سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مع استمرار كورونا..خبراء الاقتصاد يضعون روشتة للخروج من الأزمة:الاهتمام بالصناعة والزراعة.. تحقيق الاكتفاء الذاتى.. وفتح أسواق جديدة للتصدير.. سبل التعافى
بدأت أثار أزمة كورونا تتضح على الاقتصاد، خاصة فى قطاعى السياحة والطيران، مع انخفاض الإنتاجية فى المصانع نتيجة الإجراءات الاحترازية الى اتخذتها الحكومة فى محاولة لمنع انتشار كورونا، وأخيرا اتجهت الحكومة للاقتراض من صندوق النقد الدولى تحسبا لاستمرار أزمة كورونا، رغم تصريحات محافظ البنك المركزي، طارق عامر، بأن الاحتياطى النقدى لمصر يكفى لمدة عامين. من جانبها أكدت د. يمن الحماقى استاذ الاقتصاد، أن الحكومة تبذل جهدا كبيرا خاصة فى دراسة آثار أزمة كورونا، ولجنة البحوث الاقتصادية وجامعات مصر تدرس الأثار للخروج بنتائج توضح كيفية التعامل مع الأزمة, كما أن الحكومة فى اجتماعات مستمرة مع اتحاد الصناعات ورجال الأعمال لوضع رؤية حول كيفية الخروج من الازمة. وأوضحت، أن اللافت للنظر أن هناك قطاعات متضررة، والسؤال هنا:هل الدعم المقدم لهذه القطاعات كان كافيا لخروجها من أزمتها وقدرتها على التعافى؟!, الأمر الثانى هو ضرورة الاستفادة من القطاعات التى زاد الطلب عليها فى ظل الأزمة مثل قطاع الصناعات الغذائية, والمستلزمات الطبية والمطهرات, وقطاع التكنولوجيا والاتصالات والألعاب الالكترونية, فهذه القطاعات زاد عليها الطلب, ومن الضرورى الاستفادة من ذلك والعمل على تطويرها وتزويد الاسواق بها, وفتح باب التصدير, أما القطاعات المتضررة, فيجب أن يتم دعمها من أجل المحافظة عليها, فمثلا المصانع سيتم فتحها من جديد, ولكن مع الحفاظ على صحة العمال والتقليل من فرصة انتشار الفيروس, فالنقطة المهمة هى العمل على تخفيض الاثار السلبية ومحاولة التركيز على الآثار الايجابية للازمة والاستفادة منها. إنتاج السلع الوسيطة أوضح د. رشاد عبده، رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية, أن القرارات التى اتخذنها الحكومة حتى الآن بهدف تعافى الاقتصاد المصرى جيدة, وأهمها قرار البنك المركزى بخفض سعر الفائدة البنكية 3%, وهذا التخفيض قام بتحفيز رجال الأعمال على سحب القروض والتوسع فى انشاء المشروعات, بالاضافة لتأجيل دفع القروض لمدة 6 أشهر, وتقليل سعر الغاز إلى 4,5 دولار لكل مليون وحدة حرارية لتشجيع المستثمرين. وفيما يخص توقعاته بِشأن الخرج من هذه الأزمة من حيث تداعياتها الاقتصادية، أكد أننا لا نستطيع التنبؤ بوقت انتهاء أزمة كورونا والوصول إلى صفر اصابات وشفاء كل الحالات المصابة, خاصة بعد قرارات الحكومة ببدء الحظر من الساعة التاسعة, وعدم غلق الشواطئ والمتنزهات قبل أيام من شم النسيم, فهذا الأمر ساهم فى وجود التجمعات, واتوقع أن تتزايد أعداد المصابين خلال النصف الثانى من شهر رمضان. وأوضاف، أن المشكلة الحقيقية لدينا الآن هى توقف المصانع خاصة اننا نستورد