بعد ما يقرب من مرور 6 سنوات من قرار الرئيس عبدالفتاح السيسي في 2014 بإعداد قانون للأحوال الشخصية لغير المسلمين، إلا أن الطوائف الثلاثة فشلت خلال كل هذه السنوات في التوافق على قانون موحد. بعدها انفردت الكنيسة الأرثوذكسية بقانون خاص بها أقره أساقفة المجمع المقدس للكنيسة في 2016، ثم عاد الجدل مرة أخرى في 2017 وانتظر الجميع إقرار البرلمان للقانون الموحد، إلا أن شيئًا من هذا لم يحدث أيضًا، واستمر التنبؤ والجدل بين المعنيين بالقضية من جهة وبين مواقف الكنائس المتغير كل يوم من جهة أخرى، ثم جاء عام 2019 وعاد الحديث مرة أخرى عن اتفاق شبه نهائي بين الطوائف على مواد المشروع، بعد وضع بنود منفصلة لكل طائفة حول (الزواج والطلاق) واتفاق على مواد الخطبة والميراث والتبني، وكان ذلك الاتفاق حتى نهاية مايو 2019، لدرجة أنه تم تغييره إلى مشروع قانون “الأسرة المسيحية” إلا أن الكنيسة الكاثوليكية فجرت مفاجأة ببيان رسمي لها في 14 يونيو قالت فيه نصًا؛ “وقال الأنبا هاني باخوم المتحدث باسم الكنيسة الكاثوليكية في مصر إن “اللجنة القانونية درست القانون وعملت مسودة مع الكنائس الأخرى، وقُدم لسنودس الكنيسة الذي يعد أعلى سلطة تشريعية للكنيسة الكاثوليكية في مصر، وقرروا دراسة القوانين الأمر وسيتطلب بعض الوقت”.. وبالتالي عاد القانون مرة أخرى لنقطة البداية، وحتى هذه اللحظة ومع بدء دور الانعقاد الخامس والأخير من الفصل التشريعي الأول للبرلمان والذي ينتهي في يونيو 2020، توقفت المناقشات بين الكنائس مرة أخرى للدراسة حول المشروع، ورغم زيارات أسقف الكنيسة الأرثوذكسية لمجلس النواب أكثر من مرة في هذا الشأن، لكن من الواضح أن إصدار مشروع قانون موحد أمر أكبر مما توقع البعض، أو أكبر مما هم تم تنصيبهم كمسئولين عنه. قال المستشار منصف سليمان المستشار القانوني للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، إن الكنيسة الأرثوذكسية لم تتخذ موقفًا رسميًا من قرار الكنيسة الكاثوليكية حتى الآن..من جانب آخر قال يوسف طلعت محامي الطائفة الإنجيلية، إن المناقشات التي خاضتها الكنائس الثلاثة طوال السنوات الماضية لم تتأثر بهذا القرار. أما الكنيسة الكاثوليكية، فقال متحدثها الإعلامي الأنبا هاني باخوم، إن قرار مجمع الكنيسة منتصف يونيو 2019، هو لدراسة المسودة بعد عرضها عليه في اجتماعه الجمعة الماضية، موضحًا أن اللجنة القانونية بالسنودس درست القانون وأعدت مسودة مع الكنائس الأخرى، قُدمت لسنودس الكنيسة الذي يعد أعلى سلطة تشريعية للكنيسة الكاثوليكية في مصر، وقرروا دراسة القوانين الأمر الذى سيتطلب بعض الوقت”. وأكد أن الأمر ليس معناه تراجع الكنيسة الكاثوليكية “أو أنه عاد إلى الصفر”.. هذا وقت للدراسة لا أكثر. وكان رئيس الطائفة الإنجيلية فى مصر، القس أندريه زكى، أعلن في وقت سابق أن مشروع قانون الأحوال الشخصية للأقباط فى مرحلة الصياغة النهائية، قبل تقديمه فى دور الانعقاد الحالي لمجلس النواب، كاشفا عن استحداث مواد تتعلق بالمساواة بين الرجل والمرأة فى المواريث، والسماح بتبنى أطفال مسيحيين.. وقد سبق وأن استعدت الكنائس المسيحية الثلاث للتوقيع النهائي على المشروع في يونيو الماضي، عقب عودة البابا تواضروس من زيارته الرعوية لألمانيا وسويسرا. إلا أن الأمر توقف مرة أخرى. وبحسب المسودة الأخيرة لمشروع القانون قبل إعادة دراستها مرة أخرى من قبل الفاتيكان والذي تتبعه الكنيسة الكاثوليكية المصرية؛ فإنه يتضمن فصولا خاصة للطوائف المسيحية الثلاث (الأرثوذكسية، الإنجيلية، الكاثوليكية)، وفصولا مشتركة تتضن بنود الخطبة وأسباب الزواج وطريقته، على أن يكون موثقا ومعترفا به، وما ينتج عن الانفصال أو الطلاق؛ كالنفقة والحضانة.. إلخ. جدير بالذكر، أن الكنيسة الكاثوليكية لا تعترف بالطلاق، ولكن