انتهت قبل أيام إعادة انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشوري علي عشرة مقاعد وأسفرت عن اكتساح لمرشحي الحزب الوطني وكالعادة وقعت العديد من الانتهاكات والتجاوزات في كثير من الدوائر الانتخابية لتحقيق ماسعي إليه الحزب الحاكم من نتائج وبناء عليه جاء أول رد فعل من قوي المعارضة بالدعوة إلي مقاطعة الانتخابات القادمة باعتبار أن ماحدث في انتخابات الشوري ماهو إلا مؤشر واضح وصريح وتجربة مصغرة لما هو آت ومن هنا استطلعت «الأهالي» رأي الاحزاب للتعرف علي موقفهم التالي وهل سينجح سلاح المقاطعة كآلية ضغط علي الحكومة لضمان انتخابات أخري قادمة بها مزيد من النزاهة والشفافية. «لم تكن هناك انتخابات أجريت من الاساس» أول جملة جاءت علي لسان «عصام العريان» عضو مكتب إرشاد الاخوان المسلمين، والذي يري أن ماحدث من تسويد للصناديق ومنع للمراقبين بهذه الصورة الفجة هو أكبر دليل علي عدم وجود النية لدي النظام للاستجابة لأي ضغط حول سلامة العملية الانتخابية، ولا حتي قدر معقول من الحيادية وماحدث لم يكن مؤشراً فقط للانتخابات القادمة ولكنه مؤشر لمستقبل بلد بأكمله ليسد باب الأمل في حياة حقيقية للمواطن مما يضطره لعدم المشاركة ويتوقع «العريان» أن ماحدث سيكون بمثابة الكارثة علي هذا المواطن ويتحمل مسئوليتها الحزب الوطني ومعه القوي السياسية في البلد والتي سمحت له بتوزيع المقاعد كما يشاء في مقابل الرضا والصمت منهم!! ويري في المقاطعة الحل الأهم ولكن في حالة عدم الاجماع عليها فعدمها أفضل وإن كانت المشاركة ايضا فعالة فهي التي تكشف عن وجه النظام، ويتذكر «العريان» انه لولا خروج حزب التجمع عن مقاطعة انتخابات عام 1990 لأصبحت فعلا آلية ضغط ناجحة. «للمشورة فقط» وفي نفس السياق يوضح «حسين عبدالرازق» عضو المجلس الرئاسي بحزب التجمع موقف الحزب في المقاطعة فيقول انه تمت الدعوة للحزب من «مصطفي مراد كامل» رئيس حزب الاحرار وقتها للاجتماع في منزله وقد لبي «التجمع» الدعوة وذهب «خالد محيي الدين» رئيس الحزب وقتها ومعه شخص «حسين عبدالرازق» ليفاجآ أن احزاب «الوفد والعمل والاخوان المسلمين» قد اتفقوا مسبقا دون مشاورة حزب التجمع في هذه المقاطعة فيما بينهم وكانت دعوة التجمع وقتها للانضمام فقط ورغم وجود ميل من «خالد محيي الدين» للمقاطعة، إلا أنه لا يملك اتخاذ القرار منفردا وبالتالي أجري اتصالا تليفونيا مع «رفعت السعيد» أمين عام الحزب وقتها وطلب منه دعوة الأمانة العامة للانعقاد لبحث الموضوع وفعلا انعقدت ودار النقاش وكان هناك اتجاهان الاول يدعو للمقاطعة والثاني يدعو لخوض الانتخابات ومع التصويت انتصر الاتجاه الثاني بأغلبية اصوات 24 صوتا مقابل 16 صوتا فقط دعا للمقاطعة وهنا خاض «التجمع» انتخابات عام 1990 والتي شهدت كالعادة تزويرا في عدد الدوائر ولكن ومع مرور خمس سنوات وحلول 1995 خاضت نفس الأحزاب التي قاطعت عام 1990 الانتخابات في نفس الظروف والاوضاع مما جعل «فؤاد سراج الدين» يعلن أمام الجميع ان «موقف التجمع كان صحيحا وأخطأ الوفد لمقاطعته». «عامل سلبي» وعن موقف حزب التجمع من المقاطعة يقول «عبدالغفار شكر» عضو المجلس الاستشاري للحزب «ان الحزب