تحطم طائرة صغيرة وسط المكسيك أثناء هبوط اضطراري ومصرع 7 أشخاص    لحظة سقوط الحاويات من على قطار بضائع بقرية السفاينة بطوخ.. فيديو    حورية فرغلي: بقضي وقتي مع الحيوانات ومبقتش بثق في حد    حورية فرغلي: لسه بعاني من سحر أسود وبتكلم مع ربنا كتير    محمد القس: أحمد السقا أجدع فنان.. ونفسي اشتغل مع منى زكي    جلال برجس: الرواية أقوى من الخطاب المباشر وتصل حيث تعجز السياسة    خطوات عمل الاستمارة الإلكترونية لدخول امتحانات الشهادة الإعدادية    بسبب سوء الأحوال الجوية.. تعطيل الدراسة في شمال سيناء اليوم    وكيل صحة الغربية يعلن افتتاح وحدة التصلب المتعدد والسكتة الدماغية بمستشفى طنطا العام    توسك: التنازلات الإقليمية لأوكرانيا شرط أمريكي لاتفاق السلام    وفاة شخص وإصابة شقيقه في مشاجرة بالغربية    تأجيل محاكمة 9 متهمين بخلية المطرية    ترامب يعلن مادة الفينتانيل المخدرة «سلاح دمار شامل»    مباراة ال 8 أهداف.. بورنموث يفرض تعادلا مثيرا على مانشستر يونايتد    لإجراء الصيانة.. انقطاع التيار الكهربائي عن 21 قرية في كفر الشيخ    أيامى فى المدينة الجامعية: عن الاغتراب وشبح الخوف!    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الثلاثاء 16 ديسمبر    لقاح الإنفلونزا.. درع الوقاية للفئات الأكثر عرضة لمضاعفات الشتاء    إنقاذ قلب مريض بدسوق العام.. تركيب دعامتين دوائيتين ينهي معاناة 67 عامًا من ضيق الشرايين    «المؤشر العالمي للفتوى» يناقش دور الإفتاء في مواجهة السيولة الأخلاقية وتعزيز الأمن الفكري    العربية لحقوق الإنسان والمفوضية تدشنان حوارا إقليميا لإنشاء شبكة خبراء عرب    ثماني دول أوروبية تناقش تعزيز الدفاعات على الحدود مع روسيا    وزير قطاع الأعمال العام: عودة منتجات «النصر للسيارات» للميني باص المصري بنسبة مكون محلي 70%    5 أعشاب تخلصك من احتباس السوائل بالجسم    لجنة فنية للتأكد من السلامة الإنشائية للعقارات بموقع حادث سقوط حاويات فارغة من على قطار بطوخ    تحطم زجاج سيارة ملاكي إثر انهيار شرفة عقار في الإسكندرية    الكونغو: سجن زعيم المتمردين السابق لومبالا 30 عامًا لارتكابه فظائع    محافظ القليوبية ومدير الأمن يتابعان حادث تساقط حاويات من قطار بضائع بطوخ    نهائي كأس العرب 2025.. موعد مباراة المغرب ضد الأردن والقنوات الناقلة    كأس العرب، حارس مرمى منتخب الأردن بعد إقصاء السعودية لسالم الدوسري: التواضع مطلوب    التموين تواصل افتتاح أسواق اليوم الواحد بالقاهرة.. سوق جديد بالمرج لتوفير السلع    منذر رياحنة يوقّع ختام «كرامة» ببصمته... قيادة تحكيمية أعادت الاعتبار للسينما الإنسانية    إبراهيم المعلم: الثقافة بمصر تشهد حالة من المد والجزر.. ولم أتحول إلى رقيب ذاتي في النشر    نقيب أطباء الأسنان يحذر من زيادة أعداد الخريجين: المسجلون بالنقابة 115 ألفا    مصرع طفلين وإصابة 4 أشخاص على الأقل فى انفجار بمبنى سكنى فى فرنسا    شيخ الأزهر يهنئ ملك البحرين باليوم الوطني ال54 ويشيد بنموذجها في التعايش والحوار    فتش عن الإمارات .. حملة لليمينيين تهاجم رئيس وزراء كندا لرفضه تصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية    حسام البدرى: من الوارد تواجد أفشة مع أهلى طرابلس.. والعميد يحظى بدعم كبير    الأهلى يوافق على عرض إشتوريل برايا البرتغالى لضم محمد هيثم    الأمر سيصعب على برشلونة؟ مدرب جوادلاخارا: عشب ملعبنا ليس الأفضل    منتدى «السياحة والآثار» وTripAdvisor يناقشان اتجاهات السياحة العالمية ويبرزان تنوّع التجربة السياحية المصرية    في جولة ليلية.. محافظ الغربية يتفقد رصف شارع سيدي محمد ومشروعات الصرف بسمنود    محافظ الجيزة يتابع تنفيذ تعديلات مرورية بشارع العروبة بالطالبية لتيسير الحركة المرورية    العمل: طفرة في طلب العمالة المصرية بالخارج وإجراءات حماية من الشركات الوهمية    حضور ثقافي وفني بارز في عزاء الناشر محمد هاشم بمسجد عمر مكرم    الثلاثاء إعادة 55 دائرة فى «ثانية نواب» |139 مقرًا انتخابيًا بالسفارات فى 117 دولة.. وتصويت الداخل غدًا    غزل المحلة يطلب ضم ناصر منسى من الزمالك فى يناير    السعودية تودع كأس العرب دون الحفاظ على شباك نظيفة    القبض على المتهم بالشروع في قتل زوجة شقيقه وإبنته ببولاق الدكرور    متحدث الصحة: إطلاق الرقم الموحد 105 لتلقي استفسارات المواطنين    هل الزيادة في الشراء بالتقسيط تُعد فائدة ربوية؟.. "الإفتاء" تُجيب    الإدارية العليا ترفض الطعون المقدمة في بطلان الدوائر الانتخابية في قنا    اللمسة «الخبيثة» | «لا للتحرش.. بيئة مدرسية آمنة» حملات توعية بالإسكندرية    كيف أرشد الإسلام لأهمية اختيار الصديق؟ الأزهر للفتوي يوضح    وزير التعليم: تطوير شامل للمناهج من رياض الأطفال حتى الصف الثاني الثانوي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 15-12-2025 في محافظة قنا    الأزهر يدين الهجوم الإرهابي الذي استهدف تجمعًا لأستراليين يهود ويؤكد رفضه الكامل لاستهداف المدنيين    حُسن الخاتمة.. مفتش تموين يلقى ربه ساجدًا في صلاة العشاء بالإسماعيلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لأول مرة..إطلالة على ما يجري في كواليس عمل محققي التراث
نشر في الأهالي يوم 24 - 05 - 2021


وقائع معركة فكرية يفجرها ملتقى الشربيني الثقافي
محمد فوزي حمزة : إتحاد الكتاب يتقاضى نسبة ضخمة من أسعار الأغلفة، بما يهدد استمرار جهود المحققين.
مسعود شومان: هناك تراثٌ عظيم للعامية العربية والعامية المصرية، لم تمتد إليه أيدي المحققين .
محمد على عزب :حماة اللغة العربية توهموا خطورة العامية على الفصحى.
على ضفاف الشعر والموسيقى وصوت الفنان الواعد محمد شريف المذهل ، جرت وقائع وأعمال ملتقى الشربيني الثقافي، الذي عقد جلسته الأولى بعد اعتكاف وصوم عن مواصلة فعالياته خلال شهر رمضان المعظم .
كانت واحدة من أهم وأنجح فعاليات الملتقى منذ تأسس في أكتوبر الماضي ، بشعاره الشهير: "شمعة تقاوم العتمة " ، حيث دارت وقائع معركة فكرية ساخنة على هامش قضية تحقيق وتدقيق التراث (العربي الفصيح والعامي ). مثل جانب اللغة الفصحى الشاعر والمحقق محمد فوزي حمزة ، فيما مثل جانب اللغة العامية الشاعر والناقد والأثري محمد على عزب .
وفي تقديمه لضيفيه أعرب الكاتب والصحفي محمود الشربيني مؤسس الملتقى عن سعادته بأن يطل أقطاب ورموز الملتقى، الكتاب والشعراء والنقاد محمد جاد هزاع و مسعود شومان ومحمد عبد الباسط عيد ( وغاب لظروف قاهرة د. محمد السيد إسماعيل والكاتب الصحفي مجدي صالح والشاعران أحمد نصر وشوقي نسيم ) وكل رواد الملتقى ، لأول مره وعن قرب على طرق تحقيق التراث وأدواتها وأساليبها وصعوباتها ، من خلال تجربتي "حمزة" و"عزب".
