اللص والكلاب – 1962 المخرج : كمال الشيخ- قصة : نجيب محفوظ – سيناريو: صبري عزت- كمال الشيخ- إنتاج: شركة أفلام جمال الليثي– تصوير: كمال كريم – موسيقي: اندريا رايدر- بطولة : شادية – شكري سرحان- كمال الشناوي- فاخر فاخر – سلوي محمود- صلاح منصور- زين العشماوي- صلاح جاهين- عبدالمنعم اسماعيل- عدلي كاسب- سمير صبري- تاريخ العرض 12 نوفمبر 1962 – مدة الشريط 130 دقيقة. شارك الفيلم في مهرجان برلين الدولي, واحتل المركز (15) فى قائمة أفضل 100 فيلم فى ذاكرة السينما المصرية.. كما جاء في الترتيب (41) بقائمة مكتبة الإسكندرية 2007. روى الصحفي صلاح عيسى في كتابه «شخصيات لها العجب»، أنه كان معجباً في مطلع حياته بشخصية سعيد مهران، وأنه في تلك الفترة كان يبحث عن اسم حركي له دلالة يطلقه على نفسه في المنظمة السرية اليسارية، التي كان عضواً بها، ومن شدة إعجابه وتقمصه لتلك الشخصية اختار اسم «مهران»، لكنه بعد أسابيع طلب منه أن يختار اسماً آخر، بعد أن تبين أن هناك من سبق له اختيار الاسم نفسه، فغيره إلى «سعيد»، ثم عرف بعد ذلك أن الذي كان ينافسه على الاسم هو الروائي «يحيى الطاهر عبدالله. في برنامج "الموهوبون في الارض" ذكر بلال فضل: أن كمال الشيخ كان يعرض السيناريو أولا بأول علي نجيب محفوظ, وبذلك تكون رواية "اللص والكلاب" هي الرواية الوحيدة التي شارك فيها نجيب محفوظ, ومن المواقف التي ذكرها أن كمال الشيخ فوجئ بسائق تاكسي يحتفظ في سيارته بشريط كاسيت للفيلم, وهو الأمر الذي أسعده والذي يفسر أيضًا مدى إعجاب الناس بالفيلم, وحسب ما رواه المخرج أن سر نجاح الفيلم كان نتيجة تعاطف الجماهير مع "سعيد مهران" الذي تعرض للخيانة من زوجته وصديقه. كتب جلال الشرقاوي في "المجلة" : جاء تمثيل شكري سرحان في دور "سعيد مهران" محيرًا.. ففي بعض المشاهد بلغ حد الإعجاز وفي بعضها الآخر لم يكن مقنعًا, وشادية في دور "نور" لم تكن مقنعة بالمرة فلم تكن لا شكلا ولا موضوعًا بنت الليل "أم 5 شلن" التي صورها نجيب محفوظ, كانت مومسًا رقيقًا, كأنها لم "تتمرط" في الوحل بين القبور, وكأنها لم تعاشر اللصوص وقطاع الطرق.. كان في جمالها صحة وعافية كأن الحاجة والفقر والمذلة وسهر الليالي لم يرسم علي ملامحها شحوبًا أو ذبولا.. فساتينها أنيقة.. تحية إلي صلاح منصور, فقد أعطي بدوره الصغير درسًا كبيرًا في التمثيل السينمائي. فملامح الشخصية مرسومة بعناية والأداء فيه صدق وطبيعية وخفة دم.. وأسجل لزين العشماوي في دور "عليش" مشهده مع سعيد مهران في أول لقاء لهما بعد خروج الأخير من السجن.. أحسست ان حلقه قد جف وأن نظراته تبحث عن عيني سعيد محاولة أن تستشف ما وراءهما, ثم لا تلبث أن تهرب منهما غير قادرة علي أن تواجه الضحية.. أحس شعوره بالذنب وبخسته وبجاحته في لحظة واحدة وهو يقول "حمدالله علي السلامة".. عند مشاهدتي الأولي للفيلم شعرت بالأسف الشديد لعدم تمكن سعيد مهران من الهرب في مطاردته الأخيرة والعودة إلي نور, وبدء حياة جديدة تعوضه عن سنوات السجن, وتعوضها عن المعاناة التي تتكبدها كل يوم, وكنت أري حينها أنها كانت تستحق حياة كريمة في رحاب من أحبته, وأزعجني خروج رؤوف علوان منتصرا ونظرات الشماتة ترتسم علي وجهه وهو يرى حتف "سعيد".. ولما كبرت كنت أمني نفسي – دون وعي- بحلمي القديم بأن يخرج "سعيد مهران" أيضا منتصرا, رأيت نماذج كثيرة تشبه رؤوف علوان وهي تجمع غنائم في معارك لم تخوضها.. ولم تكلف نفسها بكتابة رثاء صغير لمن دفعوا الثمن.. لكن "عليش سدرة" و"نبوية" (زين العشماوي وسلوي محمود) حالات صارخة وعديدة عاشت معي في رحلة الحياة. في فيلم "الهروب" للقدير عاطف الطيب والمبدع أحمد زكي والمتألقة هالة صدقي والذي كان واعدا عبدالعزيز مخيون, نجح الفيلم في تكرار التجربة مع قليل من الاختلافات التي لم تؤثر علي الفكرة الأصلية, وهي من المرات القليلة التي يعاد فيها استنساخ قصة وتحقق نجاحا كبيرا, لكنه نجاح لم يأخذ شيئا من توهج التجربة الأولي, وفي النهاية يبقي في ذاكرة السينما عملين جيدين, بنكهتين مختلفتين, ويظل "سعيد" و"منتصر" باقيين في الذاكرة, ولهما أشباه عديدون في الحياة, يدفعون ثمنا لجرائم تراكمية يستحقون عليها العقاب, لكن القطفة الأولي لتلك الجرائم كان من الانصاف أن يحاكم عليها المجتمع أولا, والغوغائيين الذين يصدرون أحكاما جائرة دون حصافة أو بعد نظر.. كم من جرائم ارتكبت باسم سعيد ومنتصر, بينما الجناة يطالعوننا كل صباح ويرددون في بلاهة وتبجح "الجريمة لا تفيد ولابد من القصاص العادل".