فى ظل ارتفاع تكاليف الزواج من شبكة ومهر وشقة واثاث..ومطالبات بعض الاسر غير المنطقية اطلقت مجموعة من الشباب حملات تحت عنوان "خليها تعنس وردا على تلك الحملة التى اثارت غضب الفتيات، دشن عدد منهن حملة مضادة بعنوان "خلَيك فى حضن امك"، ولكن بعيدا عن حملات السوشيال ميديا والحرب الالكترونية الدائرة بين الشباب والفتيات فأن هذه الحملات تكشف معاناة نحو 13 مليون شاب وفتاة تجاوزوا الخامسة والثلاثين من عمرهم دون زواج..وفقا لما اعلنه الجهاز المركزى للتعبئة والاحصاء، إلا أن الواقع والرقم الحقيقى يبدو أكثر مرارة من ذلك. وصلت أزمة تأخر سن الزواج وعزوف الشباب عنه الى مجلس النواب، وحذرت لجنة الأمن القومى من ارتفاع نسبة العنوسة بين الشباب وأكدت اللجنة أن العنوسة اصبحت قضية أمن قومى، لما تشكله من تهديد لكيان استقرار الأسرة والمجتمع من خلال الآثار النفسية السلبية، وانتشار الجرائم مثل الاغتصاب والتحرش بسبب الكبت الجنسى لدى الشباب، ولجوء البعض الى علاقات غير شرعية مثل الزواج العرفى مما يزيد من نسبة أطفال الشوارع وجرائم السرقة والقتل من أجل توفير متطلبات الزواج.. أصحاب المشكلة تقابلت "الاهالى" مع هؤلاء الشباب وسمعت روياتهم ومعاناتهم بداية من الخطبة فالمهر والشبكة ثم مصاريف المواسم والاعياد بعدها موال الشقة ومشتقاتها وتجهيزها والعفش والاجهزة الكهربائية.. "محمد ابراهيم"30 سنة يقول انه حاول الارتباط والخطبة أكثر من مرة، وفى كل مرة يكون الفشل هو حليفه الوحيد بسبب غلاء الاسعار والاعباء التى تلقى عليه عندما يتقدم لخطبة اى فتاة، فهو مدير لاحد محلات بيع ملابس الاطفال ويتقاضى راتبا 3000 جنيه شهريا وعندما يتقدم لاى فتاة السؤال الصعب الذى يواجهه من اهل العروسة هو"عندك شقة؟ وكتير من الاهل يرفضون فكرة الشقة ايجار جديد التى تكون محددة المدة، حتى الاهل الذين يوافقون على ذلك لهم طلبات كثيرة، ويقول: كل مرة أحاول أن استئجر شقة حتى ايجار قديم أجد المقدم أكثر من 100 ألف جنيه والايجار 600 جنيه شهريا والشقة بتكون على الطوب الأحمر يعنى عايزة توضيب ب100 الف كمان، ده غير العفش، حتى فكرة شقة الاسكان الاجتماعى قدمت من 4 سنين ولحد دلوقتى دفعت 25 الف جنيه ولا حس ولا خبر ولا أعلم عنها شئيا..فاحسن حاجة بلاها جواز !لانى حتى لو اتجوزت هافتح بيت ازاى، الزوج مسئولية كبيرة، هاصرف على بيتى منين وهاجيب عيال اكلهم واشربهم وادخلهم مدارس منين؟! "علاء زهران " 30 سنة يقول انا سافرت للسعودية من 7 سنوات وعملت مبلغ كويس ونزلت على أمل انى اتجوز وأكون أسرة زوجة واطفال ولكن المشكلة فوجئت بأسعار الشقق الفلكية كنت عايز اشترى شقة تمليك واخلص من فكرة الايجار ولكن لقيت أقل شقة فى منطقة عادية ب 300و400 ألف جنيه ولو كانت المنطقة كويسة يصل سعر الشقة الى نصف مليون ده غير المصاريف التانية تجهيز الشقة والشبكة والفرح وغيرها. ويقول: ذهبت لخطبة فتاة أهلها طلبوا شبكة 30 جرام دهب والجرام الواحد سعره يصل الى 650 جنيها يعنى حسبة 20 الف جنيه غير المصنعية..والمشكلة انى لم أجد عمل مناسب حتى الآن وخايف انى اصرف الفلوس اللى معايا ومعرفش اتجوز!