نحو 80% من مستلزمات الإنتاج والمواد الخام من الصين, والمخزون الذى كان لديها انتهى, وبالتالى سيؤدى ذلك لإيقاف الانتاج والتصدير, وبالتالى يجب على الحكومة أن تتعلم من الدرس, وتبدأ بانتاج السلع الوسيطة, والتركيز عليها, ودعم المصانع المتوقفة وامدادها بماكنيات ومعدات حديثة من أجل استعادة نشاطها الإنتاجى, ويقوم البنك المركزى باقراض المصانع من أجل انتاج ما ينقصنا , ونسمح باستقطاب العمالة من جديد مع مراعاة البعد الصحى. ويقترح د.رشاد عبده، بضرورة تفعيل الشراكة مع القطاع الخاص لإنتاج السلع الوسيطة, ومنح المستثمرين تمويلات لعدم غلق منشآتهم وتسريح العمالة, الذى يترتب عليه زيادة معدلات البطالة, لافتا إلى أن اتجاه الدولة لمنح العمالة غير المنتظمة مبلغ ال500 جنيه إجراء ايجابى, ولكن توقف هذه العمالة عن العمل سيكون له آثار سلبية على الاقتصاد، كما أن هذا المبلغ لا يكفى لحياة كريمة, وبالتالى فيجب عودتهم لأعمالهم بشرط مراعاة شروط الوقاية. المنتج المحلى ومن جانبه، أكد د.شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادى, أن أزمة كورونا ستضع خريطة جديدة للاقتصاد العالمى, والاقتصاد المصرى جزء لا يتجزأ من الاقتصاد العالمى وسوف تتأثر الاوضاع فى الداخل سواء بشكل مباشر أو غير مباشر, وحتى الآن لم تتضح الصورة الكاملة للوضع الاقتصادى العالمى بعد كورونا, ولا نعرف متى سوف تنتهى هذه الأزمة, ولم يتم حصر كل نتائجها, ورغم ذلك علينا استيعاب فكرة أن الوضع الذى تعيشه مصر ممكن أن يكون أسوأ, اذا لم تتخذ الحكومة المسارات الصحيحة للخروج من الأزمة, بعيدا عن إشادة المؤسسات الدولية, فأهم البنود التى تؤدى لتعافى الاقتصاد هو الاعتماد على المنتج المحلى وتقليل الواردات. وأوضح، أن الاقتصاد المصرى لم يتأثر حتى الآن نظرا للتركيبة الخاصة للاقتصاد الذى يرتكز على قطاع الانشاءات والمقاولات وليس الإنتاج, فمعدل النمو الاقتصادى يقاس وفقا لقطاع الانشاءات, وليس وفقا للإنتاج فى قطاعى الصناعة والزراعة, وبالتالى توقف بعض المصانع لم يؤثر كثيرا فى الاقتصاد المصرى, ولكن المشكلة التى ستقابل الحكومة المصرية هو تأثر الواردات والصادرات المصرية, وبالتالى لابد من العمل على تنمية قطاع الزراعة والصناعة, ونحقق نوعا من الاكتفاء الذاتى, فكلما تم تقليل الواردات المصرية سيقل تأثير كورونا السلبى على الاقتصاد, لافتا إلى أن أغلب الدول اتجهت الى تحقيق الاكتفاء الذاتى فى ظل انغلاق كل الدول على نفسها, وبالتالى يجب على الحكومة المصرية اتباع نفس النهج والاهتمام بالسياسة الانتاجية, والاكتفاء الذاتى حتى يتعافى الاقتصاد. وأضاف”الدمرداش” أن العالم فى ظل كورونا وبعدها يعانى بشدة من نقص السلع الغذائية, والاهتمام بالزراعة والصناعة سوف يفتح المجال للتصدير, أما فيما يخص قطاع السياحة والطيران وهما من أكثر القطاعات المتضررة من أزمة كورونا فأشار إلى أن الأمر ليس بأيدى الحكومة المصرية