متابعة وتصوير: أسما فاروق هذه الليلة كانت مشاهد لا تخلوا منها الليلة الختامية لأم هاشم، بنت الزهراء وحفيدة رسول الله في ذكرى مولدها العطرة، زينة يعج بها ميدان السيدة، وأنوار تغطي مسجدها، وزحام شديد لا تستطيع معه المرور داخل المسجد لتصل للضريح. اغلقت الشوارع المحيطة في ختام ليلتها الأخيرة أمام المارة مع التكدس والزحام من مريديها محبي آل بيت رسول صلى الله عليه وسلم، إنشاد ديني من أبناء الطرق الصوفية صاحبه على الجانب الأخرمهرجانات شعبية، كما تصدرالمشهد بإتجاه المسجد بائعوا “الطراطير والمزامير والأراجوز بمصاحبة الطبلة والألعاب الشعبية، إنتشار لخدام آل البيت كما يطلقون على أنفسهم، حيث يقومون بذبح الذبائح وتوزيعها على الفقراء والمحتاجون ممن ينتظرون هذا اليوم لينالوا قسطاً مما لذا وطاب. مدد يا أم العواجز كلمات رددها المصريون من محبي آل البيت اليوم من داخل ضريح السيدة زينب، واصطفاف ملحوظ من السيدات حول الضريح من راجيات الدعاء والتبرك بحفيدة رسول الله، مشاهد لم تخلو منها الليلة الختامية لذكرى مولدها العطرة. من أكثر المشاهد غرابة والذي بات هو الأهم داخل محيط الاحتفال”القنبلة” واحدة من الأكلات الشعبية التي أقبل عليها زوار الضريح وهى من ضمن المأكولات الحلوة التي حظيت بحظ وافر في أجواء الاحتفال، بالإضافة لقائمة طويلة تبعتها فيها الكنافة، المشبك، والثوبيا التي لا تقل أهمية لدى قاصدي الاحتفال من الكبار، أما الأطفال فنالوا حظاً وافراً من “المراجيح” التي اصطفوا عليها بشكل ملحوظ…. - الإعلانات - اعتاد المصريون على حدا سواء عامتهم وخاصتهم الاحتفال بذكرى الموالد من المشايخ وأولياء الله الصالحين، وآل البيت، ولعل لنا في حب آل البيت الكثير والكثير من النفحات الطاهرة والعبق الفواح الذي يرتوي به المحبين عشاق آل بيت رسول الله في ليالي ذكراهم العطرة، ويطيب لنا نفحة من نفحات البيت الطاهر في مولد أم هاشم بنت الزهراء، زينب كما أسماها نبي الأمة وخاتم الرسل محمد صلى الله عليه وسلم، حيث اختتم امس الثلاثاء أخر ليال الاحتفالات بذكراها العطرة. أول سيدة في الإسلام قدر لها أن تلعب دورا ذا شأن على مسرح الأحداث السياسية، حيث اقترن إسمها في التاريخ الإسلامي والإنساني بمأساة”كربلاء” أحد أهم المعارك الحاسمة في التاريخ الإسلامي عامة وفي تاريخ الشيعة خاصة، ولا يستطيع أن ينكر أحد دور السيدة زينب التي سميت “بطلة كربلاء”، فقد واست المكلوم وثارة لضحايا الشهداء وحمت السبايا من الهاشميات، ومكست على رعاية غلام مريض هو علي “زين العابدين بن الحسين”، وقد جاءت كنيتها من هنا “أم هاشم أبوها هو علي بن أبي طالب وجدها لأمها محمد رسول الله صلي الله عليه وسلم، وأمها فاطمة وجدتها لأمها خديجة بنت خويلد وشقيقاها الحسن والحسين سبطا رسول الله، ولدت في السنة السادسة للهجرة في بيت النبوة بالمدينةالمنورة، فباركها جدها واختار لها إسم زينب، إحياء لذكرى إبنته التي توفيت في السنة الثانية للهجرة متأثرة بجراحها بعد أن لقيها أحد المشاركين بعد غزوة بدر وهى في طريقها إلى المدينة فنخسها في بطنها وكانت حامل فأسقطت حملها وماتت، وظل النبي يجد في قلبه لوعة الحزن حتى إذا ما ولدت أختها “الزهراء” إبنتها الأولى فسماها زينب. نشأت زينب في كنف جدها وتوفي صلى الله عليه وسلم وهى في الخامسة من عمرها حزنت عليه حزناً شديداً، وتجمع الكثير من الرويات على أن فاطمة وهى على فراش الموت أوصتها برعاية إخوتها وأن تكون لهم