يقول: ان المشكلة الحقيقية هى ارتفاع الاسعار بشكل رهيب، واهل العروسة يشترطون على العريس شراء كل حاجة على التمام، يشترط بعض الاهل ان الخشب كله على العريس ده بعد ما يجيب الشقة والشبكة والفرح والهدايا فى المواسم، واسعار الاخشاب نار، فمثلا اقل حجرة نوم ب20 و25 الف جنيه والسفرة تصل الى 20 ألفًا، ولازم نجيب حجرة اطفال لوحدها ب 15 الف جنيه، حتى المراتب لازم المراتب الجاهزة بعد ارتفاع اسعار القطن المرتبة الواحدة ب3000 جنيه. معاناة البنات أما "هند عباس" 30 سنة تقول انى لم اجد العريس المناسب حتى الآن، والبنت اليوم لم تعد مهمتها الجلوس فى البيت لانتظار ابن الحلال ويجب أن تختار العريس الكويس، وتكمل: أن اغلب الشباب يتقدمون للزواج طمعا فى دخل الزوجة خاصة إذا كانت تعمل فى وظيفة تدر عليها دخلا كبيرا ويحاولون ابتزاز اهلها بالمشاركة فى تاثيث منزل الزوجية، فمثلا يرفض اهل العريس ان يجيب هو الخشب والعروسة الاجهزة الكهربية والمطبخ ويعتقد انها لم تتكلف شيئا رغم ان الاجهزة الكهربية اسعارها مرتفعة جدا فمثلا اقل ثلاجة يصل سعرها ل10 آلاف جنيه، والمطبخ لوحده لا يقل عن 15 الف جنيه، فأهل البنت يدفعون دم قلبهم من أجل تجهيز بناتهم وليس الشباب وحدهم من يعانى من تكاليف الزواج، ولذلك سأظل رافضة للزواج حتى يأتى العريس المناسب وليس شرطا أن يكون معاه فلوس بس المفروض يكون عنده شقة اما الجهاز وتوضيب الشقة وغيرها حاجات مقدور عليها ممكن نجبها مع بعض. ومن جانبه أكد د"شريف الدمرداش" الخبير الاقتصادى ان هذه الحملة وغيرها من حملات المقاطعة هى مجرد انعكاس للظروف الاقتصادية الصعبة والاوضاع المتردية التى يعيشها قطاع عريض من الشباب مشيرا إلى انه لا يؤيد مثل هذه المبادرات لانها ليست حلا للمشاكل الزواج، ولكنها ترجمة للواقع خاصة فى ظل ارتفاع تكاليف الزواج وتمسك الاهل بتقاليد واعراف لم تعد مناسبة للظروف المعيشية الصعبة، فكيف يستطيع شاب فى بداية حياته أن يحصل على شقة بالاسعار الفلكية التى نسمع عنها 400 و500 الف، ويجهزها ويشترى شبكة ويعمل فرح..ولذلك نجد الشباب يعزفون عن الزواج مضطرين وليس بارادتهم، حتى الشباب القادر على الزواج من الناحية المادية يرفض الاقبال على الزواج انه يخشى المستقبل والدخول فى مشكلات وطلاق خاصة فى ظل المتغيرات التى حدثت فى المجتمع، فأصبح السمة العامة لدى الشباب هو التشاؤم من فكرة الزواج. وأوضح أن تأخر سن الزواج، وارتفاع نسبة الطلاق ظواهر فى المجتمع تحتاج الى تدخل عاجل وسريع من الدولة لحلهما حتى لا ينهار المجتمع مشيرا الى أن العزوف عن الزواج مشكلة قائمة قبل هذه المبادرات، ويجب ان تقوم الدولة بمساعدة هؤلاء الشباب عن طريق توفير سكن اقتصادى بشكل حقيقى أسعاره فى متناول هؤلاء الشباب مع الاستلام الفورى. ويحذر د"شريف الدمرداش"من خطورة ترك المشكلة بدون حل مؤكدا أن استمرار العزوف عن الزواج سيؤدى الى انحراف المجتمع وانهيار القيم والاخلاق. اسباب ثقافية ومن منظور اجتماعى ترى د"هدى زكريا" استاذ علم الاجتماع أن مشكلة تأخر سن الزواج لها اسباب اجتماعية ثقافية، وليست اسباب اقتصادية فحسب بدليل أن الطبقات الغنية يتم فيها الزواج والطبقات الفقيرة ايضا اما المشكلة فى الطبقة الوسطى فهى التى تشترط المهر والشبكة فى حين ان الوضع قديما كان مختلفا فالزواج كان يتم بأقل الاشياء"عش