فالقرار الدولى هو الذى سيحدد عودة حركة السياحة والطيران, وممكن يكون دور الحكومة فى الداخل هو تحسين البنية السياحية لاستقطاب السياحة من جديد. الصحة والغذاء أما الباحث الاقتصادى، رضا عيسى، فأشار إلى أن أول خطوة يجب أن تفكر فيها الحكومة هو قطاع الصحة فى مصر, فأزمة كورونا كشفت عن الوضع الصحى المتردى, فإذا نظرنا إلى الأرقام الرسمية لعدد الأسرة بعيدا عن المعدات والأجهزة الطبية, نجد أن عدد الأسرة فى المستشفيات الحكومية والخاصة فى عام 2001 كان 124ألف سرير, وفى عام 2007 ارتفع إلى 152 الف سرير, وفى 2015 و2017 انخفض إلى 94 الف سرير, وهذا معناه أن العدد يتناقص رغم فتح الاستثمار فى مجال الصحة، ورغم زيادة عدد السكان . وأضاف، أن أزمة كورونا كشفت أن المستشفيات الحكومية غير كافية, بدليل تحويل الفنادق ومراكز الشباب إلى أماكن للعزل, فى حين أن مصر لم تحتاج الى مستشفيات ميدانية إلا أيام الحرب فى 1967, وكانت الحكومة هى التى تتحمل التكلفة كاملة ولكننا نسمح أن الليلة فى العزل تصل إلى 500 جنيه, والسؤال الأهم أين المستشفيات الاستثمارية التى سمحت لها الحكومة بالعمل, وأصبحت سبوبة وتجارة, فالليلة فى أى مستشفى خاص تصل إلى 700و800 جنيه, وبعض المستشفيات لها أسعار خاصة, أين القطاع الخاص فى هذه الأزمة, وأين رجال الأعمال, فرغم المكاسب التى حققوها لم يتخذوا أى اجراءات سوى تسريح العمالة, أو تخفيض أجوروهم, فيجب على الدولة الزامهم بتحمل تكلفة العاملين لديهم. وأوضح، أن أزمة كورونا كشفت عن وجود قطاعات استراتيجية يجب تطويرها وتنميتها, أهمها القطاع الصحى والمستلزمات البسيطة التى لا نستطيع تصنيعها بالداخل, فهل يعقل أننا ليس لدينا مصنع للكمامات!, ومصانع الأدوية تستورد المادة الخام من الصين ومن الهند, فما العمل إذا توقف التصدير, نفس الكلام ينطبق على الزراعة والصناعة, فنحن نستورد القمح, ولولا المخزون واقتراب موسم الحصاد للقمح المصرى أصبح الوضع سيئًا للغاية, فلم نستطع استيراد القمح لصنع رغيف العيش, وماذا سنفعل إذا استمرت الأزمة لعام أو اثنين, لو تم رفع الأسعار العالمية للقمح, وعدد السكان فى تزايد مستمر, هل ستكفى إيرادات السياحة وقناة السويس لاستيراد القمح بالأسعار الجديدة؟, وماذا ستفعل الحكومة المصرية فى تدبير الغذاء, فالحل الوحيد هو عودة الدورة الزراعية وزراعة القمح لضمان توافر رغيف الخبز, والتوسع فى الصناعات التحويلية, مشيرا إلى أنها مقياس تقدم الأمم, أما إذا استمر الأمر كما هو عليه فى اعتمادنا على الخارج ينذر بكارثة حقيقية وهى نقص الغذاء. وفيما يخص قطاع السياحة, فأكد أن العملة الأجنية التى كانت تأتى لمصر من تحويلات العاملين بالخارج أضعاف دخل السياحة, وأكبر من ايرادات قناة السويس, وبالتالى لابد من الاهتمام بالعائدين من الخارج, وقطاع السياحة سوف يتعافى شيئا فشىء مع انتهاء الأزمة, أما المشكلة الحقيقية التى تواجهنا هى أزمات قطاع الصحة, والديون.