فى ظل ارتفاع اسعار الذهب فى الأيام الأخيرة، نظمت مجموعات من الشباب وعلماء الدين حملة على مستوى الجمهورية ، لإلغاء «الشبكة» التى تتعدى فى بعض الأحيان 250 ألف جنيه ، فبدأت ثورة شبابية بالقرى والمدن بالمحافظات، بتنظيم الحملات لإلغاء الشبكة والمهر الكبير لتسهيل أمور الزواج ، حيث تم تنظيم لقاءات مع كبار العائلات لتسهيل الزواج.والاقتصار على الدبلة فقط وإضافة خاتم حسب إمكانات الشاب ،بعد أن عزف الشباب عن الزواج ، وارتفعت نسبة العنوسة بين الفتيات لدرجة غير مسبوقة، وبلغ معدل العنوسة 17٪ من الفتيات، يمثلن 10,5 مليون فتاة وتزداد في الحضر بنسبة 38٪ يليها المناطق الحدودية بنسبة 30٪ ثم الوجه البحري بنسبة 28٪ والوجه القبلي 25٪ ، بينما يطلب علماء الدين وكبار السن بالتسهيل وفقا للدين والسنة النبوية مستنكرين بدعة المغالاة فى الشبكة وتكاليف الزواج. ...................................................................... ويرى الدكتور مسعد عويس رئيس جهاز الشباب سابقا أن موضوع الالتزامات الخاصة بزواج الشباب فى الوقت الراهن وموضوع الشبكة وارتفاع سعر الذهب مشكلة حقيقية تواجه الشباب ، فضلا عن موضوع المهر و تأسيس بيت الزوجية، وأنه فى ضوء خبرتى فى العمل الاجتماعى والتربوى أعرض لكم خبرات الجيل الذى أنتمى إليه حيث كنا نقدم مهرا رمزيا قد يصل إلى 25 قرشا ،بالإضافة إلى دبلة الخطوبة بأرخص الأسعار سواء من الذهب أو الفضة. و كان هذا هو المناخ السائد و كان العروسان يتعاونان فى تأثيث بيت الزوجية فى أضيق الحدود حتى يتقدما فى العمل ويتم استكمال تأثيث المنزل خطوة بخطوة. وكان هذا هو المناخ السائد فى فترة السبعينيات.وقال: لا أطالب شباب اليوم بأن يلتزموا برؤية الجيل الماضى ولكننى أرجو منهم أن يرسموا مستقبلهم فى ضوء الظروف التاريخية و الاقتصادية التى نعيشها. وأهم شىء هو حسن الاختيار من الطرفين والتوافق العاطفى .وإنه يمكن أن يتم الارتباط بأشياء رمزية لا ترهق الطرفين ماديا حيث إن بناء بيت الزوجية (طوبة طوبة) يكون بالمشاركة بين الطرفين وهذا يمثل قمة السعادة لهما. كل ما أتمناه أن يسود مناخ التعاون والمحبة والوفاق.وأرجو من الكبار ألا يتدخلوا لفرض شروط صعبة ، وكل ما أرجوه أن يتيحوا للعروسين فرصة رسم مستقبلهما فى ضوء رؤيتهما. وترك المغالاة التى تتعمدها الأسر فى أسعار الشبكة والمهر وكثير من المطالب التى تعجز الشباب فالزواج اساسا يقوم على العلاقة الطيبة قبل الأموال والشقة والشبكة والمهر وغيرها ، وهو أمر مرهق جداً لأى شاب مقبل على الزواج، وأنه يتمنى من الأهالى الاقتناع بمثل تلك الأفكار الجديدة لرفع شعار «لا لشكليات الزواج ولا لغلاء المهور»، حيث إنها فكرة عظيمة وتريح الطرفين والأسر من مشكلات الاستدانة . حملة الشباب وقال إن الحملة التى يتبناها الشباب الواعى لاتهدف لإلغاء شراء الشبكة فقط، ولكن لتصحيح المفاهيم وتغيير العادات المتخلفة التى عشناها سنين طويلة ، ومهما كان المستوى المادى للعريس ، يجب أن يتم التمسك بهذا التوجه الواعى للشباب ، ويمكن أيضا إلغاء أشياء أخرى فى عش الزوجية ولو مؤقتا مثل غرفة الأطفال حتى تتحسن الظروف وان يكون هناك تسهيل فى المهر أو بالمشاركة بين العروسين وتتركز على الأساسيات الضرورية فقط، أما بالنسبة لقائمة الزواج فيمكن يكتب فيها كل شئ حتى لو طلبت أسرة العروس ضمانة لبنتها بكتابة الذهب، لأنه حقها الطبيعى، ولكن مع الاكتفاء بالخاتم والدبلة فقط لتيسير الزواج، صحيح أن إقناع الأهالى يحتاج الوقت الكافى مثل أى فكرة، لكنهم لابد أن يستجيبوا لها حتما لحل أزمة الزواج، فالحياة الزوجية فى بدايتها تكون صعبة ومع الأيام تصبح أسهل ، وعلى أهالى البنات أن