يرفضها كآلية لأنها عامل سلبي، والمشاركة أجدي وبما أن «التجمع» حزب له تاريخ فيمكنه الضغط لاصدار قانون جديد لمباشرة الحقوق السياسية ووضع ضمانات لنزاهة العملية الانتخابية ولكن ومع الأسف «الحكومة مبتعبرش حد»!! ويؤكد «شكر» انه لنجاح سلاح المقاطعة لابد أن يكون بالاجماع دون أي انشقاقات حتي يحرموا النظام الحاكم من اضفاء الشرعية علي الانتخابات وان لم تأت المقاطعة بثمارها فعلي الاحزاب تنظيم صفوفها والتنسيق فيما بينها لتقديم مرشح واحد يمثل المعارضة في كل دائرة لتقليل محاولات تزوير الأصوات. «ضمانات دستورية» أكد «أسامة الغزالي حرب» رئيس حزب الجبهة الديمقراطية أن انتخابات الشوري الأخيرة اثبتت صحة موقف الحزب منها ومن المقاطعة خاصة بعد استحواذ الحزب الوطني علي كل المقاعد «بالبلطجة والعنف» حتي انهم لم يتركوا سوي الفتات للاحزاب ويري في مشاركة الاحزاب عدم الجدوي بل بالعكس تعطي شرعية لعملية انتخابية افتقدت بالقطع الشرعية ويصف «الغزالي» المقاطعة بانها ليست «فوضوية» ولكنها آلية ضغط علي الحكومة لنأكد من خلالها انه طالما غاب الحد الادني من الشفافية والنزاهة للعملية الانتخابية فالمقاطعة هي الافضل. «إرادة الناخبين» يري «منير فخري عبدالنور» سكرتير عام حزب «الوفد» ان انتخابات التجديد النصفي الاخيرة لمجلس الشوري لم تأت بجديد فقد جاءت نتائجها لتعبر عن ارادة من يجريها وليس ارادة الناخبين وماهو قادم سيكون مثلها تماما ويؤكد أن المقاطعة في هذه الظروف مجرد فكرة نظرية بحتة بسبب الانشقاقات داخل الأحزاب. وعن موقف حزب «الوفد» من المقاطعة يقول انه إذا ضمن مقاطعة كاملة للانتخابات سوف يقاطع لانه مجرد التفكير الفردي في ذلك وبلا تنظيم هو بمثابة ارتكاب لخطأ فادح اذا لم يتعدل الدستور في المادة «88» منه والخاصة بالاشراف القضائي علي العملية الانتخابية. «خروج علي النص» ويختلف موقف «حزب الوسط» بعض الشيء عن الوفد حيث يقول «أبو العلا ماضي» وكيل مؤسسي الحزب إن المقاطعة أقوي رد علي ماحدث في انتخابات الشوري وعدم التواجد المطلوب للإشراف القضائي هو تجاوز غير مقبول وينادي بمقاطعة أي حزب يخرج في الاساس علي نطاق مقاطعة الانتخابات القادمة لانه بذلك يفسد محاولة الاصلاح الديمقراطي الذي تسعي له الاحزاب الاخري ولابد من اجماع كل القوي السياسية في أي قرار حتي يصبح ذات قيمة عند تنفيذه! الخطيئة الكبري أما «ضياء رشوان» الخبير السياسي بمركز الاهرام للدراسات الاستراتيجية والسياسية فيري أن النجاح الكاسح للحزب الوطني امر معتاد وغير لافت للنظر وانما الاهم هوالنتائج والظواهر التي يجب الانتباه اليها لانه سيكون لها تأثير مباشر وخطير علي مجمل التطور السياسي والانتخابي في البلاد خلال العامين الحالي والقادم مما يتطلب من القوي السياسية والاجتماعية الحريصة علي مستقبل البلاد أن تتخذ مواقف وخطوات محددة للمواجهة واهمها حال المعارضة ونسبة مشاركتهم الضئيلة جدا وعن هذا الوضع حدث ولا حرج فالأمر هنا يتعلق بالقوتين السياسيتين الكبريين في معسكر المعارضة الا وهما حزب الوفد الشرعي وجماعة الاخوان المسلمين المحظورة فقد أتت النتائج النهائية بسقوط كل مرشحي القوتين وهم نحو 15 