تعترف بالانفصال الجسدي إلى جانب بطلان الزواج والذي يعني أن الزواج لم يكن قائما من البداية، وتضم المادة عدة بنود في هذه الصدد. أما الكنيسة الإنجيلية، فتسمح بالطلاق لسببين؛ الزنا الفعلي وتغيير الدين. وقد اعترضت الإنجيلية على بنود الزنا الحكمي الذي ضمته الكنيسة الأرثوذكسية في لائحتها الخاصة. الروم الأرثوذكس يرفضون فيما أعرب المطران نيقولا أنطونيوس المتحدث باسم كنيسة الروم الأرثوذكس، عن رفضه لتجاهل الكنائس لهم كطائفة مسيحية معترف بها ولها لائحتها الخاصة، موضحًا أن الاجتماع الذى جرى في المقر البابوي بالعباسية في يوم السبت 13 أبريل الماضي والذي لم يحضره ممثلون عن بطريركية الإسكندرية وسائر أفريقيا للروم الأرثوذكس بسبب عدم دعوتهم. وأوضح: لقد علمت بطريركية الإسكندرية وسائر أفريقيا للروم الأرثوذكس من خلال ما تم تداوله في النشرات الإخبارية، وبالتالي ما تم التوافق عليه بين المجتمعين لا يلزم قانونيا بطريركية الإسكندرية وسائر أفريقيا للروم الأرثوذكس بالموافقة على ما اتفق عليه في الاجتماع المذكور لعدم مشاركة ممثلين عنها، ولا يُعبر عنها بأي شكل من الأشكال. بنود تسلب الإرادة والحرية الشخصية وفند المتحدث باسم كنيسة الروم الأرثوذكس، ما نشر من بنود المشروع، مؤكدًا البند الثالث الذي ينص على”الاقتصار على أن يكون الزواج من نفس الطائفة”، يمنع أبناء الكنائس في الاختيار القائم على الإرادة الشخصية ويسلب حريتهم في الاختيار الحر، بما لا يسبب الأذى للآخرين، وهذا يتعارض مع الدستور المصري الذي يؤكد على مبادئ المساواة والعدل وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، ويتعارض مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يقر أن جميع البشر أحرار ومتساوون في الكرامة والحقوق. وأضاف المطران نيقولا أنطونيوس: أنه كنسي وبهذا الاقتصار فإن مشروع هذا القانون وواضعه يجعل من كل كنيسة تعتبر أي كنيسة أخرى هي كنيسة هرطوقية خارجة عن الإيمان المسيحي ولا يجوز الزواج من أبنائها وبناتها، وكل كنيسة توقع بالموافقة على هذا المشروع هي تهرطق الكنائس الأخرى، وإن اتفق ووقع ممثلو أكثر من كنيسة عليه فهم يهرطقون بعضهم البعض. وعن البند ال11 والذى ينص على “عدم جواز الطعن على قرارات المجلس الإكليريكى للكنيسة أمام القضاء”، قال نقولا: إنه يسلب الإنسان حقه في التظلم، حيث أن النظام القضائي الحر بدرجات التقاضي فيه يسمح بالتظلم في أي درجة من درجاته، وحتى بالنقل من دائرة إلى أخرى. وشدد على أن مثل هذا التسلط الكهنوتي على رقاب شعب الله المدعو إلى حرية أبناء الله في اختياره، المخلوق من الله ذو إرادة حرة، لا مثيل له في أي قانون سماوي أو قانون كنسي أو قانون وضعي قائم على احترام حرية الإنسان. وإن وُجد في أي بلد آخر يُحاكم واضعوه بانتهاك حقوق الإنسان، والدعوة إلى التمييز العنصري. وعن البند الثاني عشر والذى ينص”إضافة فقرات فى المواد التى تخص الطوائف المختلف عليها بالقانون”، والبند الثالث عشر وينص على “وضع فصل يخص الانفصال بالكنيسة الكاثوليكية، يشتمل على 5 بنود”، حيث أوضح المطران نيقولا، أن هذين البندين يفرغان مشروع القانون من كونه “قانون موحد للأحوال الشخصية لغير المسلمين”، حيث تطبق بعض القوانين على كنيسة معينة ولا تطبق على كنيسة أخرى، لأنه يسمح بإضافة فقرات فى المواد التى تخص الطوائف المختلف عليها بالقانون البند 12، كما يخص الكنيسة الكاثوليكية بفصل كامل لا تسري بنوده على كنيسة أخرى البند 13. ولأول مرة يحدد القانون وجود لجنة فض منازعات داخل الكنيسة ترتبط بالمحاكم الابتدائية فى المحافظات وستأخذ شكلًا قانونيًا عن طريق إرسال الكنائس لأسمائهم، وتخرج اللجنة بقرار رسمى حتى تكون لها صفة وتقدم قرارها خلال 60 يوما ومن حق المتخاصمين اللجوء للمحكمة.