في هذا الجزء المخصص والذى رأيت أن يكون عنوانه الثابت فنجان قهوه باسم أول مجموعة قصصية لى، والتى كانت في الأصل زاوية للكتابة فى جريدة التجمع، ومنها بدأت الغوص فى هذا الفيض الممتلىء بحجم الكون وتاريخه وجغرافيته "فيض الكلمة". العنوان مفتوح يسمح لى بالحركة والتنوع ربما يكون فنجان قهوه مع أحد الأشخاص أو يكون فى مكان ما مثلا معبد فرعونى أو قرية فى أقصى الصعيد أو على ضفة نهر السين فى باريس فى معبد أو مسرح ربما يكون فنجان قهوة على أنغام سيمفونية لموتسارت أو مع الشيخ التونى أو امين الدشناوى .. استيقظت اليوم متاخرا عن موعدنا الشهرى المتفق عليه فى احد الكافيهات لنفطر سويا ونتناول فنجان قهوتنا المعتاد، ولكننى صممت على اللحاق بهن حتى وأن فاتنى الإفطار فيكفى فنجان القهوة مع صديقات العمر لإضفاء سعاده علىّ. كانت وجوهن متوترات غاضبات بشكل يدل على أن الحوار قبل وصولى كان عنيفا. لم يرحبن بى كالعادة وعدن إلى الاستغراق فى حديثهن الذى كان على أن افهمه واندمج فيه بنفسي. -لا طبعا أنا لا يمكن أوافق لها أنها تروح حفلة التخرج الى المدرسة هتعملها فى الفندق, لو وقفت على شعر رأسها, أنتم سمعتم عن اللى حصل للبنت اللى اغتصبوها والشباب الستة اللى كتبوا الأحرف الأولى من اسمائهم بالنار على جسمها . -مش فهماك يعنى, لو واحد عمل حادثة بعربية ومات هنبطل نركب عربيات, ولو حد حط فيشة الكهرباء واتكهرب مات هنبطل نستخدم الكهربا. -أيه الكلام دا مفيش وجه مقارنه,دا قضاء وقدر, لكن ما نروحش للمشاكل برجلنا. – برجلنا ايه ومشاكل ايه .أنا عندى ستة وخمسين سنة ومحجبة من يومين عيل مراهق ما يعديش خمستاشر سنة سألنى فين محلات خير زمان يا حاجة ولسه بشاور له هبش جسمى وهو بيضحك ويقول هو دا خير زمان, بالطريقة دى ما اخرجش من البيت بقى علشان ما تعرضش لموقف زى اللى حصل لى دى ونرجع لفكره الست مكانها البيت. -. أنت بتقارنى أيه بايه أولا اللى حصل معاك. بيحصل مع ستات كتير بس أحنا ستات كبار نقدر ندافع عن نفسنا. -طيب لو بنتك تنسيقها فى الثانوية العامة دخلها فى جامعة بعيدة, أو تعيينها جالها فى بلد تانية ,هتعملى ايه, هتقعديها جنبك علشان خايفة عليها من التحرش والاغتصاب, دول اعتدوا على فتاة العتبة فى عز الظهر فى الصيام فى رمضان وسط الناس ومعها أمها وأخواتها فى محطة الأتوبيس. – بس الناس اتعاطفت معاها لكن الثانية الناس بتقول ايه اللى يخليها تروح حفلة فيها شباب وغنا ومزيكا. – ايه الكلام الغريب دا ..يعنى أنا لو سبت باب شقتى مفتوح, ودخل حرامى سرق البيت يبقى الحرامى مش غلطان والسرقة مش حرام والقانون مايجرموش. تدخلت صديقة ثالثة فى الحوار قائلة : -المواضيع مش بالوضوح والبساطة دى, التحرش والاغتصاب مش دايما دوافعهم جنسية أو شهوانية ومش دائما علامات الكبت أو الفقر وكل حالة مختلفة عن التانية فى دوافعها وأسبابها يعنى مثلا فى هوليود بعض منتجين السينما والمخرجين اللى طبعا أغنياء جدا ومشهورين جدا كانوا بيجبروا الممثلات والممثلين أحيانا على أشياء من النوع دا, لعبة القوة, زى ما بيحصل فى