· لعادل إمام أقول : لكل جواد كبوة، وهي هنا «بوبوس» ماهذا العنوان للفيلم؟!! استطاع عادل إمام حل مشكلة المتعثرين جنسيا في «بوبوس» عن طريق توزيع الحبة الزرقاء السحرية «الفياجرا».. ولكن كل تاريخه ونجوميته لم ينجحا في طرح قضية رجال الاعمال المتعثرين أو إنقاذ هذا الفيلم المتعثر! ظل عادل إمام طوال مشواره الفني ونجوميته يراهن علي الجمهور، علي الايرادات.. وكان يكسب الرهان!.. فهو فنان موهوب ومجتهد ولديه وعي كاف بالصناعة وفنيات الفيلم، وقاريء جيد لسوق التوزيع، وما يريده المشاهدون.. ولفترة غير قصيرة خاصم النقاد، ثم عاد وتصالح معهم.. وبذكاء كان «الناجي» الوحيد من طوفان نجوم الكوميديا الشباب أو المضحكين الجدد.. وكل هذا جعله «الزعيم» في الفن المصري والعربي، ولذلك ظل جديد عادل إمام دائما يستحق الانتظار، ومثيرا للاهتمام. من هنا فإنه يبدو غريبا أن يقدم فيلم «بوبوس»، ليس لأنه فيلم ضعيف مترهل فقط، وليس لأنه لم يلق ترحيبا من النقاد، وإنما لأنه لم يعجب الجمهور أيضا، رهان عادل إمام الدائم، فقد وجد الجمهور جديد عادل إمام هذه المرة «قديما» مليء بالتكرار والاستنساخ، ويتمسح في الفياجرا والجنس لاستجداء الضحكات.. والمشكلة الأكبر والاهم أن الفيلم يخلو تماما من الدراما أو الصراع، ويوهمنا طوال الوقت أنه يطرح قضية مهمة، ولانجد لهذه القضية وجودا علي الشاشة.. ولذلك جاءت الايرادات متواضعة. بداية فيلم «بوبوس» لا بأس بها، حيث نري في المشاهد الأولي هروب رجال الاعمال المتعثرين إلي لندن، بعد أن حصلوا علي قروض بالملايين من البنوك.. أما بطل فيلمنا رجل الاعمال المتعثر أيضا محسن هنداوي «عادل إمام»، فهو يستخدم أسلوبا آخر غير الهروب، حيث يسعي للحصول علي مزيد من القروض عن طريق مشروعات وهمية، وذلك بضمان مسئول كبير في الدولة اسمه نظام «عزت أبوعوف» وكلمة السر لمساندة المسئول الكبير لرجل الاعمال المتعثر هي «بوبوس»، وهي اسم الدلع لابن المسئول الكبير الذي يصبح شريكا لهنداوي في كل مشروعاته، إنها علاقة «هات وخد» بين السلطة والمال. مجرد تقديم هذه العلاقة بين أحد رجال السلطة الفاسدين، وأحد رجال الاعمال النصابين يتطلب شجاعة لا تسمح بها الرقابة إلا لعادل إمام، فإذا كان الأمر يحتمل التطوير دراميا ليصل إلي مدي تأثير هذا الفساد علي المواطن العادي أو الشعب ممثلا في شخصية رأفت «أشرف عبدالباقي» - الذي لعب دوره بشكل جيد - الذي يريد أن يتزوج منذ 9سنوات من تهاني «مي كساب»، ولا يستطيع توفير المبلغ الذي يستطيع به استئجار شقة رغم أنه يعمل طوال اليوم في ثلاث مهن مختلفة، وأيضا يتمثل في الشخصية التي قام بتمثيلها ضياء الميرغني الذي كان عاملا في أحد مصانع هنداوي وتم طرده واغلاق المصنع، فإننا أمام فيلم سياسي يطرح قضية اقتصادية مهمة مازالت تشغل مساحة غير قليلة في الصحافة والتليفزيون يوميا من خلال أخبار عن المتعثرين والهاربين وجدولة الديون للبنوك والمحاكمات التي حدثت لبعض رجال الاعمال والتحفظ علي اموالهم وممتلكاتهم، إنها من قضايا الرأي العام.. وقرار عادل إمام طرحها سينمائيا يذكر له بكل تأكيد.. ولكن. ولكن - وما يأتي بعد «ولكن» أهم مما قبلها كما يقول رجال اللغة - لانجد في الفيلم أي معالجة فنية أو درامية لهذه القضية، وتعامل معها السيناريست يوسف معاطي - الذي قدم لنا من قبل أفلاما متميزة - باستخفاف كبير، ومن خلال مواقف هزلية غاية في الضعف والاستسهال ولا تبعث إلي الضحك، فما هو المضحك أو أين هي المفارقة عندما تذهب لمصنع الحديد الذي يملكه هنداوي لنجد مصنعا خاليا إلا من حداد أو «سنان»، أو مصنع الدخان فنجد مجموعة من الحشاشين.. فهل قضية الاستثمار وتعثر رجال الاعمال تتلخص في انهم مجموعة من النصابين حصلوا علي المليارات في مشروعات ليس لها وجود أصلا؟.. استخفاف عجيب أفسد قضية الفيلم كله. ونستهلك أكثر من نصف الفيلم في غراميات عادل إمام مع يسرا وميسرة وآخريات، وفي توزيع الفياجرا عقب فرح أشرف عبد الباقي.. ولأن صناع الفيلم أنفسهم شعروا بأن العمل ضعيف علي مستوي الكوميديا والإفيه، وليس تجاريا بشكل كاف فإنهم يلجأون إلي المطرب الشعبي «بعرور» ليحيي الفرح أو الفيلم.. ياألطاف الله. إن المشكلة الحقيقية أن يوسف معاطي وعادل إمام اقتربا من قضية لا يعرفان أي شيء عنها، وكل معلوماتهما عنها سماعي!.. ليس هناك فيلم إذن، إنما مواقف سبق أن قدمها عادل إمام وأثارت الضحك فقرر تجميعها هكذا دون ضابط أو رابط.. فلم نضحك ولم نستمتع وباستثناء مشهد واحد فقط هو «الرئيس والمواطن»، الذي يشكو فيه المواطن للرئيس، وهو مشهد فريد وجميل، ولا يمكن أن تسمح به الرقابة إلا لعادل إمام.. ولا يوجد أي شيء آخر نتوقف أمامه بالفيلم. لعادل إمام أقول لكل جواد كبوة، وهي هنا «بوبوس» ماهذا العنوان للفيلم؟!! أما يوسف معاطي فلم يكن موفقا بالمرة، وتعامل مع الفيلم باحترافية استهلاكية غريبة.. ولم تكن تلك التجربة التي نتمناها للمخرج وائل إحسان عندما يتعامل مع عادل إمام، فهو مخرج يمتلك مزايا كوميدية جيدة... وخلاصة الأمر: «بوبوس» يفوت ولاحد يموت... وننتظر من صناع هذا الفيلم أعمالا أخري تغفر لهم هذا الخطأ.. أو الخطيئة.