وقال الشربيني أنه تعرف على حمزة في شبابه عندما كان يدرس في المرحلة الثانوية ، حيث لبى دعوته للمشاركة والكتابة – وحتى التوزيع اليدوي – في مجلة أصدرها بماله الخاص باسم "الرسالة" ، لتصدر من قرية طحانوب ... طبعت المجلة بالاستنسل ، وبذل كلاهما جهدا ضخما لتصل المطبوعة إلى الناس . وذات عدد استدعي "محمد فوزي إلى جهاز أمن الدولة (بتعبير ذلك الزمان) ليُسأل عددا من الأسئلة ، و بلباقته المعهودة أراد ان يصدر العدد الجديد متوازنا ، من دون أن تؤخذ عليه منافقة السادات أو معارضته، فكتب يقول: "في عهد الرئيس الكريم محمد أنور السادات ….."! وكان اختياره للصفة التي ألصقها باسم الرئيس كاشفا تماما .. فأي كرم عند السادات ، وأي علاقة للصحافة بصفة الكرم !
-ثم دعا "الشربيني" الكاتب الصحفي محمد جاد هزاع للحديث عن محمد فوزي حمزة ، فكونهما من قرية واحدة (حمزة من مواليد طحانوب عام 1947) جعله يطل على أفكاره وكتاباته منذ وقت بعيد، وخاصة على صعيد (التدقيق وتحقيق كتب التراث)، فقال وانه تابع ما يكتبه وما يبذله من جهد مقدر ومحترم على هذا الصعيد، وأنه يحتل مكانة مرموقة بين المحققين ، لدأبه الشديد ورصانة كتاباته و دقته الشديدة في العمل ، منوها بانه اكتشف لديه هذه القيمة منذ أن قرأ له كتابيه الأولين وهما: اليهود والقرابين البشرية، وعبد الله أبو النبي، (وكان الشربيني قد أشار إلي هذا الكتاب في كلمته كأول مطبوع تناول بشمول حياة والد النبي محمد، والذي يسوق من الأدلة والبراهين ما يؤكد أن والد النبي – المتوفي قبل البعثه – لم يمت كافرًا، فقد أفرد لذلك فصلا بعنوان "هو في الجنة وإليك الدليل".. وهو ما أثار جدلا واسعًا ولا يزال .
تحقيق تراث الفصحي:
– وتحدث الشاعر والمدقق محمد فوزي حمزة عن أعماله، عبر الحوار الذي جرى بينه وبين الكاتب محمود الشربيني خلال الندوة، فذكر أن علاقته بالأدب بدأت مبكرًا جداً ، فأشار إلي أنه كثيرا مااستمع لوالده – وهو في الرابعة الابتدائية – يردد أبياتاً معينة من الشعر، وجدها فيما بعد تلح عليه، ومن هنا حاول تعقبها وردها إلي أصلها ومعرفة معانيها وتصحيح وتفسير واستكمال أبياتها .
فيما بعد قادته هذه المحاولة ، وبينما هو يعمل في مجال آخر- وهو قطاع البنوك – إلى تدقيق الكتب التراثية وتحقيقها .
-وذكر أن أول كتاب قام بتحقيقه تناول حادثة "فطيرة الدم " التي ارتكبها اليهود في مصر، وصدر الكتاب سنة 1980 تقريباً ، بعنوان "اليهود والقرابين البشرية" .
ثم انتقل إلي كتب الأدب ، والتي صدرت جميعها عن مكتبة الآداب .
– فيقول حمزة : بعد ذلك انتقلت لناحية تأليف الشعر ولي ديوان صدر منه جزآن ، أما قائمة الكتب المدققة – وأنا افضل استخدام كلمة التدقيق عن التحقيق رغم أنني أقوم بكل عمل المحقق – فهي طويلة و تربو على 22 كتابا مابين تحقيق وتدقيق وتأليف وشرح دواوين ، أهمها ما يلي : كتاب سيبويه الكامل في اللغة والأدب. شرح الزوزني للمعلقات .القصائد العشر. شرح القصائد الثلاث . دواوين الشعراء العشرة. ديوان الأصمعيات. ديوان الحماسة. الشوقيات. ديوان حافظ. ديوان البارودي. دول العرب وعظماء الإسلام. شرح قصيدة كشف الغمة للبارودي. ديوان الأعشى الكبير.
مجموع أشعار الصعاليك في العصر الجاهلي. ديوان الشاعرات الجاهليات. الزهد والنساكة في شعر أبي نواس .