وأحيانا بيغتصبوهم, فى المعتقلات والسجون، الاعتداء الجنسي دا نوع من أنواع التعذيب والإهانة, اللى حصل فى الفندق مش بس اغتصاب دا لعبة قوة, ,يكتبوا اسماؤهم على جسمها زى ما بنقول بالبلدى,علمنا عليكى, هل الشباب دول ما يقدروش يحصلوا على المتعة بشكل طبيعى بفلوسهم ونفوذهم سواء بالزواج أو مع عاهرات أو حتى بنات عادية يستميلها ويخليها توافق برضاها, استباحة جسدك بدون رضاك أو تحت ضغط دا شكل من أشكال ممارسة القوة والسيطرة , دا أكبر إهانة لاى انسان, تخيل لما جسمك حد يتصرف فيه رغم عنك ,قمه التحقير وكسر النفس. – أنا قلت كده هم حاسين بقوتهم وأنهم فوق القانون والناس ومن حقهم يعملوا اللى عايزينه. -ويمكن العكس, هم ضعفاء جدا من جوه ومحتاجين طول الوقت يمارسوا تصرفات من النوع دا علشان يستمدوا منها إحساسهم بالقوة ويأكدوا لنفسهم وللى حواليهم إنهم مش ضغفاء . أما مثلا نموذج فتاة العتبة تصورى أنه برضه نوع من أنواع لعبة القوة بس بشكل عكسي, أربع شباب مطحونين من أسفل السلم الاجتماعى قرروا أنهم يطلعلوا لسانهم للمجتمع فى ميدان العتبة بالنهار فى وسط الزحمة وفى رمضان وكانهم بيقولوا أحنا أقوى من النظام والقانون والمقدسات والناس, المراهق اللى تحرش بيكى مثلا . المتعة اللى أخذها جزء منه شهوانى وجزء أنه قدر يلمس الست الكبيرة الشيك الحاجة. -مش عارفه ليه كلامك فكرنى بأنه زمان لما كانت الناس تجيب شغالة صغيرة كانوا بيقصولها شعرها بحجة النظافة. لم يقطع الاسترسال فى الحديث إلا صراخ صديقتنا على التليفون يبدو أنه ابنتها ، قلت مش هتروحى الحفلة, زمايلك وولاد ناس وعارفهم ومتربين معاك فى المدرسة والنادى مبرراتك دى كلها عارفاها بس .مش مقنعة بالنسبة لى سرحت وكان نفسي أسالها، هل هو دا الحل,نقفل على بناتنا طيب لو قدرنا نمنعهم من حفلة هنقدر نمنعهم من الشغل, طيب لو منعانهم من الشغل هنقدر نمنعهم أنهم يمارسوا دورهم مثلا كأمهات توصل ابنها المدرسة وتروح معاه للدكتور الزمن اتغير والظرف الاجتماعى والاقتصادى اتغير, مصر معدتش زى زمان فلاحين بيشتغلوا فى الأرض مع زوجاتهم وعيالهم وبياكلوا من خيرها, والطبقة الارستقراطية عايشة بطريقتها , انهارده الطبقة الوسطى المتعلمة لها واقع اجتماعي واقتصادي جديد مبنى على مشاركة حقيقية وضروية من المرأة , لواقع الجديد بيفرض نفسه وكل حاجة جديدة بنتعلم مع الوقت ازاى نتعامل معها دا حتى سواقه العربية الناس اتعلمت ازاى تسوق وتطلع رخصة عملوا إشارات وطرق ولافتات مرورية علشان الناس ماتتدهسش بعض . البنت لازم تتعلم ازاى تعيش فى المجتمع وتحمى نفسها من أى اعتداء والراجل لازم يفهم أن جسد المرأة مش ساحة معركة يثبت فيها رجولته, وأن الست زى ما هى موجودة فى المشاركة فى مصاريف الأسرة وتحمل مسئولية التربية, موجودة فى الشارع والنادى والحفلة وهو مش من حقه بأى حال يقترب من جسدها كان نفسي اسال صديقتى. تفتكرى بعد ما تمنعى بنتك من الحفلة وتخوفيها من المجتمع وزمايلها اللى اتربت معاهم والناس اللى عايشه فى وسطهم هتعلميها ايه ,وهى هتكون ايه اقوى ولا لأضعف.