والتي يحظر بعدها التصديق على عقود الزواج العرفي ويعاقب مرتكبوها بذات أحكام الجريمة الأصلية (المادة 4). أما الفصل الثاني من مشروع القانون فقد تضمن بيانا للجرائم والعقوبات التي تطبق على جرائم زواج الأطفال دون الإخلال بأي عقوبات أشد تنص عليها التشريعات الوطنية (المادة 5) حيث تضمن عقوبة السجن لمدة لا تقل عن سنة، وغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من شارك في تزويج أطفال أو في المظاهر الاحتفالية الدالة على ارتكاب الجريمة مستقبلًا (المادة 6)، أما لو صاحب عملية الزواج إكراه أو تهديد أو إغراء فقد عاقبت (المادة 7) عليها بالأشغال الشاقة المؤقتة. وفي شيوع ثقافة تحرض على زواج الأطفال وتفسيرات لدى بعض المنتسبين للفكر الديني تتعامل مع زواج الأطفال فقد وضع مقترح القانون عقوبة عن تلك السلوكيات تتفق وعقوبة تقديم محررات تساهم في إتمام زواج الأطفال بالسجن وغرامة لا تقل على عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين (المادة 8). ولتشجيع الأطراف المختلفة على مكافحة الجريمة والحيلولة دون وقوعها فقد منحت (المادة 10) حصانة وإعفاء من العقاب لكل من يبلغ عن الجريمة قبل علم السلطات المختصة بها طالما أتاح البلاغ فرصة للحيلولة دون وقوع الجريمة أو القبض على مرتكبيها، بل وعاقبت من يكشف عن هوية المجني عليه أو الشاهد أو المبلغ بالسجن أو بالغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تجاوز سبعين ألف جنيه (المادة 9). ولضمان الردع والصرامة في توقيع العقاب على أطراف الجريمة فقد نصت (المادة 11) على اعتبار جريمة تزويج الطفل من الجرائم التي لا تسقط بمضي المدة ولا يستفيد مركتبوها من الأحكام الخاصة العقوبة أو أحكام انقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة والمنصوص عليها بقانون الإجراءات الجنائية.