يفهموا إن أهم شئ هو راحة ابنتهم وسعادتها، لأن السعادة لا يحققها الذهب ولا المظاهر ، فالسعادة ليست بالذهب ، ولا نجد فى أى دولة متحضرة هذا التفكير فهو من العادات والتقاليد لدينا ، لذلك يجب أن يقوم الأولاد والبنات بإقناع الآباء لتغيير مفهومهم القديم ، ويجتمع أهل الشاب والفتاة ويتفقوا على الدبلة بدون مهر والفرح فى الشقة أو حتى أمام المنزل مثل المناطق الشعبية. ليس هناك ضرورة لقاعة أفراح أو شراء شقة تمليك ، وهنا ينجح الشباب فى تغيير مفهوم الآباء. مصاعب الزواج وتقول الباحثة الاجتماعية ميرفت حسن، إن الشبكة ليست محور الزواج ، ومع الوقت تتحسن الظروف وتتوفر كل الإمكانات ، فكل إنسان له طاقة وليس من العقل أن نخنق العريس ، حتى لا يتعطل وتكون الزيجة كارثة وذنبا يدفع ثمنه كل يوم فى حياته وربما لايستطيع ، فالسعادة والاستقرار أساس الزواج فعلا وليس الأموال أو الذهب ،لذلك اعتبر أن الشباب الذى تبنى هذه المشكلة شجعان فيجب ألا تنظر البنات للذهب على حساب السعادة ، وهى مبادرة مهمة جداً للظروف الصعبة التى تمر بها البلاد، ويجب أن تمتد المبادرة حتى جهاز العروسين بالاستغناء مثلا عن النيش والصينى الذى لا يستخدمه أحد ، وهذا أيضا للعروس وأهلها الذين يستدينون أو يبيعون ممتلكاتهم من أجل زواجها وحتى أصحاب المعاشات يستدينون لزواج أولادهم فالطرفان يشتريان ما يقدران عليه ، وليس هناك ضرورة لأشياء كثيرة مع بداية الزواج، وكل هذا لا يقلل من قيمة العريس أو العروس، لكن لابد من اختيار الأساسيات فقط وتكفى لكل منهما الزوجة الصالحة أو الزوج الصالح ، فالذهب الحقيقى هو البيت المستقر والزوج الصالح. وتضيف أن الزواج فى الوقت الحالى يعتبر من المصاعب الكبيرة التى تواجه الشباب، وبعد ارتفاع سعر الذهب الخيالى للجرام الواحد أصبح الزواج من المستحيلات، فمن من الشباب قادر على شراء شبكة بملبغ يزيد على 50 ألف جنيه، وشقة لا يقل ثمنها عن 150 أو 200 ألف جنيه، ثم تكاليف حفل زفاف وخطبة وتجهيزات للشقة بما لا يقل عن نصف مليون جنيه؟! ولكن تظهر المشكلة أكبرفى القرى المصرية مما يتطلب دعاية وتوعية للمجتمع وإنقاذ الشباب من هذه العادات البدائية التى لا تناسب العصر لتحقيق الزواج الميسر، والبعد عن المغالاة والتكاليف المرتفعة التى ترهق الأسرتين.وأن يعود المجتمع لماضيه الذى يسير على نهج النبى صلى الله عليه وسلم، للتأكيد على أن قيمة الزواج فى الوفاق وليس فى دفع الأموال الطائلة، كما لو كان العريس يشترى العروس بالذهب والمال .وكل هذا لن ينجح دون اجتماع للكبار فى القرى والمدن وأئمة المساجد لإقناع الأهالى بإلغاء الشبكة لتسهيل الزواج ، برغم أن الفكرة لاقت إعجاب الكبار والشباب، خاصة بعد اقتراب سعر جرام الذهب من 450 جنيها ، والذى يمثل عقبة كبيرة أمام جميع الشباب المقبل على الزواج.ومازالت أسر خاصة بالقرى تطلب لبناتها 100 جرام ذهب فى الشبكة، ويعتبرونه من العيب ألا يقدم العريس أقل من هذا وفى بعض المراكز بوجه بحرى يصل ثمن الشبكة 230 ألف جنية، حتى بعد ارتفاع سعر الذهب وتلتزم العروس وأهلها بتقديم هدية غالية لأم العريس وهذا تعذيب للطرفين معا. تداعيات المشكلة ويشير الدكتور رفعت الضبع أستاذ الإعلام التربوى إلى أنه يجب التيسير على المقبلين على الزواج وهو مطلب شرعى فى ظل غلاء الذهب، مما يصعب توفيره للشباب مع الفقر الشديد ، والاستدانة.فالمغالاة فى مظاهر الزواج تزيد العنوسة وتنشر الفاحشة والتحرش والقلق النفسى والضغط والأمراض النفسية .