غيب الموت الفنان القدير يوسف داود عن عمر 74 عاما ليترك فراغا كبيرا برحيله، وقد تمتع يوسف داود بحس كوميدي عال جدا اضافة إلي خفة ظل طبيعية لم يجتهد الرجل في اظهارها، فقد كانت إحدي سمات شخصيته الفريدة والمتميزة،، ولأن الكوميديا فن صناعة الضحك والمتعة نظن أنه كان واحد من صناعها المخلصين الذين حرصوا علي منح المتعة لكل الجماهير دون افتعال، وبجدية لم ينافسه فيها أحد، وظل في الصفوف الخلفية يقدم أعماله دون أن يشغل باله بالتصنيف ومتاهاته، وربما هذا ما جعله حتي آخر لحظات حياته هاويا فحصل بجدارة علي إعجاب والتفاف الجماهير حوله. فلا يخلو مشهد من مشاهده أو شخصية من تلك الشخوص العديدة التي قام بتجسيدها من الطرافة والفكاهة.. ملك يوسف داود طلة وهيبة عظيمتي الشأن، لكنه لم يستسلم لإغراءاتهما بتقديم الأدوار الجادة الصارمة، ولو أنه أفلح في بعضها بشكل كبير ومرض، واستسلم طواعية للكوميديا التي يملك مفرداتها وراح يجود في كل أعماله فهو يملك قلب طفل واحساسا مرهفا وان بدا الأمر غير ذلك، فقد كان يحرص علي أن يمتع ذاته ويمتع من حوله، فعندما يقف بطوله الفارع وجسمه الممتلئ ينتاب المتلقي حالة من الانبهار لهذا الخليط الفني رائع التكوين الذي يتحكم في أداء شخصياته بكل حواسه رغم أن امتهانه الفن جاء متأخرا بعض الشيء، فقد عمل مهندسا لمدة 25 عاما قبل أن يحترف التمثيل في ثمانينيات القرن الماضي . ولد يوسف داود جرجس صليب في العاشر من مارس/ آذار عام 1938 في منطقة السيوف بمحافطة الإسكندرية، وتخرج في كلية الهندسة قسم الكهرباء عام 1960. بدأ الفنان الراحل حياته الفنية بفيلمي “المضيفات الثلاث” و”سيد قشطة” عام 1985، وتتوالي الأعمال : كراكون في الشارع ، ملف في الآداب، النمر والأنثي ، السادة الرجال، سمك لبن تمر هندي، بطل من ورق ، كابوريا، سيداتي انساتي، حنفي الأبهه، الإرهاب والكباب، أمير الظلام ، فيلم هندي، ليلة سقوط بغداد ، عمارة يعقوبيان ، ظرف طارق، مرجان أحمد مرجان، في شقة مصر الجديدة، بوبوس، حتي وصل رصيده السينمائي إلي 40 فيلما. كما قدم العديد من المسرحيات والمسلسلات التليفزيونية أنا وأنت وبابا في المشمش 1982، حكايات زوج معاصر، وكسبنا القضية ، رأفت الهجان، ناس وناس ، النوة، جحا المصري، اين قلبي، أشباح المدينة، شارع السعادة، شط اسكندرية، يوميات ونيس. ظل يوسف داود القاسم المشترك في عديد من أعمال عادل إمام الذي كان يحرص علي تواجده معه، وكذلك الحال بالنسبة للمخرج رأفت الميهي الذي لا يخلو عمل من أعماله دون مشاركته. رغم ان عطاءه توقف بالرحيل، لكن هناك رصيد كبير من الاعمال الجميلة التي سوف تذكرنا به ابد الدهر، وعزاؤنا أن الرجل ترك وراءه ضحكات كثيرة ولم يبخل علي محبيه بالمتعة والسعادة.