-وأضاف: أقوم بكل ما يقوم به المحقق ، من تدقيق وتفسير ما ألغز وشرح وذكر الروايات الأخرى، والبحث فيها حتى أجد "الشاهد" وهذا هو المهم ،وغالبا وبنسبة كبيرة أصل إلي هذا "الشاهد" في الرواية.
-وأشار "حمزة" إلى أن أنجح كتبه توزيعا -وليس مالاً- هو كتاب المعلقات ، فقد طبع منه 9 طبعات . ذلك أن طلبة الجامعات يحتاجونه في دراساتهم، والحقيقة ان كل كتبي تجد طريقها إلى طلبة الجامعات.. مثل طلاب كليات اللغة العربية ودار العلوم
وذكر واقعة طريفة، أنه بينما كان في المعرض ذات مرة، حضرت إلي الدار مجموعة من الطالبات يسألن عن الكتاب ثم اشترينه ، ولما عرفت الفتيات بوجودي طلبن توقيعي على الكتاب، وبعد ذلك انسحبت إحداهن من لسانها وقالت : يعني كان لازم تألف ..عشان احنا نذاكر.!
– كما تحدث عن الصعوبات التي تواجه المحققين فقال أنها كثيرة جداً، على رأسها رداءة خطوط النساخ ، وعيوب التخزين التي تؤثر على جودة الصور، وإن كان ممكنا التغلب عليها من مطابقة المخطوطات والوصول إلى ما جرى طمسه، ثم معاناة الوصول إلي المخطوط نفسه ، بين آلاف المخطوطات ، والأصعب أن تظهر لك مخطوطة مخبوءة ، بينما توشك على إنهاء العمل فتتكبد معاناة البدء من جديد.!
إتحاد الكتاب .. يعيق الكتاب
– ثمة معوق آخر هذه المرة ، وهو العائد المادي الضئيل للمحققين والذي لا يتوازى مع جهد عمره سنين ، و الأنكى أن إتحاد الكتاب وبكل أسف استخرج من الأدراج قانونا قديما يقضي بأن يحصل الاتحاد على نسبة 5% من سعر الغلاف! هذا لا يتيح للمحقق أن يحصل علي شيء لأن ال 5% التي يحصل عليها لا تعتبر شيئا مقابل ما أنفقه من مال في شراء المراجع مثلا، وفضلا عن ذلك أيضًا فإن الاتحاد يخصم نسبته بأثر رجعي ، وهنا أجد لزاما علي أن أحيي مكتبة الآداب لأنهم يدفعون عني نسبة 1% من النسبة التي يفرضها الاتحاد ، وهذا لكونهم أصحاب رسالة، ويضحون تضحية كبرى .
واستطرد : ما يفعله الاتحاد يؤثر على مهنة التحقيق، ومن هنا وجبت دعوتي لهم للعدول عن هذه النسبة الضخمة .
-حاليا يستعد محمد فوزي حمزة لإصدار الطبعة الرابعة من كتاب سيبويه ، والذي استغرق عمله فيه لنحو 10سنوات. وقال لي "كنت شرعت في تحقيق المفضليات ولكني أوقفت العمل فيها لحين الانتهاء من إعادة قراءة سيبويه تمهيدا لإصداره مجددا.
-ما الذي أضافته لك هذه المهنة الصعبة ؟
-أكسبتني خبرات مذهلة وذخيرة معرفية وثقافية لم يكن تحصيلها ممكنا، لأن الشرح والتحقيق وترجيح الروايات علي بعضها وحتى التخمين" وهو تخمين يقوم على أصول وقواعد وليس تخمينا والسلام "، ولذلك أنا ممتن كثيرا لهذه الأعمال التي حققتها ، وأصحابها الذين منحوني هذه الذخيرة التي أعانتني في تأليف الشعر وغيره من فنون الأدب .
تحقيق تراث العامية:
وكان الشاعر والباحث مسعود شومان رئيس تحرير مجلة الثقافة الجديدة، قد قال في كلمة له في مستهل تقديمه للشاعر محمد على عزب : يمثل تحقيق تراث الشعر العامي مشكلة كبيرة في تحقيق التراث بشكل عام ، فإذا كانت الفصحى لها قواعدها ولها أجروميتها، فإن العامية تواجه مجموعة من الصعوبات الكبيرة التي تقف حائلا دون الولوج إلي هذا الباب المهم ، وإذا نظرنا إلى قضية التحقيق بشكل عام سنجد بعداً عن التحقيق بالفصحى او بالعاميه ، فما بالنا بمن يتصدى لتحقيق التراث العامي و الشعبي، خاصة مايتعلق بالسير والفنون التي كانوا يطلقون عليها الفنون المعربة وغير المعربة أو الملحونة التي قال عنها صفي الدين الحلي : حلال الإعراب بها حرام/ وصحة اللفظ بها سقام / يزداد حسنها إذا زادت خلاعة/ وتضعف صنعتها إذا أودعت من النحو صناعة.