كما تعد العنوسة من اخطر القضايا التي تؤرق المجتمع اذ بلغ عدد غير المتزوجين في مصر 13 مليون شاب وفتاة تجاوزت أعمارهم 35 عاما ، منهم 10.5 مليون فتاة و 2.5 مليون شاب وقد تسببت مشكلة العنوسة في حدوث مشكلات اخري ومنها التدخين والادمان والسرقة وانتشار بعض الظواهر المرفوضة دينيا واجتماعيا مثل الزواج السري والعرفي بالإضافة الي اصابتهم بالأمراض النفسية والعصبية ويرجع أسباب تفاقم مشكلة العنوسة الي ضعف الوازع الديني مع انتشار الامية وارتفاع المهور وعدم قدرة الشباب علي تحمل تكاليف الزواج ووضع الشروط التعجيزية من جهة اهل الفتاة وقلة عدد الرجال الراغبين في الزواج وزيادة عدد مواليد الاناث عن الذكور وغلاء المعيشة وصعوبة الحصول علي مسكن وانشغال بعض الفتيات بالعمل والغزو الثقافي الهدام الوافد من خلال وسائل الاعلام والانفلات الأخلاقي في الدراما المصرية والخلط في مفهوم الزواج وانتشار بعض العادات البالية والأفكار الهدامة وانتشار الإرهاب .فالذهب ليس فريضة شرعية .فالشبكة تقدم عند الزواج، وتعتبر جزءا من المهر، حتى وإن تم فسخ الخطوبة فإن العريس يستردها لأنها جزء من المهر، فالمغالاة فى المهور ليس من الإسلام، وقد أوصى الرسول الكريم، بالتيسير فى الزواج. ولذلك فإن خطباء المساجد عليهم دور فى مواجهة هذه الأزمة الاجتماعية الخطيرة. وقال إن ثمن الشبكة الذى أصبح خياليا الآن يمكن استخدامه فى تجهيزات أخرى يحتاجها الزواج ، ليتمكن الشباب من إعداد باقى المتطلبات ، فالأهل هنا مطالبون بأن يختاروا «أصحاب الخلق والدين» للزواج من بناتهم كما قال الرسول الكريم، وهناك مؤشرات لنجاح الفكرة فى قرى الصعيد والوجه البحرى خاصة بين الشباب المتعلم وزيادة الوعى بينهم . إضافة لخوف الأسر فى الصعيد والوجه البحرى من ارتفاع حالات العنوسة بين الفتيات ، مما جعلهم يتنازلون عن شرط الشبكة الذهب للفتاة ، ويؤكدأيضا ارتفاع مؤشرات الوعى فى القرى والنجوع وتغير نظرتهم تجاه العادات والتقاليد فى ظل الظروف الإقتصادية الصعبة التى يعيشها المجتمع الآن والتى ستزيد من ارتفاع نسبة العنوسة وانتشار ظاهرة التحرش والإغتصاب، وهى ظواهر مخيفة للأسرة المصرية ،خاصة وأن الذهب يمكن أن يعرض الفتاة للخطف أو حتى القتل بسبب الحالة الاقتصادية الصعبة.وحتى لا يصبح الزواج مثل فريضة الحج (لمن استطاع إليه سبيلا). أما الدكتومحمد الشحات الجندى أستاذ الشريعة الاسلامية وعضو مجمع البحوث الإسلامية فيؤكد أن الشبكة تندرج ضمن الهدية التى يقدمها الخاطب لمخطوبته ، وبالتالى فإن حكمها مستحب ، يثاب فاعلها ، ولا يعاقب تاركها، لكن يلاحظ فى الآونة الأخيرة المبالغة من جانب البعض فى قيمتها بدرجة كبيرة ، تؤدى إلى عجز الشباب عن الاستمرار فى الزواج ، خاصة فى الظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها البلاد ، لتظهر المفاسد والانحرافات ، فمقصد الشريعة الاسلامية ، هوالترغيب فى الزواج ومكافحة العنوسة ، مما يتوجب معه الانصراف عن المغالاة فى الشبكة ، لتكون رمزية وأقرب إلى مقاصد الشريعة الإسلامية ، ومما يتفق مع قول الرسول الكريم « أقلهن مهورا أكثرهن بركة «، بالنظر للواقع الذى يعيشه الشباب فى هذه الآيام مع ضعف الإمكانات المادية للمقبلين على الزواج ، والذين لا يحصلون على عمل إلا بالكاد ،فتقليل تكاليف الزواج أصبح ضرورة دينية وأخلاقية ، ويحض عليه الشرع ، ذلك لأن الزواج يحض على العفاف ، لذلك أيضا فإنه يجب تحية الأسر التى تستجيب لهذه المبادرة التى تحيى قيمة الأسرة والقيم وتسد وسائل الإنحراف، فالشبكة ليست من أساسيات الزواج بل هدية يعطيها الخاطب لخطيبته، وعند فسخ الخطوبة تعود للخاطب، وإذا كان الفسخ بعد العقد يعود نصفها، وإذا دخل بها تبقى للزوجة. أى أن الشبكة هنا هى عملية اجتماعية ، والشرع لم يضع شكلا وحدودا معينة فى هذا الجانب بل تخضع لعادات المجتمعات والأفراد وظروفهم الاقتصادية.