حرصًا على هدوء وروية كنت اسعى اليهما فقد اخترت ان يكون هذا المقال بعد الإعلان الرسمى من الهيئة الوطنية للانتخابات لنتائج الانتخابات الرئاسية 2018، وقد أثارنى جدل بين الاصدقاء حول موقفنا من المشاركة بل والدعوة بقوة الى مشاركة الجماهير المصرية فى الانتخابات الرئاسية الجارية وفى المقابل كانت دعوة بعضهم وكثير من- الخصوم – للمقاطعة تحت مبررات يرون انها صحيحة وهذا حقهم بالقطع لكن بالتأكيد فحقنا ان ندافع عما نعتقد انه صحيح. وقبل ان نخوض فى مبررات ودوافع موقفنا، فإن عددا من الحقائق لابد ان نتذكرها ربما لان ذاكرة البعض قد اصابها سوء. الأولى: أن حزب التجمع منذ ان تأسس على يد خالد محيى الدين ورفاقه خاض معارك الوطن من عام 1976وحتى الآن، واتخذ مواقف فى كل منعطف وكل خطوة اتفق معه البعض واختلف البعض الاخر وهذا حقهم، فمواقف التجمع دوما ملكا للوطن لانها من اجله ولا يمكن ان ننسى موقف التجمع الذى عارض منذ اللحظة الاولى مبادرة السادات للصلح المنفرد مع اسرائيل وكان موقف التجمع جذريا ومبدئيا وتحمل طوفانا من النقد والتجريح من اطراف سياسية آنذاك، وظل صامدًا ولم يقابل هؤلاء الخصوم بالتجريح المتبادل لاننا نؤمن حقا بالديمقراطيه ايمانا راسخا تعلمنا إياه من الاستاذ خالد محيى الدين. ثانيا: حزب التجمع عندما يتخذ موقفا ما يدرك بالقطع أنه لن يلقى إجماعا بين القوى السياسية فى ذات الوقت لكنه يدرك ايضا ان كل مواقفه بدوافع وطنية مجردة واثبت التاريخ صحتها وعلى سبيل التذكرة ايضا فقد كان التجمع هو الحزب الوحيد فى مصر الذى كشف مبكرا عوار الجماعات المتأسلمة ورفضها جذريا ورفض التعاون معها فى حين عارض البعض موقفنا وذهب الى التعاون معها بل التحالف الكامل والذى بلغ حد التماهى مع مواقف جماعة الاخوان الارهابية، وصبوا غضبهم على التجمع ورموزه بدعاوى شديدة الغرابة منها أنه يشق الصف الوطنى فى رفضه للإخوان ووصل الامر قمته حينما انهالوا على التجمع سبابًا لا لشىء سوى لانه كان يملك موقفا مبدئيا وصارما ضد كل اشكال استخدام الدين فى السياسة. ونحن نتساءل ما هو موقف هؤلاء بعد ثورة يناير ولماذا لم يمتلكوا جرأءة الاعتراف العلنى بالحقيقة بأن التجمع كان على حق وكشف كزرقاء اليمامة مصير مصر على ايدى هؤلاء الارهابيين بينما هم فى ابسط تقدير لم يوفقوا فى قراءة المشهد. هذه المواقف ليست كل ما نتذكره فتاريخ التجمع ملىء بامثالها لكننا فقط نذكرهم ولا نحصر مواقفنا. والآن ياتى الموقف من الانتخابات الرئاسية، وما أشبه الليلة بالبارحة وكان موقف التجمع واضحا منذ البداية داعيا الجماهير الى المشاركة الايجابية كما دعا إلى التصويت للمرشح عبد الفتاح السيسى واصدر بيانا شاملا يوضح وجهة نظره ويضع مطالب محددة لرئيس الجمهورية فى دورته الثانية، وفقا لبيان الآمانة العامة للحزب الصادر فى 27يناير الماضى والتى على رأسها مطالب واضحة بتحقيق مطالب ثورتى يناير – يونيو فى العدل الاجتماعى والحرية والكرامة الإنسانية وتجفيف المنابع الفكرية للارهاب – لكن البعض لا يريد ان يقرأ و لا يريد ان يعترف. وبعيدا عن الخوض فى تفاصيل الماضى القريب، التى هى بالقطع كاشفة جدا لكننا نؤمن دوما فى حق الجميع فى التعبير عن رايه فهذا حق بل وواجب بينما الاخرون لا يرون – احيانا – أن هذا حقنا ويسعون للتشويه دونما منطق او حجة مقنعة. نحن ندعوا للمشاركه لاسباب عديدة منها وعلى راسها ان مصر منذ ثورة يناير شهدت اهتماما واضحا من الجماهير بصناديق الاقتراع وبدرجات مختلفة وفقا لكل عمليه انتخاب او استفتاء ونحن كحزب سياسى بالقطع من مصلحتنا تعزيز تلك العلاقة وهذا الارتباط بين الناخب وصندوق الاقتراع. ثم أن المشاركة القوية التى نتمناها ونسعى اليها لا تصب فى صالح المرشح الرئاسى الذى نعتقد ان فرصه كبيرة للغاية، فهو يخوضها عمليا دونما منافسة قوية لكن تلك المشاركة من المؤكد انها ستعزز من دعم الدولة المصرية وترسخ دعائمها فى مواجهة استهداف ارهاب جماعات ودول – لا ينكره سوى ضعاف البصر او من يدعمونه. بالإضافة إلى ذلك، فاننا نعتقد ان الجماهير التى خرجت الى صناديق الاقتراع بعد عقود من السلبية ان انقطعت فى لحظة كتلك اللحظة الحرجة فلن تعود مرة اخرى بسهولة وعلى المدى القريب. إننا ندرك جيدا متى تكون المشاركة ضرورية ومتى تصبح المقاطعة والنضال من اجلها واجبا وطنيا وسياسيا يفرضه ظرف موضوعى مناسب، وذلك ما حدث فى انتخابات الرئاسة 2005 والتى جاءت وفقا لتعديل دستورى مشوه للمادة 76من دستور 1971وللاسف حينها شارك فى مسرحيه غير دستورية بعض من يدعون الان للمقاطعة بينما قاطعنا نحن احتراما للشعب ولدستوره الذى انتهك. ورغم الاختلاف – الطبيعى – فى اساليب العمل السياسى واولوياته بين الاطراف المختلفه لكننا امام حقيقه على الجميع ان يعترف بها ان التجمع لم ولن يسلك مسار الاخرين اذا اختلفوا معه او حوله فى التشويه والتذكير بنواقصهم ومواقفهم الخاطئة لاننا فى التجمع لم نتعلم هذا المنهج لأنه منهج للردح وليس للعمل السياسي!.