وقد رصد الحلي في كتابه العطر الحالي والمرخص الغالي، الفنون السبعة ومنها: الزجل والقوما والكان وكان والمواليه بالإضافة إلى الشعر الفصيح.
أنا أتصور أن هناك تراثا عظيما للعامية العربية والعامية المصرية ، أو الكتب التي تناولت التراث الشعبي حتى لدي جماعتنا الشعبية في الوطن العربي ، لم تصل إليها أيدي المحققين لصعوبات خاصة بالتدوين، وحتى الطبع والنشر لهذه الكتب بعد الانتهاء منها، وبحقوق المؤلفين، لذا فإن تصدي ملتقى الشربيني الثقافي لمناقشة هذه القضية كان شيئا مهما جداً ، خاصة أن يدعو واحدا من أهم المحققين في الشعر الفصيح وهو الشاعر محمد فوزي حمزة ، و واحداً من أهم نقاد الشعر العامي و محققيه وهو الشاعر محمد على عزب ، الذي يحاول أن يخترق هذا الباب العصي وهو الكتابات التي تناولت شعر العاميه سواء كان درسا أو نصوصا .
*من جهته تحدث الشاعر والناقد محمد على عزب عن تجربته في تحقيق تراث الشعر العامي والصعوبات التي تواجه محقق هذا الفن اثناء عمله ، وبحثه بين المصادر القديمة والحديثة ، والالتزام بالمنهج العلمي للمشتغلين بالتحقيق، وأشار عزب إلي أن تراث الشعر العامي يعاني من التهميش، ونوه بأن تركيز محققي وباحثي التراث ينصب على تراث شعر الفصحى ، مما يجعل معرفتنا بتراثنا منقوصة .. بسبب هذه النظرة الانتقائية .
وأشار إلي أن العرب منذ القرن السادس الهجري ابتكروا تعبير و مسمي "الفنون السبع الأدبية" وبينها أنواع مختلفة للعامية ، ما يعني أنهم إعتبروا أن الشعر العامي جزءا مهما من الإبداع الشعري العربي ، ولم يكن لديهم الهاجس الذي يسيطر على من ينصبون أنفسهم حماة اللغة العربية اليوم ، وهذا الهاجس هو خطورة العامية على الفصحى .
وأضاف: هذا الهاجس لم يكن له محل من الإعراب عندهم، فالعامية موجودة جنبا إلي جنب مع الفصحى منذ إثني عشر قرنا ولم تؤثر عليها، والمجمع اللغوي اتفق منذ قرون على أن هناك لغة فصيحة رسمية واحدة. ولغة عامية دارجة مشتقة من الفصحى، ولكل منهما دور في المجتمع والآداب والفنون ، فلا صراع بينهما ولا خطورة من العامية على الفصحى ،إنما هو صراع ابتكره بعض الباحثين المحدثين، دون أن يعودوا إلي التراث ، ليروا أن القدماء لم يكن لديهم هذا الهاجس . فمثلا العلامة العربي ابن خلدون يتحدث في مقدمته الشهيرة عن فنون الشعر العامي في عصره ، وتجد ابن إياس المؤرخ في موسوعة بدائع الزهور يستشهد بأزجال للزجال خلف الغباري و إبراهيم المعمار في سرده للأحداث التاريخية، ولو أن الشعر العامي فيه خطورة على الفصحى ما فعل ابن خلدون وإبن إياس وغيرهما ذلك ، ولكن القدماء كانوا ينظرون للشعر العامي على أنه فن أدبي مثله مثل الشعر الفصيح وأنه يستحق كل التقدير .. وأن الشعر العربي ينقسم إلي شعر فصيح معرب، وشعر عامي غير معرب، وكلاهما يعبر عن الوجدان المصري والعربي.