أماً، ولما بلغت زينب سن الزواح إختار أبوها إبن عمها ” عبد الله بن جعفر” زوجاً لها الذي تجمع المصادر التاريخية على أنه كان عالي المكانة لدى معاصريه من بني هاشم وبني أمية عرف بالمروءة والكرم وسماحة الخلق ونبل الطباع لقب بقطب السخاء. كان لها مجلس علمى تقصده النساء اللاتي يردن التفقه في الدين وكانت بحق عقيلة بني هاشم، أنجبت من زوجها ثلاثة بنين”جعفر، علي، وعونا الأكبر” وبنتان “أم كلثوم وأم عبد الله”، بدأت السيدة زينت ترقب الأحداث السياسية من خلف الستار في دار الخلافة، فرأت والدها وهو يخوض المعركة تلو الأخرى في موقعة الجمل ثم صفين مع معاوية ثم الخوارج في النهروان، وبعدها توفي وتلاه أخاها الحسن وبعدها تهيأت زينب لترعى أخاها الحسين بعد أن رأى الخلافة تخرج من بيت النبي، رحلت معه إلى العراق واستشهد الحسين في موقعة كربلاء، وسيقت السيدة زينب مع الأسرى والسبايا فكان أبشع موقف شهده التاريخ فصاحت زينب “يا محمداه هذه بناتك سبايا وذريتك مقتلة”، لم تطق حفيدة رسول الله أن ترى أهل الكوفة يبكون الحسين وآله فقالت” أما بعد ياأهل الكوفة أتبكون فلا سكت العبرة ولا هدأت الرنة، وإنما مثلكم مثل التي نقضت غزلها من بعد قوة إنكاثاً، فابكوا كثيراً واضحكوا قليلاً فقد ذهبتم بعارها وشنارها، وكيف ترخصون قتل سبط رسول الله وهو سيد شباب أهل الجنة، أتدرون أى كبد فريتم، وأي دم سفكتم، وأي كريمة أبرزتم، لقد جئتم شيئاً إدا، تكاد السماوات ينفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا”. ومضت زينب رضى الله عنها حيث ذهبوا بها هي والسبايا من آل البيت الكريم إلى دار الإماره عند عبد الله بن زياد وهناك أخذت مجلسها في مهابة وإجلال قبل أن يؤذن لها في الجلوس، فسأل بن زياد من تكون وأعاد السؤال ولكنها لم تجيب واحتقرته، و أجابته أحد إيمائها هذه زينب إبنة فاطمة، فقال بن زياد “الحمد لله الذي فضحكم” وردت عليه الحمد لله الذي أكرمنا بالنبي صلى الله عليه وآله وطهرنا من الرجس تطهيرا، إنما يفضح الفاسق ويكذب الفاجر وهو غيرنا والحمد لله”، وأخذ زياد يتأمل وجوه السبايا حتى استقرت عيناه علي إبن الحسين فأراد قتله واحتضنته زينب فقال بن زياد عجبا للرحم، وأمر بترك الغلام وأن ينطلق مع نسائهم وسيقت الأسرى بعد ذلك إلى دمشق حيث وصلوا حضرة يزيد بن معاوية ودار بينه وبينها حديث طويل، ثم أمر يزيد بسفر أم هاشم كما كان يدعوها، وأنزلها وأهلها مكرمإ إلى المدينة في صحبة حارس أمين مع خيل وأعوان، وأرادت زينب أن تقضي بقيت عمرها في جوار جدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن بني أمية أبو عليها ذلك فقد كان وجودها في المدينة كافي لأن يلهب مشاعر الناس للأخذ بثأر الحسين، فطلب منها والي المدينة أن تخرج من المدينة فتقيم حيث تشاء، ورحلت إلى مصر في شعبان سنة61 هجرية، وتذكر المصادر العربية أن مسلمة بن مخلد الأنصاري والي مصر خرج لإستقبالها و كافة جموع المسلمين على مشارف مصر حتى إذا وصلت إلى الفسطاط لم تبرح حتى توفيت سنة62 هجرية. وقد ذكرت العديد من المصادر التاريخية أن قبر السيدة زينب من مشاهد الرؤية التي أقامها الفاطمين لحب آل البيت ، ولم يرد ذكر قبرها فى العديد من روايات شهود العيان من الرحالة الذين أتوا إلى مصر وكتبوا عن آثارها وتحدثوا عن مزاراتها، وبالطبع أهمها مشاهد تخص آل البيت، ومن أبرز هؤلاء الرحالة”بن جبير، الهروى، ياقوت الحموي، وبن دقماق المصرى، وخليل بن شاهين الزاهرى، وغيرهم”.