للأخوان و7 للوفد بدون وصول أي منهم لجولة الإعادة بأعداد اصوات قيل انهم حصلوا عليها لاتبعث فقط علي الخجل ولكن عند مقارنتها بما قيل ان منافسيهم من الوطني قد حصدوها وهنا تبعث ايضا علي الرثاء لهاتين القوتين اللتين اعتقد المصريون ومعظم المحللين للشأن المصري انها الكبريات في قوي المعارضة مما أكد ان مصيرهم الانتخابي لم يعد بيد الناخبين بقدر ماهو بيد من يدير الانتخابات بل من يدير البلاد كلها وانه اتخذ قرارا مركزيا باستبعادهما التام في أي مجلس منتخب في مصر هذا فيما يخص الاخوان أما حزب الوفد فقد ارتكب علي مايبدو خطيئة الكبري قبل ايام قليلة من انتخابات الشوري عندما تجرأ وأجري انتخابات ديمقراطية شفافة لرئيسه فأتت برئيس جديد له بينما فشل رئيسه السابق والذي اجريت الانتخابات تحت اشرافه في تجديد رئاسته بمن فيهم من قيادة الحزب الوطني الذي لا يعرف مثل هذه التقاليد الديمقراطية بانه تحد له واحراج لمكانته أمام المصريين جميعا فلم يكن هناك من سبيل لرد صفعة الوفد الديمقراطية سوي بصفعة انتخاب تحرج قيادته الجديدة في أولي خطواتها الامر ليس مجرد رد لصفعة بل محاولة من الحزب الوطني الحاكم ل «ذبح القطة» للقيادات الوفدية الجديدة حتي تتمهل في إدارة حزبها وتحسب ألف مرة مواقفها السياسية والانتخابية من الحزب الوطني وحكومته وتتوقف عن احاديثها حول تحويل الوفد الي حزب جامع لمختلف القوي السياسية المحجوبة عن الشرعية والمعروفة بمواقفها الجذرية في معارضة النظام السياسي الحالي. وفي النهاية يؤكد «رشوان» انه علي المعارضة التحرك بالتنسيق فيما بينها وعقد لقاءات جادة تناقش فيها الموقف الجماعي الموحد الذي يجب ان تتبناه خلال الاستحقاقات الانتخابية القادمة وشروطها الديمقراطية الواضحة لخوضها أو جديتها الكاملة في مقاطعتها التامة. «الوصول للجمهور» ويرجع «توحيد البنهاوي» عضو المكتب السياسي «بالحزب الناصري» اكتساح الحزب الوطني للانتخابات واستحواذه علي معظم المقاعد إلي اتساع الدوائر وتدخل الاجهزة التنفيذية والأمن فيها حتي نسبة ال 1/3 المعينة من قبل الحكومة اصبحت لمرشحي الحزب الوطني ايضا وهو الأمر الذي يوضح أن فوز أي معارضة للانتخابات سيكون بطريقة غير سوية. ويؤكد انه لا يوجد أي حزب سياسي يقاطع الانتخابات طواعية وإنما يفرض عليه المقاطعة لفترات معينة في حين نجد أن هذه الفترات هي الأهم للوصول للجمهور في ظل عدم المسموح به من اقامة أي مؤتمر أو اصدار أي بيان. وفي نهاية كلامه يري «البنهاوي» ان احزاب «التجمع والوفد والناصري» يسعون لايجاد مناخ أفضل للعملية الانتخابية بطرق لاتحتاج إلي أي تعديل دستوري وانما يطالبون بوجود منظمات المجتمع المدني واعطائها صلاحية المراقبة لضمان أعلي نسبة من النزاهة والشفافية للعملية الانتخابية. ولم يقف كشف المستور عند الناخبين والاحزاب فقط وانما وصل إلي منظمات حقوقية مختلفة حيث اعلنت المنظمة المصرية لحقوق الانسان جملة من الانتهاكات التي ظهرت في الانتخابات الاخيرة ومنها منع مراقبيها من دخول مكاتب الاقتراع في محافظات مختلفة وكذلك منع الناخبين من الاقتراع وقابل ذلك ظاهرة تصويت جماعي لصالحي مرشحي الوطني وتسويد البطاقات.