-نفحات من الشعر
-طعمت جلسة الملتقى بالأشعار ، استهلها محمد فوزه حمزه بإلقاء بعض أشعاره ، ثم الشاعر الكبير مسعود شومان ، ثم الشاعرة آمال ناجي التي ألقت قصيدتين: الأولى بعنوان عزف الكمان وتقول في مطلعها:
أنا من لا تبصرها إن أنت نظرت إلي الأشياء
من تبحث عنها بين خيالاتك كل مساء
بعيون تسخر أشعارك
بدلال يتقن كل فنون العشق السابح في الأجواء.
والثانية هي خليل القلب .
وألقي الشاعر صابر قدح رباعيتين كتبهما خصيصا للاحتفاء بملتقى الشربيني الثقافي ودوره ك"شمعة تقاوم العتمة".
فى أحلك الليالى بيولع شمعة
ويمحى م القلوب مليون دمعة
جراح وشاطر وفي الفن مزاج
ملتقى الشربيني بيقاوم العتمة
كمان
شوف الجمال والجلال بيغريني
ورود ورياحين بتملا بساتيني
كل أزهار الشعر والأدب والفن
.تلاقيها في ملتقى الشربينى
-كما قرأ قدح على رواد الملتقى قصة قصيرة بعنوان لن أبيع لاقت استحسان جميع الحضور .
-الفنان والمطرب محمد شريف والذي كان بحق نجما من نجوم الأمسية لكونه قدم فنا أصيلا جميلاً مزج فيه العربي بالغربي .. والإيطالي بالمصري فمزج بين بوتشيللي( Fall on me )ومحمد قنديل تلات سلامات، وأطلق على هذا المزج إسم "وبحلم" وقال إن فكرة المزج لم تأت صدفة ،ولكن نتجت عن تكامل وتناسق لمسه وشعر به واكتشف وجوده بين الأغنيتين وكذلك السياق الموسيقي.
وعن مجريات الندوة وصفها شريف بالرائعة "فقد استرعى انتباهي تلك الشمولية التي أظلت كل جوانبها".. اولا شغل الحديث عن الإبداع اغلب الحاضرين، و لذلك فقد تطرق ذلك لموضوعات مثل التراث و كيفية الحفاظ عليه و مدى التقبل لإجراء التطوير عليه، ثم سار الحديث تجاه الهوية، تلك الكلمة التي لا تخفى أهميتها، فهناك بالطبع الهوية التاريخية و الثقافية و الإجتماعية . …الخ ... و قد تطرق الحوار لذلك بشكل عميق متسق لا يترك شاردة أو واردة... أيضا التدقيق و التحقيق بالنسبة للإبداع الأدبي سواء على مستوى مصر أو على المستوى العربي .. أما عن الشعر فقد كان له نصيب كبير خلال الندوة أو كان بمثابة الفارس النبيل بيننا".
الحوار بين أعضاء الندوة لحد بعيد كان موسوعيا جدا بما كان فيه من العمق العقلي و اختلاف كل طرح و الشكل الإنساني الجميل الذي غلف هذا الوقت الرائع حقا إنه منتدى بمثابة شمعة تقاوم الظلام.
المعركة المحسومة
أما الدرعمي بهاء أحمد فقال ؛ في ملتقى الشربيني – الذي يمثل تلبية صادقة لدعوة الدولة المصرية برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي ببناء الشخصية المصرية – التقيت بجمع من الكتاب والمحققين ، ولاحت لي في المداخلات والكلمات القضية القديمة الجديدة والتي أرى عنوانها الانتصار للغة للعامية، ولعل الدافع الخفي الحقيقي وراء إثارتها ، هو الانتصار للناتج الأدبي العامي، فكتاب الشعر الحر يسعون جاهدين لترويجه ونشره حتى يحظى بالقبول بين عامة القراء ، وهكذا راينا أصحاب هذا الاتجاه يولون قبلتهم نحو الانتصار للغة العامية ويرون أنها قد ظلمت، وانتهرت وتعرضت للتطهير اللغوي من أجل اللغة الفصحى، ويتخذون حصن الدفاع عن العامية ساترا عن الدفاع لعمله الأدبي، ويلجأون ٔ لاختلاق صراع بين الفصحى والعامية. وأقول "إن أول من ظلم العامية وحكم عليها بالإهمال في التدوين هم أنصار العامية أنفسهم ذلك أنهم وضعوها في مقارنة مع اللغة العربية الفصيحة و اختلقوا صراعا بينهما، فكانت النتيجة المحسومة للفصحى على حساب العامية في التدوين وغيره ومرد ذلك لصلابة الفصحى ومتانتها وقوتها من حيث الكم والكيف."


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.