العصفورة"، ودبلة الخطوبة". وكشفت استاذ علم الاجتماع أن العنوسة فى مصر ليست نسائية بل رجالية مشيرة الى ان كل فتاة لم تتزوج هناك شابان مناسبان لها لم يتزوجا، ولكن فى مجتمعنا الذكورى يطلق على الرجال الذين لم يتزوجوا "عزوبية الرجال" اما الفتيات فهن عوانس. واكدت أنه لم يتم النقاش فى هذه القضية لفتح الباب لامثال الحاج متولى ولكى تقبل البنت أن تكون زوجة ثانية وثالثة ورابعة. واشارت أن معتقدات الاهل التى تحاول تحصين ابنتها عند الزواج بالشبكة والمهر والتعامل مع الرجل بانه الطير الذى يمكن أن يهاجر فى اى لحظة منطق خطأ لان الراجل ممكن يجبر زوجته بعد الزواج على ابرائه من كل شيء فى مقابل الطلاق حتى الشبكة التى حرص الأهل على إحضارها..ممكن أن الرجل يطلق زوجته طلاق شفوى وتعيش كالبيت الوقف كما يقال هل الشقة والعفش والشبكة هو المقابل.. وأضافت"زكريا"أن نظام الزواج فى ازمة حقيقية ويجب تدريب المقبلين على الزواج على تحمل المسئولية حتى لا ينتهى الزواج بالطلاق ويصبح لدينا ضحايا هم الاطفال نتاج الزواج..وطالبت الاهل ان يقبلوا الزوج القادر على تحمل المسئولية وتكوين اسرة بغض النظر عن النيش والسفرة والاربع حجرات لأن هذه الاشياء ثقافة وفلسفة عفى عليها الزمن خاصة فى ظل ارتفاع الاسعار، زمان كانت الشقة حجرة وصالة، وفى اليابان وامريكا الشقة نظام الاستوديو ونحضر فيها ما نحتاج اليه. واوضحت أن الحملات المنتشرة على مواقع التواصل عبرت عن الصراع الدائر فى المجتمع ولكنها ليست الحل لمشكلات الزواج. تفتيت المجتمع اما د"سامية خضر" استاذ علم الاجتماع بكلية التربية فأكدت ان مثل هذه الحملات هى عملية لتفتيت المجتمع. وطالبت وسائل الاعلام بتوعية الشباب والفتيات والاهل بأن يكونوا ايد واحدة مثلما كان الامر فى الستينيات الرجل يعمل والفتاة تساعده من اجل تجهيز بيت صغير ويكون الاهم من البيت بناء الاسرة قائمة على الحب والتفاهم من اجل بناء المجتمع. كما طالبت د"آمنة نصير"أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة اللأزهر وعضو مجلس النواب الاسر أن تكف عن المغالاة فى المهور والشبكة بهذه الصورة المؤسفة التى نراها التى لا ترقى الى حكمة، مشيرة الى أن بعد الزواج يمكن ان يتم استكمال ما يحتاج اليه الزوج والزوجة، وأوضحت أن تكوين الأسرة هي الضمانة الرئيسية لسلامة المجتمع وهي الوسيلة التي ارتضاها الله لنشأة المجتمع وتطوره. وأعلن النائب "فتحى قنديل" أن حملة "خليها تعنس" لها وقع سلبى على الفتاة المصرية، ولهذا كان هناك طرق أخرى كثيرة لمعالجة أزمة المبالغة فى الزواج دون إطلاق هذه الحملة بهذه العبارات الجارحة. وأشار قنديل، الى أن جميع الآباء يريدون تأمين مستقبل بناتهن ولكن ليس بالشكل القائم حاليا والمبالغة فى التكاليف بشكل كبير لدرجة أن هناك بعض الزيجات التى لم تكتمل لأسباب غير منطقية، ولكن الهدف الأساسى لدى كل الآباء يتمثل فى تأمين مستقبل الفتيات مع شاب يحفظها ويصون كرامتها ويوفر لها حياة كريمة. وأوضح عضو مجلس النواب، أنه مع الشباب فى طلباتهم المشروعة ولكن فى نفس الوقت يجب أن يكون هناك رقى فى التعبير عن الفكرة، حتى لا نجرح مشاعر الغير، منتقدا طلبات بعض الأسر بشراء شبكة ب30 الف جنيه والأساس المبالغ فيه.